الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مجدى صادق يكتب: الانتقالي الجنوبي وعبد ربه منصور والشيطان ثالثهم

صدى البلد

يبدو ان عبد ربه منصور قد يخرج من المشهد اليمنى قريبا على اثر الاحداث العاصفة التى شهدتها مدينة عدن التى سبق له ان اتخذها عاصمة مؤقته بعد فراره من صنعاء اثر غزوها من المتمردين الحوثيين فى خريف 2014 ويبدو انه دفع بعض من مساعديه منهم هادى احمد الميسرى وزير الداخلية الذى المح الى ان المملكة " متواطئة " فيما حدث من قوات االمجلس الانتقالي الجنوبى وهو المجلس الذى تأسس فى 2017 من قيادات ووزراء ومحافظين وبرلمايين الجنوب بقيادة اللواء عيدروس الزبيدى محافظ عدن السابق وقائد المقاومة الجنوبية وكذاعبد الملك المخلافى الذى كان يشغل منصب وزير الخارجية لتنظيم حملة شعواء ضد التحالف العربى على الرغم ان هادى يقيم الان هربا بالمملكة العربية السعودية او ربما وهذا هو الارجح هذا التصعيد ضد قوات التحالف بتحريك من صانعي السم واعني حزب الاصلاح والذين تواطؤا مع الحوثيين لقصف قوات المجلس الانتقالى الجنوبى من قبل بصواريخ بعد انتقادات و تحذير الجنوبى من سيطرة حزب الاصلاح الاخوانى على مقاليد السلطة الفعلية فى حكومة هادى واتخاذه الاخير مجرد واجهة لتمرير سياسات الحزب واهدافه !

فقد كشفت المواجهات الاخيرة فى عدن لليمنيين خطر إخوان اليمن الذى يهيمنون على مؤسسات " الشرعية " ويوهموهم بانهم القوة الاكثر تنظيما والتى لاتقهر !

وكنت منذ اكثر من عام قد كتبت عن كارثة مقبل عليها الرئيس اليمنى الشرعى عبد ربه منصور هادى حين وضع " رقبته " تحت مقصلة جماعة الاخوان المسلمين باليمن وهو حزب الاصلاح فى مواجهة ميليشيات الحوثيين ظنا منه انه بالاحتماء بالجماعة سيضمن بقاءه فى السلطة من خلال ربما صفقة بينهما رغم ان تاريخ تلك الجماعة الملئ بالاكاذيب والخداع والتقية التى تنتهج استراتيجية تكتيك الصفقات ( نظرية المراحل ) حتى يتسنى لهم الانقضاض على الحكم , لكن ربما لم يقرأ الرئيس اليمنى التاريخ من قبل ظنا منه انها جماعة وطنية مثلما خدعت الآخرين بانهم يمنيين وانهم يصونون العهود والاتفاقات و التعهدات وهو لم يحدث طوال تاريخهم بل يعتمدون السياسة الميكا فيللية لتحقيق مقاصدهم واهدافهم الاستراتيجية حتى تأتى مرحلة التمكين والاستيلاء على السلطة , وايضا لدرء مخاطر ارتفاع اسهم شعبية ابناء على عبدالله صالح الذين ربما لهم هم ايضا شهية السعى للسلطة ومحاولة الانقضاض عليها خاصة وان طرفى المعادلة على النقيض فهم على خلاف معا رغم ان هناك علاقات قرابة ونسب ومصاهرة بينهما جميعا لكنه الصراع على السلطة هو الذى يحرك تلك المجموعات العرقية و القبائلية والحزبية فى اليمن.

