الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد الاشعابي يكتب: مستشفى أطفيح تكتوي بنار الإهمال

صدى البلد

ثمة ما يمكن توصيفه خلال الفترة الماضية، من اتجاه الدولة وعزمها، تحقيق تقدم في الخدمات الصحية، بأنه "فاق التقديرات المتوقعة"، لاسيما في الوقت الذي تسعى فيه القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى خلق منظومة متكاملة للتأمين الصحي، تستهدف توفير خدمات صحية "آدمية"، تستفيد منها الأجيال الحالية والمقبلة.

ولعل هذا الاتجاه لم يأت من فراغ، فلقد تعثرت المساعي لتقديم تلك الخدمات عبر عقود طويلة من الزمن، كانت تلازمها تصريحات رنانة وشعارات براقة دون تقديم الحد الأدنى منها، إلا أن ما يحدث من تضافر للجهود لتحقيق نتائج إيجابية في هذا الصدد، يعكس رغبة حقيقية وجادة للعمل قدما في توفير تلك الخدمات مهما كانت التكاليف.

الفكر الجديد لدى الإدارة المصرية، انتهج منذ نحو ما يزيد على 5 سنوات، إستراتيجية جديدة، تستهدف بالأساس قتل المفهوم العقيم الذي اتبعناه لسنوات طوال، والذي يسمى بـ"المركزية"، وهو ما حاولت الدولة حلحلة تلك المفاهيم واستبدالها بمفاهيم أخرى.

وتجلت مساعي القضاء على المركزية، في التفكير في تنمية محافظات الصعيد، التي عانت إهمالا كبيرا لعقود، لكنها أضحت ضمن خطة التنمية التي تستهدف تحقيقها الدولة، ونجحت الحكومة في إنجاز نحو 439 مشروعًا بمحافظتي قنا وسوهاج حتى الآن، أغلبها استهدف تحديث البنية التحتية من إحلال وتجديد وتوصيل شبكات المياه والصرف، وتطوير الخدمات التعليمية من خلال زيادة عدد الفصول الدراسية وكذلك تطوير المنظومة الصحية وغيرها.

ولم تتغافل خطة الدولة ضمن إستراتيجيتها المعلنة الموثقة في "رؤية مصر 2030"، تنمية صعيد مصر، بل وضعتها ضمن الأهداف الرئيسة، وكذلك انتشار عدد لافت من المشروعات في محافظات مصر المختلفة، والتي كانت تقتصر على محافظات بعينها، إذن يتجلى لنا حقيقة أن هذه المساعي تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي لكافة المحافظات وأخذ حقها في التنمية.

ولطالما كانت هناك رسائل من الرئيس السيسي، تستدعي الانتباه من كافة المسئولين والعمل على تحقيقها، من خلال أحاديثه في كافة اللقاءات والتي لا تخلو من ضرورة بناء الإنسان والاهتمام بالخدمات التعليمية والصحية، وتجلت من خلال عدة مبادرات رئاسية تعتني بالأساس ببناء الإنسان، لا سيما مبادرة حياة كريم التي أطلقها الرئيس في يناير من العام الجاري، وطالب خلالها الرئيس بتضافر الجهود المجتمعية لتحسين الأحوال المعيشية للفئات الأكثر احتياجا، وأحاديث الرئيس.

فإن ثمة ما يدعو إلى تضافر الجهود ومواجهة العقبات التي تواجه مجتمعنا، ويقف الجميع صفا واحدا خلف تلك الجهود التي تبغي التنمية المجتمعية الشاملة، ومساعدة أهلنا في القرى لتوفير حياة كريمة، ومواجهة الإهمال ومحاسبة المسئولين عنه، لأنه يكلفنا فاتورة باهظة.

وبما أن الحديث قد تطرق إلى بناء الإنسان والذي يعني بالأساس بتوفير مناخ صحي جيد، وكذلك التخلص من غول المركزية الذي سيطر علينا طويلًا، فإن ثمة ما يدعونني إلى التساؤل لماذا يتجه بعض المسئولين في المحافظات الى التركيز على توفير خدمات لبعض المدن فيما يتغافل مدن أخرى داخل المحافظة؟.. أليست هذه مركزية مصغّرة؟.

أتذكر أنني التقيت يومًا مدير مستشفى أطفيح المركزي السابق والتابعة إلى محافظة الجيزة، بهدف تفسير شكاوى المواطنين من تدني الخدمات الصحية والعلاجية المقدمة من المستشفى التي زرتها وأكدت مضمون تلك الشكاوى، فبادرني بالرد سريعًا: "إحنا عايزينكم تشتكوا في المحافظة ووزارة الصحة لأننا كأطباء نعاني من أزمة في كل شيء"، هكذا كان رده.

وإشكالية هذا المستشفى ليست فقط في أنه يخدم نحو ربع مليون نسمة من أبناء 22 قرية تابعة لها بشكل مباشر، وإنما موقعه المركزي القريب من طريق "الكريمات – القاهرة"، والذي يستقبل رصيفه مواطنون من مختلف المحافظات سواء القادمين من القاهرة إلى الصعيد أو العكس، وكنتيجة طبيعية فإن الحوادث التي تقع عليه، تكون قبلتها ذلك المستشفى، وبالتالي فإنها في حاجة إلى رعاية كاملة وتوفير شامل لكافة الخدمات الصحية، من استقبال جيد وغرف رعاية حرجة متكاملة وتوفير أطباء لكافة التخصصات، حتى لا يصبح المواطنون عرضة لأي موت فجائي نتيجة لعدم توفير تلك الخدمات.

أما وأنها تفتقد الحد الأدنى من تلك الخدمات، فلا استقبال جيد ولا غرف للرعاية الحرجة ولا توفير للأطباء، فإننا أمام أزمة سرعان ما تتسع فوهتها بمرور الوقت فلا جيوب الفقراء هنالك تسمح للاتجاه المستشفيات الخاصة، ولا الحالات الحرجة تنتظر الانتقال بها إلى مستشفيات القاهرة وهنا من الضروري التدخل السريع من قبل المسئولين بمحافظة الجيزة لاسيما اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة الذي وعد منذ مجيئه بتحسن الحال وكذلك المسئولون بوزارة الصحة بالمحافظة وعلى رأسها وكيل وزارة الصحة بالمحافظة الدكتورة هناء سرور، وتستدعي تدخلا أيضا من الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، لحلحلة عقدة تلك المستشفى، الذي يقف عاجزًا ويكتوي بنار الإهمال.