الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق الكفاح الثورى لـ يوسف الجندى رئيس جمهورية زفتى وكواليس إعلان انفصالها من أجل سعد زغلول.. ويكشف أسرار تحالفه مع سبع الليل ضد الإنجليز

صدى البلد

فى محافظة الغربية وتحديدًا في فيلا يوسف الجندى - ميدان يوسف الجندى زفتى – محافظة الغربية، عاش المناضل الثورى الراحل ورئيس جمهورية زفتى يوسف الجندي الذي وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 01/05/1893، وتاريخ الوفاة 13/12/1941 .

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث.

وُلد يوسف الجندي عام 1893 في محافظة الغربية، التحق بكلية الحقوق، وكان صاحب مواقف ثورية صارمة ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر، دخل في مناقشات حادة نصرة للثورة المصرية، وتعرّض بسبب تلك المواقف إلى مضايقات أمنية والسجن والتهديد بين الحين والآخر، حتى تم فصله من الكلية بسبب اتجاهاته المناوئة للمحتل.

كان من أشد المعجبين بالزعيم سعد زغلول وأبرز المؤيدين له ولمواقفه الوطنية، وحين اعتقل زعلول في 8 من مارس 1919 ونفي وبعض مرافقيه إلى جزيرة سيشل، انضم إلى المظاهرات الحاشدة التي خرجت دعمًا للزعيم الوطني، تلك التظاهرات التي باتت علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث شاركت كل أطياف الشعب على رأسهم النساء لأول مرة.

عقب نفي زغلول، اجتمع يوسف وشقيقه الأكبر عوض بصحبة عدد من كبار الشخصيات بالبلدة، على رأسهم الشيخ عمايم والكفراوي والفخراني ومحمد أفندي عجينة، صاحب إحدى المكتبات، واتفقوا على ضرورة دعم الحراك الثوري في القاهرة، وبعد تفكير دام طويلًا ومفاوضات عدة استقر الرأي على واحدة من أكبر مفاجآت الثورة المصرية على مر العصور، حيث قام يوسف الجندى بتحفيز أهل المدينة للمشاركة والنضال ضد الإنجليز وبعد تحالف رئيس الشرطة مع القيادات تم غلق مداخل المدينة وإعلان قيام الجمهورية في مدينته، تم تنصيبه رئيسًا عليها وقام بتاسيس مجلس بلدي لها.

وفي صباح الـ18 من مارس، تم إعلان استقلال الجمهورية وفق منشور حمله عوض الجندي إلى الصحف الصادرة آنذاك ونشر فورًا، انضمت كل أطياف البلدة لهذا الحراك، مسلمين ومسيحيين، كبار وشباب، نساء ورجال، الكل كان على قلب رجل واحد ووصل الأمر لتوسل رجل من الخارجين عن القانون للانضمام لهم وكان يدعى سبع الليل وكان يتزعم عصابة مسلحة تروع البلدة والقرى المجاورة، طلب من أهل البلدة المشاركة معهم وإعلان توبته لرغبته في قتال الإنجليز فان مات فسيصبح بطل وأوصى منشد البلدة أن يتغنى ببطولاتة لو قتلة الإنجليز.

وذهب يوسف الجندى ومعه بعض أهالي البلدة إلى ضابط النقطة في البلدة وكان يدعى حمد أفندى، ولأنه رجل وطنى انضم لهم وفتح لهم السلاحليك (مخزن السلاح)، وشارك معهم في التخطيط، ولأول مرة يجتمع رجل الشرطة وزعيم العصابة على هدف واحد وهو محاربة الإنجليز، وفي صباح يوم 18 مارس كونوا المجلس البلدى الحاكم برئاسة المحامى الشاب يوسف الجندى وأعلنوا الاستقلال، وكان عوض الجندى المحامى أخو يوسف هو من ذهب للقاهرة وأبلغ الصحف لنشر الخبر.

