الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

راح ضحية حروبها 5 ملايين قتيل.. قصة المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين

ضحايا الحرب الكورية
ضحايا الحرب الكورية

خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها اليابان، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن رغبته في مصافحة زعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون في المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، وهو ما رحب به زعيم كوريا الشمالية، معلنا أنه لم يكن يتوقع أن يلتقي مع الرئيس الأمريكي في تلك المنطقة.

عدم توقع زعيم كوريا الشمالية لزيارة الرئيس الأمريكي لتلك المنطقة –وفقا لما أعلنه-، له العديد من الأسباب في مقدمتها ما شهدته تلك المنطقة من حروب دامية في منتصف القرن الماضي، بين كل من كوريا الشمالية التي كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي، وكوريا الجنوبية التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عرفت باسم الحرب الكورية.

واحدة من أسوأ المعارك في القرن العشرين، فرغم ما شهده القرن الماضي من ويلات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما حدث فيهما من خراب راح ضحيته الكثير من ضحايا الحروب في العالم، إلا أن الحرب الكورية تظل واحدة من أكثر الحروب دموية في التاريخ، ورغم تجاوز ضحاياها 5 ملايين شخص إلا أنه احتفظ باسم «الحرب المنسية» في التاريخ.

في عام 1910 احتلت اليابان الجزيرة الكورية وضمتها إلى إمبراطوريتها، واستمرت الجزيرة الكورية جزاء من الإمبراطورية اليابانية حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا، والتي بدأ الاتحاد السوفيتي بعدها بقيادة ستالين في غزو الوجود الياباني، في كوريا حتى استطاع الوصول إلى خط العرض 38 ليعلن بعدها الجيش الياباني استسلامه نهائيا، ويترك أمر الجزيرة الكورية بيد الاتحاد السوفيتي والحكومة الأمريكية ليتصرفان في تركة الإمبراطورية المدحورة.

بعد هزيمة اليابان في شبه الجزيرة الكورية في عام 1945، عمد الاتحاد السوفيتي وأمريكا على تقسيم كوريا إلى نصفين يفصلهما دائرة العرض 38، بحيث يكون النصف الشمالي تحت الاحتلال السوفيتي، والنصف الجنوبي تحت الاحتلال الأمريكي، وهو ما رفضه الشعب الكوري في الشمال والجنوب، حتى اضطرت أمريكا لإجراء انتخابات في النصف الجنوبي في عام 1946 لاستقلال كوريا الجنوبية، حتى تمت مثل تلك الانتخابات بعدها في النصف الشمالي، وتحرر الشمال والجنوب الكوري وتمتعا بحكم ذاتي.

وبعد رحيل الاحتلال الأمريكي والسوفيتي، أصر رئيس كوريا الشمالية على احتلال النصف الجنوبي بهدف توحيد كامل الجزيرة مرة أخرى، وطلب الدعم والسلاح من الاتحاد السوفيتي، حتى قام في 25 من يونيو 1950 بهجوما عنيفا على النصف الجنوبي كان أول ضحاياه 10 آلاف من الكوريين، وحققت كوريا الشمالية بقيادة رئيسها سونج انتصارات واسعة وساحقة لغالبية أراضي كوريا الجنوبية حتى احتل العاصمة سيول.

ووسط الخسائر الكبير التي منيت بها كوريا الجنوبية، تحركت أمريكا لحشد المجتمع الدولي ضد كوريا الشمالية، حتى أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 83 بضرورة مساعدة جميع الدول لكوريا الجنوبية لطرد العدوان الشمالي، وبدأت الدول تحشد للحرب ضد دولة الاحتلال كوريا الشمالية، حتى شارك في عملية الحشد بريطانيا وفرنسا وكندا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا، وتركيا وتايلاند، واليونان، وأثيوبيا وكولومبيا، والفلبين، وبلجيكا، بقيادة الجيش الأمريكي.

استطاعت القوات الأممية تكبيد كوريا الشمالية المدعومة من الاتحاد السوفيتي خسائر كبيرة، حتى احتاجت تلك القوات تحرير كوريا الجنوبية واجتياح كوريا الشمالية، حتى دخلت الصين على خط المواجهة بعد اقتراب القوات الأممية من حدودها، ووفرت سلاح الطيران السوفيتي غطاء جوي حتى استطاعت القوات الصينية والأمريكية رد التحالف الدولي إلى نقطة دائرة العرض 38 الفاصلة بين الكوريتين، واستمرت الحرب في تبادل الانتصارات والهزائم بين الطرفين.

وفي شهر يوليو 1951، بدأت المفاوضات بين الصين وكوريا الشمالية من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية من جهة أخرى، لكنها لم تعن توقف لإطلاق النار ولم تتوصل إلى وقف حقيقي إلا في 27 يوليو 1953، أي بعد عامين من بدء المفاوضات، والتي نصت على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على الحدود بين الكوريتين الشمالية والجنوبية ووضع لجنة دولية على الحدود لمراقبة وقف إطلاق النار.

وبعد مرور عام من توقف الحرب أجرى الجانب عملية أطلق عليها «عملية المجد» لتبادل الأسرى، في يوليو 1954، لتنتهي بها واحدة من أسوأ الحروب في التاريخ راح ضحيتها 5 ملايين إنسان، والذي كان يعادل 10% من سكان الكوريتين وقتها، وهو ما فاق الخسائر المدنية في الحرب العالمية الثانية.