الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د خالد رحومة يكتب: لا مفر من الإصلاح

د. خالد رحومة
د. خالد رحومة

في العمارة التي نقطنها حدث أن تعطل الأسانسير فقررنا طرح الأمر على اتحاد الشاغلين في أول اجتماع قادم وبالفعل قام من يسكن الدور الأول بعرض موقفه وهو انه لا يقتنع بالفكرة، بل وقد يبدي استياءه مؤكدًا أنه لا ضرورة للأسانسير بالعمارة ومن الأفضل للسكان صعود الدرج كرياضة.

أما من يسكن الدور السادس فكان موقفه على النقيض و يرحب بالفكرة ويبدي استعداده للمشاركة، و تجد من اتهم مجلس الإتحاد بالعبث وأنه لا ضرورة لاستبدال الأسانسير ومواقف أخرى أخطرها من يحاول الهروب مرددًا "ما هما كده كده هيصلحوه" ...

هذه القصة من وحي الخيال ولكنها تتكرر معنا جميعًا في اتحاد شاغلين أكبر من عقار نسكنه ... تتكرر في وطن أراد الإصلاح فكان لزامًا علي الجميع أن يشارك لأن الجميع سيجني الثمار، ومن المستحيل انتظار نتائج الإصلاح دون العمل عليه و تحمل وتقبل خطواته ... بلا شك أن لكل إصلاح ثمنه، وحتى ينجح اتحاد الشاغلين في إصلاح الأسانسير، ابتكر البعض كارت يحصل عليه من ساهم فقط في الإصلاح فلا مجال لأي مستفيد مجاني.

وبحيادية تامة دعونا نتفق على ما يقر به السواد الأعظم من أهل الاقتصاد وهو أن الأسواق الحرة دون تدخل في الأسعار أكثر كفاءة في تخصيص الموارد وهي التي تضمن عدم حدوث اختلالات هيكلية.

ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة وأكررها وبعيدًا عن أي أبعاد سياسية أو إجتماعية.. يجب أن نسأل أنفسنا من أين توفر الحكومة 301 مليار جنيه بالموازنة لزيادة الأجور ؟!!

الإجابة تتلخص في" علاج تشوهات منظومة الدعم" التي تسببت مرارًا وتكرارا في حصول غير المستحق عليه، فضلًا عن أن ثقافة ان تباع أي سلعة بأقل من سعرها ثقافة بائسة تسببت في اختلالات جسيمة ليس في البنيان الاقتصادي فقط ولكن في البنيان الاجتماعي والثقافي.

هذه الثقافة الموروثة لأبوية الدولة انتهت في جميع الدول التي حققت تقدما اقتصاديا فلا توجد أي حكومات حول العالم تمارس مهام الجمعيات الخيرية حتي في ظل النظم التي تميل لليسار الذي أثبت فشله في استغلال الموارد ولم يحقق الكفاءة المطلوبة ولا استطاع أن يحقق التقدم الاقتصادي او يفي بمتطلبات الاستدامة.

وكما يعلم أهل الاقتصاد وغيرهم من دارسيه أن تراجع الأسعار على مستوي السوق يستلزم أحد حلين لا ثالث لهما: إما ترشيد الطلب.. أو زيادة العرض.

أما علي المستوى الجزئي أي على مستوي الفرد فلا محالة من أن تغير الثقافة قد أصبح أمرًا، فقد سعي كل منا لحل مشكلته الاقتصادية يواجه بحلين لا ثالث لهما: إما ترشيد طلبه، أو زيادة دخله إذا أراد الحفاظ علي المستوي المعيشي كما هو.

وقضية ترشيد الطلب قد لا يقبلها البعض حتى مع كونها واقعًا تعيشه دول العالم أجمع، ونشهدها بتطور نظم عديدة لتدوير وإعادة تدوير كافة المدخلات.

أما البديل الثاني المتعلق بتنمية موارده وزيادة دخله وهو البديل الأكثر منطقية إلا أنه يصطدم ببعد ثقافي بات ملحًا وهو التحول للعمل الحر غير المرتبط بوظائف ذات دخل ثابت، وبلاشك يستلزم ذلك مزيدًا من الجهد والعمل، وتحول بدرجة كبير لمجالات التعليم الفنية فلا مجال لوجود أي فرد كعالة علي غيره أو مجتمعه.. و حتي هنا يبقي عندي سؤالان.

الاول : هل نحن مستعدون لهذا التحول في ثقافة مجتمعاتنا، الثاني : هل سيتم إصلاح الاسانسير ؟!!