الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما بين الفقر والحاجة.. كيف وجد النصابين طريقهم للاحتيال في أضحية العيد ؟

أضحية العيد
أضحية العيد

في نهار أولى أيام عيد الأضحى، تسقط الأضحية وتنظر إليها الأعين في ترقب وتحسب في انتظار انتهاء النحر، تركض الأطفال في المكان احتفالا باليوم الذي ينتظرونه من العام للآخر، تتعالى أصوات أصحاب الأضاحي بالدعوات، ويبدأ الشباب بتلوين كفوفهم بدم الأضحية، وتتجهز ربات البيوت بأكياسهم وتفريغ ثلاجاتهم لاستقبال اللحوم وتخزينها، قبل توزيعها للفقراء وذوي القربى.



ومابين الفرح وأجواء العيد، تترقب أعين أخرى الأضحية، تنظر إليها عن استحياء، تدفع حاجتها خطاها إلى الأمام، وتعيدها عزة نفسها إلى الوراء مرة أخرى، ومابين تردد واشتياق، تقف أم محمد في خجل في نهاية الشارع حيث اجتمع أهالي المنطقة لذبح أضاحيهم.

ومن وراء نظرات أم محمد الخاطفة إلى الأضحية، يجذب عبائتها من الخلف طفلها حافي الأقدام، ينظر إليها فرحا صائحا:" ماما هناكل لحمة النهاردة ؟"، لتعلو السيدة حمرة وجهها فترد في خجل:"إن شاء الله يا حبيبي"، وما بين همسات الأم وطفلها، يقطع كلماتهم أحد الشباب الذي أقبل عليها حاملا كيسا أسود، وينحني للصغير فيقبله على جبينه قائلا:" كل سنة وانت طيب روح البيت عيد مع ماما".



تنفرج الضحكة أخيرا عن ثغر الأم التي لم تر الابتسامة منذ الصباح، فتحمل ابنها ضاحكة، وتتلعثم في جمل شكر الشاب الذي صنع عيدها وأدخل البهجة على أسرتها الصغيرة، فتعود أدراجها تفكر في الغداء الذي ستصنعه بكيس اللحم الذي جاء بعد شوق.

حال أم محمد لا يختلف كثيرا عن حال العديد من الأمهات اللاتي ينتظرن عيد الأضحى، يعتبرنه فرصة لتناول اللحم والاستمتاع بمذاقه الذي يصعب عليهن الحصول عليه طوال العام، الحاجة والفقر يحول بينهم وبين شراءه.

وما بين الحاجة والفقر، وجد آخرون طريقهم للاحتيال، وفي منطقة العتبة، اعتادت أم عصام على نحر أضحية كل عام، وتوزيعها على الفقراء في سبيل الله، ومع انتهاء الذبح الذي تم في فناء منزلها وتفرق الجزارين، لم ينته الطرق على باب منزلها من السائلين على حاجتهم من لحم الأضحية، ولم ترد أم عصام سائلا، فأعطتهم ما ملكت حتى قرب لحمها من النفاذ.

ساعات مضت وهدأ الإقبال عليها، ليدق الباب مرة أخرى، فتزداد حيرة أم عصام حول كيفية توزيع المزيد من اللحم، ولكن الطارق هذه المرة ليس كسابقه، ففوجئت العجوز بوجه سيدة تشابه عليها، جاءت لسؤال صاحبة المنزل حول رغبتها في شراء لحم طازج مذبوح صباح اليوم، تتمعن أم عصام النظر في وجه السيدة وكيس اللحم الذي تحمله، لتفاجئ أنها نفس التي جاءت إليها منكسرة سائلة عن نصيبها من الأضحية.

ومابين السؤال والحاجه، استغل البعض أضحية العيد في جمع أكبر قدر من أكياس اللحم لبيعها مرة أخرى للجزارين أو لربات البيوت بسعر أقل من الجزارين، لجني المال والتربح من وراء تبرعات أصحاب الأضاحي.