الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر ضد جنوب أفريقيا في بطولة الكان وإيد واحدة في ملعب السياسة.. 66 سنة علاقات متميزة بين الدولتين بدأت بدور عبد الناصر في تحرير دول أفريقيا.. و30 يونيو نقطة تحول في توحيد الرؤى لمكافحة الإرهاب

السيسي ورئيس جنوب
السيسي ورئيس جنوب إفريقيا

  • اليوم.. مصر تواجهة جنوب أفريقيا في بطولة أمم أفريقيا 2019
  • 66 سنة عمر العلاقات التاريخية بين مصر وجنوب أفريقيا
  • طريق القاهرة كيب تاون شريان يجمع الدولتين
  • هدفهما مكافحة الإرهاب وتنمية التجارة البينية وتحقيق مصالح الشعوب
  • دولتان لهما ثقلهما دوليا في مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي

حرصت مصر خلال السنوات الخمس الماضية على تسخير جميع إمكاناتها لتوطيد علاقاتها بدول العالم، خصوصا دول القارة الأفريقية، بما في ذلك إمكانات القوى الناعمة، مثل العلاقات الرياضية، وهو ما نجحت مصر في ترجمته على أرض الواقع بحرصها على استضافة بطولة الأمم الأفريقية 2019.

وتعد بطولة الأمم الأفريقية حلقة وصل مهمة بين دول القارة ومصر مستضيفة البطولة، وأعادت الضوء مرة أخرى إلى العلاقات المصرية الأفريقية التي حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على وضع سياسة دبلوماسية قوية لاستعادتها مرة أخرى.

ومن المنتظر أن تتواجه الدولتان مساء اليوم في دور الـ16 من بطولة كأس أمم إفريقيا 2019، المقامة حاليا في مصر، وجنوب أفريقيا تجمعها مع مصر علاقات امتدت إلى 66 عاما، وهي عضو حالٍ غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخلال السطور التالية نسلط الضوء على العلاقات المصرية الجنوب أفريقية، التي بدأت عام 1942.

نموذج يحتذى
وتعد مصر وجنوب أفريقيا نموذجا يحتذى في العلاقات الدولية داخل القارة الأفريقية، نظرا للتقارب الشديد بين الدولتين في أكثر القضايا الدولية والإقليمية، وحرص قيادتي الدولتين على تسريع وتيرة التنمية المستدامة في الدولتين لتحقيق مستوى اقتصادي أفضل لشعبيهما.

حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على توطيد علاقات مصر مع دول أفريقيا جعله صاحب نصيب الأسد من الزيارات الأفريقية برصيد 16 زيارة في 5 سنوات، استطاع خلالها إحياء أواصر الصلة والعلاقات مع دول القارة السمراء، فبعدما تجمدت علاقات مصر مع عدد من الدول الأفريقية بسبب ثورة 30 يونيو، إلا أن السياسة المصرية الخارجية استطاعت أن تضع حقيقة الأوضاع بين يدي قادة أفريقيا، وبالفعل استطاعت أن تستعيد علاقاتها معهم، وكانت جنوب أفريقيا نموذجا، فبعد أن جمدت الزيارات والتنسيق الثنائي بين البلدين، عادت الأمور إلى نصابها مع بداية 2014 بزيارة بسيابونجا كويلى، وزير الدولة للأمن، والمبعوث الشخصى لرئيس جنوب أفريقيا، التقى خلالها رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلي منصور.

في تلك الزيارة التاريخية، أكد رئيس جنوب أفريقيا (السابق) في رسالة بعث بها إلى مصر أن حقيقة الوضع لم تكن واضحة لبلاده فى بداية المرحلة الانتقالية، وهو ما دفعها إلى عدم الاعتراف بثورة 30 يونيو، غير أن تصاعد إرهاب الإخوان أسهم فى إجلاء حقيقة الوضع فى مصر، مشددا على دعم بلاده الدائم لمصر قيادة وشعبا.

ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر، شارك جيف راديبي، وزير شئون الرئاسة فى جنوب أفريقيا، فى حفل تنصيب الرئيس السيسي في يونيو 2014، كما أناب الرئيس عبد الفتاح السيسي الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس سيريل رامافوزا، رئيسا لجنوب أفريقيا، بعد فوزه بولاية ثانية في يونيو الماضي، كما أن أول زيارة رئاسية مصرية إلى جنوب أفريقيا كانت في 2008 قام بها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومن هنا بدأ مستوى التشاور والتنسيق الثنائي في الصعود.

أما على المستوى السياسي والتنسيق الدولي، فيعود الفضل للدولتين والتنسيق الثنائي بينهما في حصول القارة الأفريقية على حقوقها الدولية وتمثيلها في المجالس والمنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومن بشائر التنسيق بين الدولتين أن مصر تتولى منصب رئاسة الاتحاد الأفريقي لهذا العام، فيما تتمتع جنوب أفريقيا بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن، ما يمنح الدولتين نفوذا دوليا مؤثرا لتحقيق المصالح الأفريقية وتحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 نحو أفريقيا متكاملة مزدهرة.

كما كانت كلتا الدولتين داعمة للأخرى، فعندما كانت جنوب أفريقيا تحت حكم الاستعمار، كانت مصر تمد لها يد العون والمساندة لتحريرها، كما كانت داعما لها للتحرر من رؤى العنصرية، وكذا كانت جنوب أفريقيا من الدول الأفريقية الأولى التي سارعت لمساندة مصر بعد 30 يونيو، بعدما تم تعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي، وبعد تفهمها لرغبة الشعب المصري في التغيير، ولمسات معاناته ويلات الإرهاب، أعلنت دعمها الكامل لمصر دولة وشعبا وحكومة.

كما أن مصر وجنوب السودان لهما الرؤى والاستراتيجية ذاتها نحو مكافحة الإرهاب والعنف والتطرف، والتنمية المتكاملة في أفريقيا، تلك الرؤية المنبثقة عن اقتناع الدولتين أن السلام والأمن في القارة مرتبطان بصورة لا تنفصل عن تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، وأن أفضل الطرق تأثيرًا لضمان الاستقرار الدائم هو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

وأيضا فإن الدولتين لهما رؤية موحدة في العديد من دول القارة السمراء، وقضايا المنطقة، ولهما مستوى كبير من التشاور الثنائي، مثل الأوضاع في السودان وليبيا.

أما على مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي، فلكلتا الدولتين الرؤية نفسها في ضرورة التكاتف اقتصاديا من خلال تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى التجارة البينية لرفع مستوى الشعوب اقتصاديا، وكللت هذه الجهود بالإعلان عن مشروع "القاهرة - كيب تاون"، الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية في 2015، ويهدف إلى تنمية حركة التجارة البينية بين دول القارة، وهو يعد أطول طريق بري يربط بين شمال أفريقيا وجنوبها، يبلغ طوله نحو 9700 كم، ويبدأ من ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط ويمتد إلى السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وتنزانيا وكينيا وزامبيا وصولًا إلى جنوب أفريقيا.

وفيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين الدولتين، فإنه لا يرقى للمستوى المتوقع بعد كل هذه السنوات من العلاقات، ولكنه زاد منذ 2013؛ حيث وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 314.7 مليون دولار بنسبة زيادة بلغت نحو 17.5%.