الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

6 آلاف مخطوط وألف كتاب.. أناجيل وعهدة نبوية وفرمانات شاهدة على المحبة والتسامح في مكتبة دير سانت كاترين.. صور

صدى البلد

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن مكتبة دير سانت كاترين بمخطوطاتها تعد ملتقى رابعا للأديان في سيناء، بعد الوادي المقدس طوى، وجزيرة فرعون في طابا، وتل الكيلانى في طور سيناء، حيث تضم التوراة اليونانية والإنجيل السريانى والعهدة النبوية، وتعد الثانية على مستوى العالم بعد مكتبة الفاتيكان من حيث أهمية مخطوطاتها.

وكشف عن أن المكتبة تحوى 6 آلاف مخطوط بالإضافة إلى ألف كتاب حديث، منها 2319 مخطوطا يونانيا و284 مخطوطا لاتينيا و600 مخطوط عربى و86 مخطوطا جورجياني، ومخطوطات سوريانية وقبطية وأثيوبية وسلافية وأمهرية وأرمينية وإنجليزية وفرنسية وبولندية، وهى مخطوطات دينية وتاريخية وجغرافية وفلسفية.

وأوضح أن أقدم هذه المخطوطات يعود إلى القرن الرابع الميلادى،وبعض هذه المخطوطات كتبت فى سيناء وبعضها من فلسطين - سوريا - اليونان – إيطاليا،وبعضها يحمل أسماء الناسخين دون الإشارة لمكان ،مثل سليمان الشماس – جوج – نيكولاس فى القرن 12 و13 الميلادى،وبالمكتبة 1000 وثيقة تحمل تطور الخط العربى الديوانى بين القرن 12 و19 الميلادى.

وأشار ريحان إلى أن مخطوطات المكتبة تجسّد التعانق والتلاقى بين الأديان،حيث تضم التوراة اليونانية المعروفة باسم كودكس سيناتيكوس،وهى نسخة خطية غير تامة من التوراة اليونانية كتبها أسبيوس أسقف قيصرية عام 331م،تنفيذًا لأمر الإمبراطور قسطنطين،ثم أهداها الإمبراطور جستنيان إلى الدير عام 560م.

ولفت إلى أن تشندروف اكتشفت في الدير عام 1869م فى عهد المطران كالستراتس،وحملها إلى بطرسبورج وعرضها على اسكندر الثانى قيصر روسيا،فاشتراها من الدير بثمانية آلاف فرنك وطبع منها عدة نسخ وأرسل للدير نسخة،وظل الأصل عنده حتى عام 1933م حين باعتها الحكومـــة الروسية للمتحف البريطانى مقابل مائة ألف جنيه استرلينى،وقد تقدم ريحان رسميًا بمذكرة علمية إلى المجلس الأعلى للآثار عام 2012 مطالبا عودة هذه المخطوطة لمصر.

ونوه ريحان إلى الإنجيل السريانى المعروف باسم (بالمبسست) بالمكتبة،وهى نسخة خطية غير تامة من الإنجيل باللغة السريانية مكتوبة على رق غزال تعود للقرن 5 م،وهى أقدم نسخة معروفة للإنجيل باللغة السريانية ومترجمة عن أصل يونانى فى القرن الثانى الميلادى،ويظهر على الرق المكتوب عليه هذا الإنجيل أنه قد كتب عليه مرتين من قبل ثم محيت الكتابة وكتب عليه ثالث مرة هذه النسخة من الإنجيل، لذلك عرفت باسم بالمبسست أى المكتوبة على الرق ثالث مرة، وأول من اكتشف هذه النسخة عام 1893م هما سيدتان شقيقتان من إنجلترا هما السيدة سميث والسيدة جبسن،وهى محفوظة فى المكتبة فى صندوق من الخشب الثمين له غطاء زجاحى .

وتابع: المكتبة تضم أيضا العهدة النبوية،وهو كتاب العهد الذى كتب للدير فى عهد نبى الله محمد عليه الصلاة والسلام،وكان الأصل محفوظًا فى الدير إلى أن استولى عليه السلطان سليم الأول حين دخوله مصر عام 1517م،فأخذ الأصل وأعطاهم نسخة معتمدة منه مع ترجمتها بالتركية،وهي فى المكتبة الآن عدة نسخ منها بعضها على رق غزال،وبعضها على ورق متين وبعضها فى دفتر خاص.

