الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د أحمد الصاوي يكتب.. قوة مصر الناعمة.. والهجوم على الشيخ الشعراوي

صدى البلد

لاشك أن  الأزهر الشريف يمثل القوى الناعمة لمصر في شتى أرجاء العالم ، فلدينا ما يزيد على أربعين ألف طالب وافد من مائة وثمانية وعشرين دولة، وأعمدة الأزهر الشريف هم علماؤه الربانيون والإمام الراحل محمد متولى الشعراوى، يعتبر أحد أهم أعمدة هذه القوى التي غزت بها مصر العالم كله.

ومن ثم فإن الهجوم على الشيخ الشعراوي هو هجوم على قوة مصر الناعمة، وتشويه لصورة مصر في محيطها العربي والإقليمي بل والدولي حيث تلقفت هذا الهجوم وسائل إعلام معادية أو في أحسن تصنيفاتها "مغرضة" وراحت تروج بأن إعلاميين مصريين يهاجمون رموز الدين الإسلامي، وأن الدولة المصرية تحارب الاسلام.

وللأسف الشديد يظهر هؤلاء الإعلاميون أو كما يسمون أنفسهم المفكرين، وما أراهم الا أذناب العلمانيين الذين يكرهون الدين ويبغضون علماءه االربانيين في كل عام، وبالتحديد في شهر يونيو لكي يهاجموا الشيخ الشعراوي ويقتطعوا جزءا من كلامه كمبرر للهجوم عليه وما أرى الكثير منهم إلا خفت نجمه وقلت شهرته وأصبح يمجه الناس، ومن ثم ما عليه إلا أن يمسك قلمه المملوء حبرا وحقدا وغلا ليطعن في إمام الدعاة حتى يعود الحديث عنه مرة أخرى ، ولأنهم نكره لا قيمة لهم ولا وزن فلن نذكر أسماءهم من ثمانينيات القرن الماضي، وحتى الآن ولكنهم ذرية بعضها من بعض.

أما إذا نظرنا في الأمور التي نسبوها زورًا وبهتانا لإمام الدعاة فهي وللأسف الشديد كما يقول المثل العربي ( رمتني بدائها وانسلت )
فها هي إحدى الكاتبات التي تصف نفسها بالتحرر، تنتقد سجود الشيخ الشعراوي في نكسة 5 يونيو 1967م متناسية أنه سجد بعد نصر 1973 ، وأنه سجد في المرة الأولى باعتباره رجل دين يكره الشيوعية الملحدة التي ارتمينا في أحضانها في ذلك الزمان ، فلو انتصرنا لفتن الناس في دينهم ، فسجد حتى نعود لمصدر مجدنا ونصرنا وعزنا وهو الإسلام ؛ ولذلك سجد في المرة الثانية لأن النصر تم تحت شعار"الله أكبر" وهذا موقف رجال الدين مسلمين ومسيحين يرجعون الفضل كله لله فهو رجل دين لا قائد عسكري.

ثم يظهر لنا من يخرج لنا مقطع فيديو لإمام الدعاة وهو يتحدث عن الشهيد، وأن الشهيد هو من ارتقى واستشهد لتكون كلمة الله هي العليا لا من قاتل عصبية وحمية لوطنه ، وأنا أقول لهؤلاء أنتم انصاف عقلاء فهل الجندي المصري المسلم والمسيحي الذي يقرأ القرآن والإنجيل ويدافع عن تراب وطنه يقاتل من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا ، أم أنكم ترون أن كلمة الله مع هؤلاء المجرمين القتلة من المتطرفين والإرهابيين، وأهدي لهؤلاء العلمانيون ما قاله إمام الدعاة عن مصر وجيشها قال -رحمه الله تعالى- : "مصر التي قال عنها رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أهلها في رباط إلى يوم القيامة.. مصر التي صدرت الإسلام للدنيا كلها.. هي التي صدرت لعلماء الدنيا كلها علم الإسلام، صدرته حتى للبلد التي نزل بها الإسلام، من الذي رد همجية التتار... إنها مصر.. من الذي رد هجوم الصليبيين على الإسلام والمسلمين.. إنها مصر.. وستظل مصر دائما رغم أنف كل حاقد.. أو حاسد.. أو مُستغِل.. أو مُستغَل.. أو مدفوع من خصوم الإسلام.. هنا أو في الخارج".

هذا كلام إمام الدعاة عن وطننا مصر وعن جيش مصر الذي رد هجوم التتار والصليبيين على العالم الإسلامي ، وستظل مصر رغم أنف الحاقدين والعملاء المأجورين أمثال هؤلاء الذين يهاجمون مصر من خلال الهجوم على رموزها الدينيين.

