حنان صلاح تكتب: قوة مصر الناعمة

عندما أذكر "قوة مصر الناعمة".. هنا لا أُشير إلى ما تُجسده الدولة من أفكار ومبادئ وفنون من خلال الدعم في مجالات حقوق الانسان، بل أقصد تلك القوة الخفية التي لا يَعترف بها الكثير، ولا يُريد رؤيتها وكأنها تَسلِب منه سُلطته فما عليه إلا أن يُنكرها أمام نفسه وأمام الجموع ، إنها قوة المرأة التي تَعمدت وصفها بالقوة الناعمة كي لا أُجردها من أُنوثتها التي تُميزها كنوع فقط ، فـ كونها أنثي هذا لا يعني أنها تفتقر جميع القدرات التي يملُكها الرجل، ولكن العنصرية تَطغى أحيانًا عند بعض الرجال فلا يَعترف بها إلا كونها مخلوقة تخضع له أيًا كان.

أرسطو أكد ذلك عندما قال : "إن الطبيعة لم تزود المرأة بأيِ استعداد عقلي يُعتد به، ولذلك يجب أن تقتصر على شؤون التدبير المنزلي والأُمومة وما إلى ذلك، وقال أيضا :" إن المرأة رجل غير كامل ، تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة".

لم تتركنا الطبيعة قط، ولم نُخلق إلا مُكرمين وليس الرجل بمقياس للقوة على الاطلاق ، خُلقنا لنتقاسم حقوق وواجبات الحياه معًا ، نركُض سويًا دون تميز و تحقير وإن كان هناك العديد من الأمثلة التي تثبُت أن المرأة قادرة أن تخوض حروبًا ليس تحديات فقط.

بداية من حتشبسوت وكليوباترا وشجر الدر، اللاتي حكمن مصر لسنوات طويلة، وهدي شعراوي التي اقترن اسمُها بالنضال النسائي في مصر، وأم المصريين صفية زغلول الرمز الثوري لثورة 1919 ، وسميرة موسي عالمة الاشعاع النووي، ومفيدة عبد الرحمن أول محامية في مصر ، و الأميرة فاطمة اسماعيل صاحبة الفضل في تأسيس أول جامعة في مصر ، وروز اليوسف صاحبة مجلة روز اليوسف ، ولطفية النادي أول كابتن طيار مصرية وغيرهُن أعداد لا تُحصي في كافة المجالات .

نظرة المجتمع جعلتها تُدرك قوتها فتخطت كل الحواجز التي بناها في صورة عادات وتقاليد ظالمه، عزمت على النجاح والغاء ما يسمى بـ عالم الرجال، ترى أن العالم واحد فقط ولا توجد بروج عاجية، قامت بجميع الأعمال التي يقوم بها الرجل واعتبرها حكرًا عليه، لتثبت الفرق بين القوة والقوام، وأن العمل ليس حكرًا علي أحد، لكنه باب يُطرقه كل من أراد ويمر به كل قادر وليس كل رجل..

وما يثبت ذلك أنه لأول مرة في مصر ربع أعضاء الحكومة من النساء، وهذا أثلج صدور الكثير من النساء ليس لتوليهن هذه المناصب فقط ، ولكن كونها شعلة نور وأمل تُطمئن كل صاحبة حلم أنه سيُعترف في النهاية بالمجهود الذي تبذله من أجل الوصول إلى ما تسعي إليه دون تحديات وقيود من المجتمع يرفضها كونها أنثى.

المرأة مسلسل نجاح تُذاع حلقاته يوميًا وتتوافد عليه المشاهدات، تحمل كل حلقة منه رسالة للجميع " بأنها تستطيع" فـ أغلب نجاحات اليوم من توقيع حواء .