الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. زكي مبارك المشاكس تسبب طه حسين في خروجه من الجامعة.. ودخل في خصومة مع أدباء عصره

صدى البلد

عُرف بالمشاكس، فدائما كان يدخل في حالة خصومة مع الأدباء ولم يسلم أدباء عصره من لسانه حتى إنه كان يقول عن نفسه "أنا أحب الخصومات لأنها تزكى عزيمتي"، إنه الأديب والشاعر والصحفي زكي مبارك، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده.

ولد زكي مبارك في قرية سنتريس بمحافظة المنوفية في عام 1892، والتحق بالأزهر عام 1908 وحصل على شهادة الأهلية منه عام 1916، وليسانس الآداب من الجامعة المصرية عام 1921، والدكتوراه في الآداب من الجامعة ذاتها عام 1924 ثم دبلوم الدراسات العليا في الآداب من مدرسة اللغات الشرقية، في باريس عام 1931 ثم الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون عام 1937.

حصل زكي مبارك، على ثلاث درجات دكتوراه متتالية فلقبه البعض إثر ذلك بالدكاترة زكي مبارك، ودرّس في الجامعة المصرية لعدة سنوات وعمل مفتشا عاما للغة العربية.

كلمة من طه حسين أخرجته من الجامعة إلى الشارع بلا وظيفة وبلا مرتب، بالرغم من حصوله علي الدكتوراة ثلاث مرات وتأليفه أكثر من أربعين كتابا، وقد أتيح له أن يعمل في الجامعة المصرية، وعمل في الجامعة الأمريكية وعين مفتشًا للمدارس الأجنبية في مصر ولكنه لم يستقر في هذه الوظيفة وأخرج منها بعد أن جاء النقراشي وزيرا للمعارف والدكتور السنهوري وكيلا للوزارة.

عمل زكي مبارك في الصحافة أعواما طويلة وكتب في جريدة البلاغ وغيرها من الصحف نحو ألف مقال في موضوعات متنوعة.

انتدب زكي مبارك في عام 1937م للعراق للعمل في دار المعلمين العالية، وقد سعد في العراق بمعرفة وصداقة كثير من أعلامه، وعلي الرغم مما لقي في العراق من تكريم إلا أنه ظل يشعر بالظلم في مصر وهو يعبر عن ظلمه أصدق تعبير بقوله "إن راتبي في وزارة المعارف ضئيل، وأنا أكمله بالمكافأة التي آخذها من البلاغ أجرا علي مقالات لا يكتب مثلها كاتب ولو غمس يديه في الحبر الأسود… إن بني آدم خائنون تؤلف خمسة وأربعين كتابًا منها اثنان بالفرنسية وتنشر ألف مقالة في البلاغ وتصير دكاترة ومع هذا تبقي مفتشًا بوزارة المعارف".

تتلمذ زكي مبارك على يد الشيخ المرصفي الذي لعب دورًا إصلاحيًّا كبيرًا في تطور الدراسات الأدبية واللغوية في ذلك العصر، وتتلمذ أيضًا على يد طه حسين، ولكنه كان تلميذًا مشاغبًا يقارع أستاذه، ولا يستكين استكانة المتلقي، بل يُعمل عقله النقدي ويجاهر مجاهرة الواثق بقدراته، حيث قال لأستاذه طه حسين ذات مرة أثناء إحدى المناقشات في مدرج الجامعة: "لا تتعالموا علينا ففي وسعنا أن نساجلكم بالحجج والبراهين".

تبوَّأ زكي مبارك مكان الصدارة في مجالي الشعر والخطابة، ورمى بنفسه في أتون ثورة 1919 مستغلًّا هذه المكانة ليلهب مشاعر الجماهير بخطبه البليغة الوطنية، ويفجر المظاهرات بأشعاره النارية، عمل أولًا بالصحافة: رئيسًا لتحرير جريدة "الأفكار"، وبعد الدكتوراه عُيّن مدرسًا بالجامعة المصرية عام 1925 ثم أبعد عنها لمناصرته عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في معركة كتابه "في الشعر الجاهلي".

لم ينضم زكي مبارك إلى أي من الأحزاب مثل أدباء عصره فناله الكثير من الظلم في عمله الجامعي، ونظرًا لإهماله في أعماله الأدبية وفي تشتته واسترساله في أعماله.

قال عنه طه حسين "هو الرجل الذي لا يخلو إلى قلمه إلا احتال على رأسه عفريت"، وقال عنه العقاد "إنه كاتب بلا شخصية وبلا طابع"، وعنه قال المازني "لو أخلى كتاباته من الحديث عن زكى مبارك لكان أحسن مما هو عليه"، فإذا كانت هذه آراء منافسيه وخصومه فلم يسلم أيضا من رأي رفاقه منهم أحمد حسن الزيات الذي قال عنه "هو لون من ألوان الأدب المعاصر، ولا بد منه ولا حيلة فيه، هو الملاكم الأدبي في ثقافتنا الحديثة".

توفي في 22 يناير 1952، حيث أغمي عليه في شارع عماد الدين وأصيب في رأسه فنقل إلى المستشفى حيث بقي غائبا عن الوعي حتى وافته المنية في 23 يناير 1952.