ثم خرج علينا من يصف إمامنا بالتطرف والإرهاب فيقول: "لم أر شيخا يمثل مجموعة من الأفكار الرجعية المناهضة للعلم والتقدم إلا الشعراوي ،ولم أصادف رجلا مثله يستخدم كل المنح الربانية التي أنعم بها عليه فيما يخدم التطرف" فهو يصفه بالرجعية ومناهضة العلم لأنه ينادي بالحجاب ، وتعدد الزوجات ، وأن هذا يمثل رأيه الشخصي قاله من منطلق حرية الرأي ؛ ولكنه نسى أن هذا أمر ديني وليس أمرًا سياسيًا يدلي فيه برأيه، ويؤخذ منه ويرد، وإنما هو أمر ديني حيث أمر الإسلام بالحجاب، وأباح تعدد الزوجات بشروط منضبطة  فهل يمثل الرجعية المناهضة للعلم والتقدم.

أرى أنك ترغب في اثارة الزوابع للفت الانتباه أو أنك "تساير الموضة" باعتبار الهجوم على الدين أحد أبرز علامات العلمانيين ، وإلا فما الذي يفيد المجتمع ، من طرح قضايا تحدث جدلا لا طائل من ورائه ؟ لا شئ بطبيعة الحال سوى حب الظهور والشهرة ، ولكنك نسيت خطورة العبث في كل ما يتعلق بالديانات؟ وأن هذا لا يحقق إلا الشقاق والضغينة وضعف التماسك المجتمعي خلف الدولة التي أعلنت مرارا وتكرارا احترامها للأديان.

ثم الأدهى والأمر من يخرج علينا ليصف إمام الدعاة بأنه يستخدم المنح الربانية التي أنعم الله عليه لخدمة التطرف والإرهاب وربي إن هذا لشيء عجاب ، فلو أنه كلف نفسه وقرأ في خواطر شيخنا الشعراوي لوجد أن إمامنا حارب كل ألوان التطرف والارهاب ، وأنه قاد في سبعينيات القرن الماضي حملة ضد المتطرفين ، وقاد المراجعات في السجون وعلى يديه عاد الكثير من المتطرفين مرة أخرى إلى وسطية الاسلام السمحة  ، ووقف ضد الجماعات التي تريد أن تستغل الدين فيقول شيخنا الشعراوي رحمه الله تعالى : "نحن نفهم أن الله شاء بالإسلام حياة القيم، كما شاء بالماء حياة المادة، والماء حتى يظل ماء فلا بد أن يظل بلا طعم ولا لون ولا رائحة، فإذا أردت أن تجعل له طعماً خرج عن خاصيته؛ ربما أصبح مشروبا أو عصيراً أو غير ذلك، وقد يحب بعض الناس نوعا من العصير، لكن كل الناس يحبون الماء؛ لأن به تُصان الحياة، فإذا رأيت ديناً قد تلون بجماعة أو بهيئة أو بشكل فاعلم أن ذلك خارج عن نطاق الإسلام. وكل جماعة تريد أن تصبغ دين الله بلون إنما يخرجونه عن طبيعته الأصلية  ، فالذين يحاولون في زمان من الأزمنة أن يصبغوا الدين بشكل، أو بطقوس، أو بلون، أو برسوم، أو هيئة خاصة نقول لهم: أنتم تريدون أن تُخرجوا الإسلام عن عموميته الفطرية التي أرادها الله له، ولابد أن تقفوا عند حد الفطرة الإسلامية، ولا تلونوا الإسلام هذا التلوين ، فالإسلام الذي لا يتلون إسلام الفطرة، {صِبْغَةَ الله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً} [البقرة: 138]

إن الذي يزعج هؤلاء العلمانيين أن الشيخ رحمه الله استطاع في حياته وبعد مماته من خلال كتبه وبرامجه وفيديوهاته أن ‏‎ينجح في دك حصون المنافقين والشيوعيين والملحدين والعلمانيين ، بأسلوب عرض بسيط ومفهوم استطاع من خلاله أن يوصل فكرته للعامة والخاصة ، وهؤلاء الساقطون يظنون أنهم بهجومهم عليه صاروا ندا له نقول لهم :  ماضر بحر زاخر إذا ما ألقي فيه غلام بحجر.

فيا أيها الغلمان هل يجرؤ واحد منكم على مهاجمة أحد رجال الدين المسيحي ، وعليم الله أنني سأرد بقوة على من يهاجم إخواننا المسيحيين ؛ ولكني أردت أن أبين هدفهم ، وأبين لهم  أن كل المهاجمين لرجال الدين المسيحي والإسلامي حصدوا التشويه والكراهية من الشعب المصري ، والعربي ، والعالمي ،  وبقى رموز الديانتين في عنان السماء فلا انتصر المهاجمون لمولانا  فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف ، ولا انتصر من هاجم إمام الدعاة شيخنا الشعراوي ، بل ذهب هؤلاء المهاجمون إلى مزبلة التاريخ وبقي رموز الدين لهم قيمتهم ومكانتهم في قلوب المصريين.