الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أميرة خلف تكتب : خدعوك فقالوا أنت علي القمة

صدى البلد

كانت ومازالت الثانوية العامة الكابوس الذي يُؤرِق طلابنا ليس في نومهم فحسب بل في حياتهم الواقعية أيضًا "سنة تحديد المصير _ كليات القمة" كلاهما مسميات ليس لها أي أساس من الصحة ما زِلنا نَنظُر لهذه السنة من فجوة ضَيِقة ويَشتد ضيقها يومًا بعد يوم حتي كانت السبب في اختناق أحلام وأنفاس الكثير من الطلاب وحتي الآن مازالت مناهج الثانوية العامة ومناهج التعليم ككل إن صَح التعبير تُعانِي من القصور ومازال قوامُها الحفظ والتلقين، مازال مُعدل قياس تحصيل الطالب هو نسبة حفظهِ للمناهج الدراسية شِئنا أم أبيَّنا مبدأ الحفظ والتلقين أصبح قاعِدة راسخة مثل الكثير من القواعد العقيمة التي رسخت في مصر.

وعندما تَسعي الدولة بشكل عام ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص الي اصلاح ما أفسدهُ الزمن تقوم بتقليد مناهج الغرب تقليدًا أعمي بدون مراعاة لعقلية الطالب التي اعتمدت منذ بداية تعليمهِ علي الحفظ الأصم فلِمَ نحاول أن نُصلِح ونُرمم المبني وأساسهُ مُهدد بالأنهيار؟! لمَ نسعي أن نُقدم ألغازًا وأسئلة منسوخة من مناهج أمريكية !! ونُقدمُها لعقول معتمدة علي الحفظ والتلقين عقول أشبه بحافظة مؤقتة للمعلومات ويتم التخلص مما بداخلها بإفراغها علي ورقة الأجابة بدون أى سعي أو مجهود من الطالب في تَذكر تلك المعلومات بعد ذلك.

وليس هذا سمة عقول طلابنا بل هي سمة تلك المناهج العقيمة الرَكيكة والتي تعتمد علي معادلة واحدة "الحفظ من أجل التفوق "

ألا يكفى ما يُعانيهِ هؤلاء الطلبة وأولياء الأمور من ضغوط عليهم ، سواء كانت مادية ونفسية !

ولكن قبل أن ندعوا إلي تغيير نظام التعليم في مصر علينا أن نُغيَر من أنفسنا أولًا ومن نظرتنا للأمور كما قال تعالي في كتابهِ العزيز
( إنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّروا مَا بِأنْفُسِهِمْ )

إنها سنة دراسية كمثيلاتها من بقية السنوات التي يُقضيها الطالب في مراحلهِ التعليمية ويُقَيِّم فيها أداؤهُ في نهاية العام وهذا التقييم ليس مُعتمِدًا علي نسبة تحصيل الطالب فحسب بل علي نسبة ذكاؤه أيضًا فلِمَ نَلوم طلابنا علي هبة مَيز الله بها عباده عن بعضهم البعض(الذكاء)؟

أليست الثقافة الاجتماعية الرائجة بيننا ظاهرة مخرّبة «بفتح الراء وكسرها»، أبرز آفاتها افتراض الأهل أن أبناءهم يجب أن يكونوا أطباء ومهندسين بالضرورة ، وسوى ذلك يُحطِواّ من مكانتهم ويَطعنوا في رعايتهم؟!

والآن... إذًا كنا سَننوب عن أبنائِنا بالدراسة ، فكيف لهم أن ينجحوا ويتفوقوا ؟! ثم كيف صار لأجيال في عقودٍ عديدة مَضت أن ظهر منها العلماء والمفكرون والمخترعون والأدباء والفنانون ورجال السياسة الكبار... الخ مع أنهم أبناء أسرٍ فقيرة أو متوسطة الحال. 

وها نحن ذا نجد الكثير في السير الذاتية التي كتبها عشرات المبدعين الكبار في مختلف المجالات والحقول كانوا يؤكدون على الظروف المادية البائسة والاجتماعية الصعبة والأسرية البسيطة ، أو المفككة أحيانًا التي نبتوأ في تربتها وأزهروا وأثمروا عطاءات ابداعية فائقة ، سواء في العلم أو الفن أو الأدب ولم تتوقف حياتهم أبدًا علي ثانوية أو غيرها ..

علاوة على عدم اهتمام أولئك الآباء والأمهات بدراسة أبنائهم ، وعدم اكتراثهم اطلاقًا أحيانًا بما حصّلوا من مراحل تعليمية دراسية ، وعدم مواكبتِهم لأبنائهم ومتابعتهم لهم متابعة حثيثة ، بل الاكتفاء في أحسن الأحوال بتأمين الطعام والشراب والمأوى لهم ليس إلا ؟! ولا دخل لهم بما يُلقونه من عَناء ناهيك عن بَذل الجهد لعامٍ كامل. 

دعوا للطلاب مُتنفسهم ها نحن ذا نجد الكثير منا يذهب لمن حصل علي المجموع الأعلي في حين نترك البقية ... الذين كانوا مثلهم مثل غيرهم اجتهدوا وسهِروا ولم يُقصروا .

من الآن فصاعدًا لنتعاهد جميعًا أن نأخذ بيدهم علي إكمال وإتمام المسيرة ولا نُلقي لومًا علي أحدٍ منهم.
 
تكمن مرحلة نضجنا في معروف نفعله لهم يُدخل السرور علي قلوبهم ونعيد رسم البسمة علي شفتيهم أو بكلمة جبرٍ طمأنَت في وقتِ كسرٍ وانهيار...

فكيف لنا ألا نرضى ونحن نوقن أن الله هو "الرحمن"، أرحم بعباده من الأم بولدها؟! كيف لا نرضى ونحن نوقن أن الله هو "العليم" يَعلم ما يُصلح عبده وما يضره ، والعبد جاهل لا يرى إلا تحت قدميه؟! كيف لا نرضى ونحن نوقن أن الله هو "اللطيف" كيف لا نرضى ونحن نوقِن أن الله هو "الودود"، يتودَّد إلى عباده بنِعمهِ اللامحدودة: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾

لاحِظ أنه قال "نعمة" ولم يقل "نعم"؛ لأن كل نعمة محشوة بنعم لا تُعد ولا تحصى .. مَن قال أن الله حجب عنك خيرًا !! بل الخير بأم عينه في اختيارهِ جل جلاله لكَ ولا يُسأل الحبيب عما يفعل

انظروا لأولادكم بفخر وقدروا مجهودَهم ؛ لم تنتهِ الفرصة بعد
الثانوية ليست محور الحياة كما يقولون لكم حياتك تبدأ من الآن

واعلموا جيدًا أن الله جل جلاله لا يُقدر شرًا لا خير فيه ، فإن حدث لنا أمر مما لا نتمناه فلنقل: "لعله خير أراده الله لنا من حيث لا ندري"

ويقول عمر رضي الله عنه: "لو عُرِضَت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له"

ارض بما كتبه الله لك حتي لو رأيت أنه مؤلم فاختيار الله لك هو الأفضل واعلم أن طريقك للنجاح ما زال مستمرًا ورب الخير لا يأتِ إلا بالخير
وأخيرًا وليس بآخر : كليات القمة وَهم لا وجود لهُ إلا في البلاد المُتخَلِفة ؛ ادرس ما تُحِب واصعد الي قمَتكَ الخاصة.