وفي تلك الأثناء كون المجلس البلدى الحاكم عدة لجان منها لجنه التموين والإمداد وكانت مهمتها حصر الموادالتموينية وحسن توزيعها على أهالي البلدة ولجنة النظافة، وكانت من أنشط اللجان، حيث كانت تنظف كل شوارع البلدة وترشها بالماء وإنارة الطرقات ليلا ولجنة الإعلام وتولاها محمد أفندى عجينة وكانت تقوم بطبع المنشورات السريعة لتوضيع الوضع العام في البلدة، كما قامت اللجنة بإصدار جريدة يومية وكان اسمها جريدة جمهورية زفتى، ولجنة الأمن والحمايه وتولى الإشراف عليها الضابط الشاب حمد أفندى وبمعاونة سبع الليل فجمعوا الرجال من الخفر ورجال سبع الليل والأهالي من القادرين على حمل السلاح وقسموهم إلى مجموعات كل مجموعة تتولى حماية أحد مداخل البلدة.

وأصبح يوم 18 مارس 1919 هو اليوم الأول للجمهورية الأولى فى مصر، وأول مطالبها هو الإفراج عن سعد باشا ورفاقه، وثانيها هو جلاء الإنجليز عن مصر، جن جنون الإنجليز بهذا الخبر وأصدر السير "وينجت" تعليماته للقوات الإنجليزية بمهاجمة زفتى والقبض على يوسف الجندى ورفاقه وتقديمهم لمحاكمة عاجلة بل وإعدامهم شنقاَ أمام أعين الجميع ليكونوا عبرة لغيرهم ممن توسل لهم أنفسهم الوقوف أمام رغبات بريطانيا العظمى، وعلى الفور قرروا في 18 من مارس 2019 إرسال قوة للاستيلاء على البلدة عن طريق كوبري ميت غمر ولكن تصدى الأهالي لتلك القوات التي اضطرت للعودة مرة أخرى.

وفي اليوم الثاني، أُرسل قطار محمل بمئات الجنود والعتاد العسكري، إلا أن سبع الليل ورفاقه قطعوا قضبان السكك الحديدية على مسافة من خارج القرية ما تسبب في وقفه وعدم تمكّنه من الدخول، الأمر الذي استفز السلطات الإنجليزية في لندن بصورة دفعتهم إلى خلع السير ونجت وتعيين اللنبي معتمدًا لبريطانيا في مصر.

ومع فجر يوم 29 من مارس من نفس العام فوجئ أهالي زفتى بعشرات المراكب التي تحمل جنود الإرسالية الأسترالية تقوم بعمليه إنزال الجنود على شاطئ النيل بالبلدة، محملين بالسلاح وبدأوا بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، ما دفع الاهالي إلى التقهقر للخلف، حتى دخل الجنود المدينة، وبات إلقاء القبض على الجندي هدفًا للقوات الغازية.

وأمام هذا الهجوم الكاسح رفض أهالي زفتى تسليم رئيس جمهوريتهم، وهربوه إلى بلدة أخرى مجاورة لهم، واستقبلتهم أم المصريين السيدة صفية زغلول، وأخفتهم في أماكن مختلفة وظل هناك حتى أفرج عن سعد زغلول ورفاقه يوم 17 من أبريل من عام 1919، وحينها خرج يوسف للعلن مرة أخرى، ليستعيد بريقه السياسي بعدما بات حديث الشارع المصري في هذا الوقت، لم ينس الملك فؤاد ما قام به يوسف وإحراجه لمنصب الملك أمام المحتل الإنجليزي، الأمر الذي دفعه لرفض تعيينه ضمن الحقبة الوزارية التي اختارها سعد زغلول عقب عودته من المنفى، إلا أن الرجل لم يستسلم وانتخب عضو في مجلس الأمة، وتولى منصب نائب زعيم المعارضة.

يشار إلى أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلاله بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.