وقال إن العهد الذى يؤمّن فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أهل الكتاب على أموالهم وأنفسهم وممتلكاتهم،وحفظ وتأمين أماكنهم المقدسة ومساهمة المسلمين فى ترميمها،وقد تقدم الدكتور ريحان رسميًا بمذكرة علمية إلى المجلس الأعلى للآثار عام 2012 لطلب عودة هذه المخطوطة من تركيا

وأكد ريحان أن المكتبة تحوى عددًا من الفرمانات من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب،وفهارس للكتب اليونانية والعربية والسريانية،وقد زار الرحّالة مكتبة الدير فى القرن 18 الميلادى،ومنهم دوناتى عام 1761م وذكر أن بها عددًا كبيرًا من مخطوطات الرق معظمها يونانى،منها ما يحوى حياة القديسين ومخطوطات من القرن السابع الميلادى منها نص للتوراة، وهذا المبنى الذى تحدث عنه دوناتى هو المبنى الذى شيده مطران سيناء نيكيفوروس مارثاليس، والذى يذكر بنفسه أنه رأى المخطوطات متناثرة ومهملة،بعضها فى دواليب وبعضها فى القلايا،لذلك عهد لبعض الأشخاص ذو الثقافة الواسعة بإعادة تجميع وترتيب المخطوطات،وأنشأ لها مكتبة خاصة ما بين مارس ويونيو 1734م،ووضع نقش تسجيلى عليها نصه"تم إنشاء المكتبة بفضل مجهودات ودعم مطران سيناء نيكيفوروس وقام بالبناء الراهب فيلوثيوس وسميون عام 1734م لعل القارئ يتذكرهم".

واستطرد ريحان بأن دراسة وثائق دير سانت كاترين بدأت عام 1950م،حين قامت بعثة علمية مشتركة من كلية الآداب بالإسكندرية ومكتبة الكونجرس الأمريكية بتصوير أهم المخطوطات والوثائق،وكان على رأس هذه البعثة الدكتور عبد الحميد العبادى أول عميد لآداب الإسكندرية والدكتور عزيز سوريال عطية، وقامت البعثة بعمل صور ميكروفيلم لأهم هذه الأيقونات.

وفى عام 1963 قامت بعثة جامعة الإسكندرية وعلى رأسها الدكتور أحمد فكرى واشترك فيها الدكتور جوزيف نسيم يوسف،الذى زار سيناء مرتين آواخر عام 1963،وأثمرت هذه البعثات عن دراسات وبحوث نشرت بالمجلات العلمية ومن هؤلاء الباحثين كورت فايتزمان ،جورج فورسايث، عزيز سوريال عطية الذى قام بعمل فهارس كاملة مع دراسة تحليلية للمخطوطات العربية بالدير.

وأوضح ريحان أن هذه الدراسات أسفرت عن تصوير مليون ورقة،مأخوذة من خمسة آلاف مخطوط ووثيقة مكتوبة بإثنى عشرة لغة،وقد احتفظت كلية الآداب بجامعة الإسكندرية ومكتبة الكونجرس بواشنطن بنسخ من صور الميكروفيلم.

وقال ريحان أن من عناصر تلاقى الأديان فى المكتبة أيضا المخطوطات العربية،وعددها 600 مخطوط وتتناول دراسات تمتاز بقيمتها فى النواحى العلمية والتاريخية والفلسفية والفكرية والثقافية،وأهم ما يلفت النظر فى معظم المخطوطات العربية ذات الطابع المسيحى،هو وجود التأثيرات العربية الإسلامية فيها بعد دخول الإسلام إلى مصر.

حيث نجد أن كثير من المخطوطات العربية المسيحية تستهل بالبسملة وتختتم بالحمد لله،وتؤرخ بالتقويم الهجرى والأمثلة على ذلك كثيرة،إذ تبدأ أسفار الكتاب المقدس عند المسيحيين فى كثير من المخطوطات كالآتى"بسم الله الرحمن الرحيم نبتدى بعون الله ونكتب أول سفر".

كما أطلق على كثير من الرسل والقديسين المسيحيين اسم"المصطفى"،بدلًا من كلمة البشير أو الإنجيلى ،كما إزدانت كثير من تلك المخطوطات وأغلفتها بنقوش ورسوم وزخارف على هيئة طيور وأزهار وتوريقات نباتية وإطارات على النسق العربى.