الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هادي المهدي يكتب.. أفريقيا المُفَتَّتَة

صدى البلد

حين وجَّه الاستعمار الأوروبي عينه صوْب القارة السمراء في القرن التاسع عشر لم تلبث دولة البرتغال التي استهلت هذا الاستعمار بأن وصلت الى سواحل جنوب القارة حتى تبعتها هولندا من الغرب ثم جاء الفرنسيون والإنجليز من الشمال والشرق ولم تمض فترة كبيرة حتى حطَّ البلجيك والألمان رحالهم في قلب القارة.

بدأت القوي الأوروبية الاستعمار من سواحل القارة ثم توغلت في قلب القارة حتى تم احتلال القارة بكاملها.

احتدم صراع قوي بين القوى الاوروبية الكبرى علي هذه المساحات الشاسعة والتي لم يلقوْا فيها مقاومة تذكر باستثناء بعض المقاومة في دول شمال افريقيا العربية والتي لم تكن بلغت بعد ما بلغته في منتصف القرن العشرين من تكوُّن حركات سياسية منظمة تسعى للتحرُّر من الاحتلال بآليات وعمل منظم .

لم يستغرق الاستعمار الأوروبي طويل وقت حتى يثبت أقدامه في القارة ففي العام 1875 كان 95% من القارة مازال مستقلًا وما أن بلغنا العام 1910 أي بعد أقل من نصف قرن كانت القارة كلها محتلة باستثناء إثيوبيا .

ليس الإشكال الحقيقي في تسارع الاستعمار ولا في شيوعه واستحواذه علي القارة في وقت قصير إنما يكمن الاشكال هنا في التخطيط السياسي الذي خطَّه الاستعمار في المساحات الشاسعة التي استعمرها من القارة فقبل الاستعمار لم تكن ثمة دول بالمعني الحديث للدولة في القارة باستثناء مصر التي عرفت معنى الدولة المركبة منذ فجر التاريخ.

في أعوام قليلة تم وضع حدود دول واستحداث عدد كبير من الدول التي لم يكن لها وجود بالاساس مثل ليبريا التي أُسِّسَت بأمر مباشر من الاستعمار.

لم تراع القوى الأوروبية في وضع الحدود السياسية للدول الافريقية أي سبب استراتيجي أو جغرافي أو عرقي إنما عمدت فقط لتقسيم الكعكة فيما بينها.

لا يبعد ذلك كثيرا عما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن تم تقسيمها من قبل الحلفاء المنتصرين لألمانيا شرقية وأخرى غربية .
لو دل ذلك علي شئ فانما يدل أكثر من دلالته علي جشع المحتل علي أن تلك النتيجة هي نتيجة الحرب ولم يكن مستهدفا بها افريقيا بعينها من قبيل المؤامرة وما إلى ذلك.

لكن دعونا نقارن ما بعد استقلال أفريقيا وما بعد استقلال ألمانيا ، قام الشعب الألماني بهدم جدار برلين وتوحيد الدولتين في دولة واحدة صارت الآن من الخمس الأقوى علي مستوى العالم بعد ما خرجت من حرب لم تبق فيها شيئا قائمًا بحاله.

وفي المقابل أفريقيا التي نالت غالبية دولها الاستقلال باتفاقيات جلاء وليس بحروب كبيرة ما زالت متمسكة بالتخطيط السياسي الذي وضعه الاستعمار بل وتأسست عليه شوفينية عرقية تكن العداء للآخر الأفريقي.

هل تستلهم أفريقيا النموذج الالماني وتتوحد ليس سياسيًا بل الأهم أن تتوحد اقتصاديًا لتنال حظَّها من التاريخ وقد تم تهميشها منه منذ بداية التاريخ المدوَّن وتمَّ ذلك بأيدٍ إفريقية قبل أن يكون الفاعل أوروبيًا.