الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد رجب يكتب: المنصوب بالكسرة

صدى البلد

معظمنا وخاصة ممن هم بعيدا عن فنون ومهارات وحلاوة لغتنا الجميلة يعرفون أن علامات الرفع في اللغة العربية هي الضمة وعلامات النصب هي الفتحة وعلامات الجر هي الكسرة .. وبالفعل فإن هذه هي القواعد النحوية الأساسية التي تعلمناها جميعا إبان مرحلة دراستنا في التعليم الأساسي والتي مع مرور الوقت ومع هيمنة الثقافة الغربية علي مجتمعاتنا الشرقية نسينا أو تناسينا هذه القواعد البسيطة التي كانت تزين سبورتنا الخشبية إبان عهد الطباشير الطبية الكلاسيكية التي انقرضت مع طغيان الأقلام الفلوماستر وأقلام الوايت بورد الملونة ذات الروائح النفاذة التي تزكم العقل قبل الأنف !!

ومعظمها أقلام غربية مستوردة كتب بها الخواجة بلغته الأفرنجية وكتبنا بها نحن الأفندية بلغتنا العربية !! .. وأنا هنا لا أختزل القضية في وسائل الكتابة ومكوناتها حيث قديمٱ كانت الكتابة عبارة عن نقوش علي الحجر وعلي ورق البردي وعلي جريد النخل ولم يمنع ذلك من بناء الحضارات وانتشار الثقافات التي كانت الكتابة هي عمودها الفقري الأول في تقنين الهوية ونشر الشخصية الاعتبارية .. أنا هنا لا أختزل القضية كما قلت في وسائل الكتابة ولكني أنوه إلي أن التقليد وأسلوب المحاكاة قد بدأ باستعارة الوسيلة ثم توغل لإستعارة الثقافة الغربية نفسها علي حساب هجر لغة القرآن التي تحدث بها رب العزة مع موسي الكليم والتي علم بها رب العزة آدم الأسماء كلها ثم عرضهم علي الملائكة متحديٱ إياهم بأن يخبروه سبحانه وتعالي بأسرار اللغة وبأن يخبروه جل شأنه بالأسماء التي علمها سبحانه وتعالي لآدم إن كان يعلمون فما كان من عباد الله النوريين سوي أن قالوا في صوت واحد وقناعة واحدة وطاعة مابعدها طاعة " سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم " صدق الله العظيم .. إنها اللغة التي خرج بها القرآن من اللوح المحفوظ ونزل بها إلي السماء الدنيا في ليلة القدر فكانت الأخيرة وبأمر الله تعالي خير من ألف شهر !! 

إنها اللغة التي تحدث بها الروح الأمين جبريل علية السلام مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبا منه أن يقرأ باسم ربه الذي خلق !! .. 

إنها اللغة العربية التي تحدث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأفق الأعلي في المعراج إلي عرش الله تعالي وهي نفسها اللغة التي دار بها حوار قدسي عظيم مابين رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم وبين رب العزة وتدخل في الحوار حملة العرش الثمانية حينما صعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلي عرش الرحمن ليكون قاب قوسين أو أدني ويجلس نفس جلسة التحيات التي مازلنا نجلسها حتي الآن في جميع الصلوات ويقول بأدب وخشوع مخاطبا المولي عز وجل باللغة العربية " التحيات لله والصلوات والطيبات لله " ليرد تعالي عليه بنفس اللغة قائلًا جل شأنه " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" ليرد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبا الله تعالي مرة أخرى ومخاطبا عباد الله الصالحين من الملائكة حملة العرش قائلا " السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين" ليرد حملة العرش الثمانية في صوت واحد وبنفس اللغة العربية قائلين " اللهم صلي علي محمد وعلي ٱل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد" .... كلنا ياسادة نقول هذا الكلام يوميا في صلواتنا الخمسة ومعظمنا لا يدري السر وراء هذا الكلام المقدس الذي كانت اللغة العربية هي القاسم المشترك فيه بين رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم من ناحية وبين الله تعالي وملائكته من ناحية أخرى .

إنها نفس اللغة أيضا التي سبح بها نبي الله يونس علية السلام في بطن الحوت !! .. إنها لغة ضيفي إبراهيم أيضا عندما حملا له البشري بابنه إسحق عليه السلام !!...

إنها اللغة العربية ياسادة التي هجرناها ونعجز بأن نكتب بفنونها وأسرارها وحركاتها ونعجز ونحتار في أن نعرب كلماتها فلم نعد نهتم بمواضع الضم أو الفتح أو النصب أو السكون .. لم نعد نعلم الفرق بين الاسم المعرب والاسم المبني !! .. نسينا ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب ولم نعد نتذكر الضمير المتصل ونفرق بينه وبين المنفصل ولم نعد نعرف الضمير البارز ونفرق بينه وبين المستتر .. أصبح البعض منا يستهزأ بقواعد كان وأخواتها وإن وأخواتها ويتخذها مثار ضحك وسخرية وهو لا يشعر أنه ينفذ مخطط الصهيونية والماسونية العالمية التي تسعي جاهدة للقضاء علي ماتبقي من الهوية اللغوية التي هي مناط أساس الهوية العربية بل هي حجر الزاوية للدين الإسلامي الحنيف .

وختامٱ فقد صعقت وأنا أتابع حديث مهم أجراه زميل لا داعي لذكر اسمه مع رئيس الجمهورية وقد تحدث باللغة العربية وقام بنصب كلمة بالفتحة لأنها مفعول به .. وبالرغم أن المفعول به هو بالفعل منصوب بالفتحة إلا أن الكلمة التي نصبها هذا الزميل هي جمع مؤنث سالم .. والقاعدة النحوية الخطيرة جدا يا سادة والتي أكاد أزعم أنه يجهلها السواد الأعظم من الناس تتلخص في أن جمع المؤنث السالم هو الجمع الوحيد في اللغة العربية كلها منذ قديم الزمان الذي ينصب بالكسرة !!!! ...... فمثلا كلمات مثل المسلمات أو القانتات أو الخاشعات أو التائبات أو أي جمع مؤنث سالم وهو الذي ينتهي بالألف والتاء .. يرفع بالضم وينصب بالكسرة .. وهذا خروج خطير واستثناء عظيم من قواعد اللغة وقاعدة في منتهي البساطة والأهمية معا.

كم كنت أتمني أن يحتاط زميلي لمثل هذا الأمر .. أشهد الله أنني لا أتصيد الأخطاء لأحد ولا أنصب نفسي عالما أو فصيحا فأنا أبعد عن ذلك بكثير !! .. لكنني غيور علي هويتنا ومصريتنا ولغتنا وأتمني أن نعود سريعا نحتضن لغتنا الجميلة ونعلم أولادنا وصغارنا أسرارها ورونقها وجمالها وقدسيتها وهيبتها وكلاسيكيتها وقواعدها ...
 
وليكن درسنا الأول والمهم لهم أن هناك ماهو منصوب بالكسرة وهو شيء واحد فقط في اللغة العربية كلها وهو " جمع المؤنث السالم" فهو الوحيد " المنصوب بالكسرة" !!!!!!!