الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القصة الكاملة لبناء جامع الوادى المقدس طوى وحقيقة صاحبة السلطان المملوكي.. صور

صدى البلد

كشفت دراسة علمية للدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أسرار بناء جامع الوادى المقدس طوى،والموجود داخل أشهر أديرة العالم وهو دير سانت كاترين.

وقال ريحان لموقع صدي البلد:المسجد اعتبره علماء الغرب ظاهرة غريبة أبهرت الشرق والغرب،ونظر إليها مؤرخى الغرب بشئ من الدهشة والاستغراب والروعة التى سجلوها فى كتاباتهم،وهى وجود جامع داخل دير مسيحى وهو الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين.

وأكد ريحان أن مؤرخى الغرب من المسيحيين أثناء رحلتهم المقدسة إلى القدس عبر دير سانت كاترين شاهدوا الجامع،وأبدوا إعجابهم بالتسامح بين الأديان فى مصر،ومنهم ليوناردو فرسكويالدى الذى زار الدير عام 1384م.

وقال ريحان أن شدة الانبهار بهذه الظاهرة دعت بعضهم لنسج حكايات خرافية حول بناء الجامع كلها مغالاطات تاريخية،ليقللوا من شأن هذا التسامح بربط بناء الجامع بحادثة تعدى على الدير،وهي ليس لها أى أساس تاريخى أو أثرى،لدرجة أن كل من ذكر هذه القصة بدأها بكلمة طبقًا للحديث المتواتر بين شخص وآخر بمبدأ"بيقولوا".

وأضوح أن المؤرخ جالى نشر فى كتاب له عام 1985 عنوانه"سيناء ودير سانت كاترين"،ناقلًا عن الكاتب نعوم شقير صاحب موسوعة تاريخ سيناء الذى كتبها عام 1916 قصة ليس لها سند أثرى،وهى أن الحاكم بأمر الله أراد أن يهدم الدير ولكن الرهبان أخبروه أن به جامع،وقاموا ببناء الجامع بسرعة داخل الدير لحماية الدير.

وقد نقل نعوم شقير هذا الكلام من أحاديث متواترة دون أن يتحقق من الأصل،وقيل له أنها موجودة بكتاب بمكتبة الدير يسمى"تاريخ السنين فى أخبار الرهبان والقديسين"،وهذا الكتاب ليس له وجود لا فى مكتبة الدير ولا فى آى مكان آخر،أى أن الأصل الذى نقل عنه الجميع غير موجود ونقل عن هذا المؤرخ الكثير من مؤرخى الغرب والشرق.

وأكد أن الأدلة الأثرية الدامغة تكذّب كل هذه الافتراءات،وتؤكد أن الجامع لم يبن أصلًا فى عهد الحاكم بأمر الله،بل بنى فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله عام 500هـ 1106م.

والدليل الأثرى الأول هو وجود كرسى شمعدان من الخشب داخل الجامع عليه نص كتابى من عهد الإنشاء فيه اسم منشئ الجامع وهو أبى المنصور أنوشتكين الأمرى،نسبة إلى الخليفة الآمر بأحكام الله الذى بنى هذا الجامع وثلاثة جوامع أخرى.

وأحد هذه المساجد الثلاثة فوق جبل موسى موجود حتى الآن على ارتفاع 2242م فوق مستوى سطح البحر،والآخران بوادى فيران أحدهما فوق جبل الطاحونة بوادى فيران على ارتفاع 886م فوق مستوى سطح البحر.

والدليل الأثرى الثانى وهو نص كتابى محفور على واجهة منبر الجامع بالخط الكوفى،ويؤكد أن بناء الجامع كان فى عهد الآمر بأحكام الله الموجود اسمه بهذا النص وتاريخ الإنشاء،واسم منشئ هذا المنبر المخصص للجامع وهو الأفضل بن بدر الجمالى عام 500هـ.

وقد بنى الجامع داخل الدير كثمرة للعلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين،والتى بلغت ذروتها فى العصر الفاطمى لتصلى فيه قبائل سيناء،ومنهم قبيلة الجبالية نسبة لجبل موسى والمختصين بأمور الدير وكذلك القبائل خارج الدير،كما أن حب الفاطميين لإنشاء المساجد فى الأماكن المباركة دفعهم لإنشاء هذا الجامع بالوادى المقدس طوى.

وأكد ريحان أن لهذا الجامع منزلة كبرى لدى الحجاج المسلمين فى طريقهم إلى مكة المكرمة عبر سيناء،حيث تركوا كتابات تذكارية عديدة ما زالت على محراب الجامع إلى الآن،ويقع الجامع فى الجزء الشمالى الغربى داخل الدير ويواجه الكنيسة الرئيسية،حيث تتعانق مئذنته مع برج الكنيسة.

وتخطيطه مستطيل جداره الجنوبى 9.88م ، الشمالى 10.28م ، الشرقى 7.37م ، الغربى 7.06م وارتفاعه من الداخل 5.66م،وينقسم لستة أجزاء بواسطة عقود نصف دائرية من الحجر الجرانيتى المنحوت ثلاتة عقود موازية لجدار القبلة وأربعة متعامدة عليه ،له ثلاثة محاريب الرئيسى متوج بعقد ذو أربعة مراكز كالموجود فى الجزء القديم من الجامع الأذهر.

وله منبر خشبى آية فى الجمال يعد أحد ثلاثة منابر خشبية كاملة من العصر الفاطمى الأول منبر جامع الحسن بن صالح بالبهنسا ببنى سويف والثانى منبر الجامع العمرى بقوص كما يشبه المنبر الخشبى بمسجد بدر الدين الجمالى الذى يعود تاريخه إلى 484هـ ، 1091م المنقول من عسقلان إلى الحرم الإبراهيمى بفلسطين.

وأضاف:وللجامع مئذنة جميلة من الحجر الجرانيتى تتكون من دورتين قطاعهما مربع فى منظر لا يتكرر ولن يتكرر إلا فى مصر،هذا التعانق والوحدة التى تجمع الأديان فى بوتقة واحدة .