الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حنان صلاح تكتب: متى يعود البيت الكبير؟

صدى البلد


يبدو أن عدم وجود وزيرا للإعلام علي مائدة مفاوضات وسياسات الحكومة واحتياج الدولة إلى قرارات جريئة ومهمة تجاه ملف الإعلام بشكل عام وماسبيرو بشكل خاص، السبب في مشاكل كثيرة تراكمت ولم تجد شجاعة الحل، ورُبما الاهتمام بثقافة الكم علي حساب الكيف وقتل الطاقات الإبداعية هي الأزمة التي أصابته بالوهن والترهل، ولكن هل يوجد بديل عن ماسبيرو؟.. للاسف، لا يوجد بديل ولن يكون هناك بديل، لانه فاتحة الإذاعة والتليفزيون والمنبر الإعلامي الذي يتحدث باسم الدولة والشعب.

لم يُلقي أحد النظر إلى ذلك الصرح العريق الذي يُعد تراث حضاري تَربي عليه أجيال ونشأت عليه جمهورية كاملة تتلقي منه وتتحدث إليه، لكنه بات قضية قومية علي الرف لا يتقدم أحد علي إصلاحه، يُنظر إليه كـ عليل دون فائدة، ويبقى السؤال هل تُدير الحكومة ظهرها عن إصلاح منبرها؟.. هل تغفل عن دوره كأحد أهم مؤسسات المجتمع؟.. هل القناوات الخاصة بديلة عن نقطة اتصال الدولة بشبعها؟ .

غياب ماسبيرو الآن عن أرض الإعلام وسيادة القنوات الفضائية العدائية التي لا حصر لها دون رقابة حازمة، تسببت في تضليل العقول بالأفكار والمضامين المسممة، وانحدار المستوي الفني والإعلامي نتيجة ما يتم بثه عبر الشاشات التي أتلفت السلوكيات بعد أن شحنت العقول برصيد من العنف ومشاهد القتل كان للأطفال والشباب النصيب الأكبر من هذا التسمم رغبة في التقليد الذي حمل البعض منهم خلف القضبان ومصحات الإدمان وبين سكان القبور..

نرغب بعودة «البيت الكبير» الذي يجمع الشعب علي مائدة صحية سليمة كل من يجلس عليها تُشبع عقله بأفكار تُسهم في تكوين شخصية سوية، نحتاج إلى فلترة الشاشات من نشر المحتويات التي تهدم وتقتل كيان دولة كاملة ، و أن يكون ماسبيرو هو مصدر الخبر كي يَلقي اهتمامًا من الجمهور، فالقاصي والداني يُدرك تمامًا أن توديع ماسبيرو لهمومه ونهوضه مرة أخرى يكون باستخدام الطاقات البشرية المهدرة والتركيز علي سياسة الكيف دون الكم التي تخدم مجال الإعلام بشكل عام.


حتى ترسيخ الوطنية ودعم الدولة ونظامها لا يمكن أن يتم إلا من خلال جعل منبر الدولة هو مصدر المعلومة التي تجمع شعبه تحت سقف واحد، وبالتالي تزيد الإعلانات ونستطيع مواجهة احتكار القنوات الفضائية للوكالات الإعلانية ومنع الفوضي والتأزم في ظل ضعف الرقابة علي المحتوي الإعلامي.

نشتاق بلهفة لِذكرياتنا الجميلة التي تظل عالقة في أذهان الجميع مابين الصغار والكبار، لا أحد منا ينسي موسيقي صباح الخير يامصر، العلم والإيمان ، عالم الحيوان، سر الارض، حديث المدينة ، خلف الاسوار ، الكاميرا الخفية، وفي الاذاعة ساعة لقلبك ، علي الناصية، إلى ربات البيوت، غنوة وحدوتة، أبلة فضيلة، كلمتين وبس، كل هذه البرامج إذاعة كانت أو تليفزيون كانت تبث البهجة والمتعة والثقافة بجميع أشكالها وتخاطب جميع الأعمار وكانت السبب في تشكيل وعي الكثير من الأجيال .

ماسبيرو حالة ليس مجرد شاشة وميكرفون، إنما تراث نأمل الحفاظ عليه والنظر إليه كـ عليل يريد أن يتعافي من التخمة والترهل بتقديم خطط مدروسة للإصلاح من قِبل المسؤلين، ليظل ماسبيرو تراث قومي وعمود من أعمدة الدولة الذي يحفظ بقائها، وصورة من صور الحضارة التي نعتز بها أمام العالم، ربما هذا الوقت المناسب لتعافي وعودة ماسبيرو «البيت الكبير».