الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مغارة الذكريات .. قصة أرشفجي وثق تاريخ مصر في 100 عام.. فيديو

الأرشفجي محد صادق
الأرشفجي محد صادق

«مغارة الذكريات» كما يطلق عليها صاحبها، عدة مكتبات متقاربة جمع فيها صاحبها تاريخ مصر بالكامل على مدار القرن الماضي من خلال جمع وتوثيق أكبر مادة أرشيفية في الوطن العربي للكتب، والجرائد، والمجلات، والصور الفوتوغرافية، رغم اختلاف أماكن المكتبات إلا أن مريد واحد منهم يشعر وكأنهم مكان واحد، رائحة الأوراق القديمة تسود المكان، على اليمين واليسار أطنان من المواد الأرشيفية يجاورها آلاف الكتب تشابهت جميعها في أنها مادة ارشيفية أصلية.

مهنة توارثها أبا عن جد، 110 أعوام قضتها أسرة الارشفجي محمد صادق في بيع الكتب وجمع وتوثيق المواد الأرشيفية فنشأ على حب هذه الكتب التي فنا فيها جده ووالده عمرهما وكان يطلق عليهما الوراقين ليكمل المسيرة من بعدهم بجمع هذه المادة، فنشأ وحب الكتب والمواد الورقية يسري في دمه، بدأ صادق مهنته كبائع كتب، ومجلات، وجرائد، في المنطقة المحيطة بجامع الأزهر، "كانت والدتي بتنيمني جمب الكتب جوة المكتبة وأنا طفل رضيع".

لم يقتصر جمع الارشفجي محمد صادق لمواد من فئة محددة، حيث يجمع كل ما يخص السياسة، والفن، والأدب، والرياضة، فعمله بدأ قبل 30 عاما كبائع كتب على أرصفة الشوارع، "بدئت من اللاشئ"، وبعدها كان كل ما يملكه 300 كتاب في محل صغير، كان يتحدى صادق الظروف تارة بجذب الزبائن بإحدى الحيل، أو بشراء كتب نادرة وجذابة لهم، "كنت كل يوم بغير ترتيب الكتب عشان الزبون يحس إني جبت كتب جديدة أو يحس باختلاف" كما قال صادق لـ صدى البلد.

عمله الذي بدأ بدون رأس مال كان حافزا لتطوير مهاراته وبحثه عن طريق النجاح الذي ينشده، فاقتصار تعامله على فئة المثقفين كان حافزا له على الاستمرار في هذه المهنة، حتى أنه في مرحلة ما قبل الزواج كان يجمع المال لإتمام الزيجة، ولكن سرعان ما كان ينفقه في سبيل شراء مجموعة كتب نادرة أو تجديد مكتبته، "كنت بنسى حياتي الشخصية عشان الكتب"، وبعدما تزوج قام ببيع ذهب زوجته مرتين في سبيل الكتب أيضا، "زوجتي بتقولي المهنة دي بتشاركني فيك" كما قال صادق.

بداية صادق في بيع الكتب كانت من منطقة الأزهر، وانتقل بعدها إلى الأزبكية، ومنها إلى أكثر من مكان حتى أصبح حاليا صاحب مؤسسة الأرشيف العربي للتراث وهي متخصصة في كل المواد الأرشيفية.

ويفيد صادق بمهنته كأرشفجي الباحث، والدارس، والمثقف، والمتعلم، ولكن هدفه الأساسي هي تقفي الوقائع التاريخية فجمعه لمواد أرشيفية أصلية يجعله وكأنه يمسك التاريخ بيديه، "الماة الأرشيفية لازم تكون أصلية عشان يكون لها قيمة".

وحاول صاحب «مغارة الذكريات» جمع كل ما هو ورقي منذ بداية العشرينيات حتى الآن، فلديه أرشيف كامل لأكثر من 45 جريدة مختلفة، منها ما توقف إصداره ومنها ما زال مستمرا في الإصدار، وكذلك أرشيف مجلات مشابه منها كمجلة كل شئ والعالم، وكل شئ والدنيا، والبلاغ الأسبوعي، واللطائف المصورة، والعروسة، والفن السينمائي، ومجلات معروفة كروز اليوسف، وآخر ساعة، وغيرها الكثر، فيملك أرشيف لأكثر من 425 مجلة مختلفة، وعددا ضخم من الكتب النادرة في كل المجالات.

وخصص صادق مكانا خاصا لأرشيف الصور الفوتوغرافية، والتي تشمل كل أحداث مصر طوال الـ 100 عام الماضية، وتشمل أحداثا هامة كالقبض على ريا وسكينة، وأحداث ملكية، ونكسات، وثورات، وحروب وغيرها، فهذا المكان هو ملجأ صادق كلما أصابه الضيق "بحب أروح وأشوف كل الصور القديمة دي".

ويقسم الارشفجي محمد المادة الورقية الذي يملكها بأكثر من طريقة، أولها بتصنيفها وفقا لترتيب الأعداد للمجلة أو الجريدة الواحدة، ثم يتم تصنيفها مجددا وفقا لطبيعتها إذا كانت مادة سياسية، أو أدبية، أو اجتماعية، أو رياضية، ولكن هذه المواد التي جمعها صادق في أكثر من 6 مكتبات لا يستطع إتاحتها للجمهور طوال الوقت ويقول صادق: "لكن لما بيجي جمهور يطلب حاجة بساعده اذا كان عاوز قصة او كتاب لاديب معين أو غيره".

الأرشفجي يشبه المؤرخ إلى حد كبير، ولكن أوضح صادق الفارق بينهما فالمؤرخ يجمع مادة لتخص محدد تاريخ أو اجتماع أو سياسة، أما الأرشفجي فيجمع مادة عامة لكل المجالات.

"اللي بيجي عندي بيشوف الوجه الحقيقي للحضارة المصرية" بهذه الجملة عبر صادق عن روعة قراءة الجمهور للوثيقة الأصلية لأي مادة، فهدف صادق من جمع كل هذه المواد التي لم تجعله يجني عائدا ماديا قويا هو اقتناعه بالرسالة الذي يقدمها وهي أن كل مريد يجد ما يتمناه بين أوراق صادق.

لم يقتصر عمل صادق في مصر فقط، حيث شارك في أكثر من معرض خارج مصر، من خلال جمع مادة أرشيفية عن تاريخ هذه البلاد وعرضها في معرض بحضور قيادة كالبلد، وسبق وشارك في السعودية، والإمارات، والكويت، "بكون فخور إني مصري في دولة شقيقة وأنا اللي مجمع لهم تاريخ بلدهم .. أنا سفير لبلدي هناك" كما قال صادق.

وقرر أحد أصدقاء صادق أن يخرج جزءا من الكنوز كما يصفها إلى الجمهور، فاقترح صديقه محمد عجوة عرض جزء من العمل على مواقع التواصل الإجتماعين وبالفعل أسس صادق صفحتين هما "الكورة زمان"، و"مغار الذكريات"، الأولى متخصصة في نشر كل المادة المتعلقة بكرة القدم طوال الـ 100 عام الماضية، والثانية نفس الهدف ولكن في الفن، وكلاهما هدفهما تقديم معلومات عن الفن والرياضة بشكل مجاني.