وبقى التساؤل الذى كنت ابحث له عن إجابة تشبع جوفى : إذا كانت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية تعتبران جماعة الاخوان والتنظيم الدولى جماعة إرهابية , فهل تسمحان بان يدخل هذا التنظيم من بوابة عبد ربه منصور لاحداث حالة من الارتباك السياسى والعملياتى فى الميدان فى ظل وجود قوات التحالف العربية ؟! وهل سيتم التنسيق بين قوات التحالف وجماعة الاخوان باليمن حتى ولو من باب التكتيكات العسكرية على الارض ؟!! بل والاهم هل ترضى كل من السعودية والامارات العربية قبول هؤلاء الذين تدعمهم ايضا قطر فى لعبة اليمن ؟!
وبعد مايقرب من العام جاءتنى الاجابة !
والقصة بدأت حين اعتزم عبد ربه منصور هادى تعيين اللواء على صالح الاحمر وهو أخ غير شقيق للرئيس الراحل على عبد الله صالح ليكون قائدا لقوات الاحتياط والتى كانت تسمى وحتى عام 1998 بقوات الحرس الجمهورى وهو امتداد لمؤسس حزب التجمع اليمنى للاصلاح الراحل عبدالله بن حسن الاحمر شيخ قبائل حاشد وهو حزب جماعة الاخوان المسلمين باليمن والذى تأ سس على إثر قيام الوحدة اليمنية فى 13 سبتمبر 1990 وقد توفى الاحمر الكبير فى 28 ديسيمبر 2007 ليرأس الحزب وهيئته العليا محمد عبد الله اليدومى وقد استطاع الحزب عبر صفقات مع حزب المؤتمر الشعبى العام والذى رأسه على عبد الله صالح الى الوصول الى السلطة بعد فوزه فى الانتخابات النيابية فى ابريل 1993 لكن انكشفت اقنعة الحزب فى صراعه على السلطة وحدث الانشقاق بين التحالفين على إثر ترشيح المهندس فيصل بن شملان منافسا فى انتخابات الرئاسة ضد على عبد الله صالح ولكن حزب الاصلاح الاخوان نجح فى حشد انتفاضة شبابية ضد على عبد الله صالح فى فبراير 2011!
فهذا هو تاريخ حزب الاصلاح الاخوانى الذى فشل على مدار اربع سنوات هى حرب اليمن وقد فشلوا فى تحقيق اى تقدم على الارض فى المناطق التابعة لهم فى الشمال اليمنى
واذا كانت تلك الحرب تمثل أسوأ كارثة إنسانية فى العالم بتوصيف الامم المتحدة فهل يعنى ان حزب الاصلاح كان هو البديل الشرعى فى مواجه ميليشيات الحوثيين ولانها لعبة مصالح فتجد ان إيران هى التى تدعم ميليشات الحوثى وقطر تدعم حزب الاصلاح الاخوانى رغم انها كانت بين دول التحالف !! وايران تعيش مع قطر شهر عسل سياسى ربما يطول فهل كنا نصدق نوايا حزب الاصلاح فى الدفاع عن شرعية عبد ربه منصور هادى ؟!!
على الرغم من ان قوات التحالف حقق خطوات ناجحة على الارض واصبح قريبا من ميناء الحديدة الاستراتيجى فى ذلك الوقت وقد لقى فيه قائد كتائب الاسناد للميلشيات الحوثية فى الحديدة احمد ين احمد الواسلى مصرعه وسبعة من عناصره فى تخوم مديرية حيس على يد قوات الجيش ومقاتلات التحالف والذى يعد احد اعضاء " كتيبة الحسين " الحوثية أقوى كتائب جماعة الحوثيين والمرتبطة بشكل مباشر مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثى والذى تلقى تدريبا عسكريا على ايدى حرس الباسادران الايرانى فى إيران ولبنان , وهو ماازعج وقتها الحوثيين الذين سارعوا بتقديم مبادرة لوقف القتال والحوار الوطنى من 6 نقاط اودعها محمد على الحوثى رئيس مايعرف ب " اللجنة الثورية " مجلس الامن والامم المتحدة وتغريدة عبر التويتر! وكان محمد على الحوثى ومعه الخيوانى من قيادات الحوثيين قد هرب من صنعاء عن طريق بنى حشيش حين سيطرت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور مداخل مدينة صنعاء !

وحتى نقترب جيدا من رسم ملامح الصورة كيف كانت عبر التسريبات التى تحدث !
فالازمة الفعلية فى اليمن كانت تعود الى 21 سبتمبر 2014 ويبدو ان شهر سبتمبر هو شهر الازمات السياسية باليمن السعيد الذى اصبح اليوم بائسا تعيسا بعد انتشار مرض الكوليرا الذى حصد وقتها مايقرب من مليون طفل عدا الامراض المتوطنة وارتفاع معدلات الفقر الى اكثر من 85% من مجموع الشعب البالغ تعداده 27 مليون نسمة وانظروا معى كيف سارت الاحداث حتى نؤكد على ما نحن عليه الان !؟

فقد سيطر مسلحوا جماعة انصار الله الشيعية المدعومة من ايران المعروفين بالحوثيين على صنعاء العاصمة وانقلبوا على عبد ربه منصور هادى بمساعدة قوات الحرس الجمهورى التى كان يرأسها على عبدالله صالح او الاحمر الصغير والقوات الخاصة اليمنية المرتبطة بالرئيس السابق على عبد الله صالح فى مارس 2015 بدأت عاصفة الحزم يقيادة المملكة العربية السعودية وقد كان تحالف صالح مع الحوثيين قبل ان يغتالوه تحالف صفقة ومصالح فهو ليس تحالف استراتيجى له ثوابت وايديولوجيات .

وكانت هناك مبادرة إماراتية بتحويل المعركة مع الحوثيين الى معركة بين الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبى العام (حزب صالح ) ليبدو النزاع يمنيا يمنيا وتخرج المملكة والامارات باقل الخسائر الممكنة بل ويتم تأمين الحدود السعودية فاقترحت تولى نجل الرئيس اليمنى السابق العميد احمد على صالح والمقيم بدولة الامارات العربية منصب وزير الدفاع فى حكومة جديدة ضمن تسويات وترتيبات سياسية خاصة وان هناك حملة من قواعد حزب المؤتمر الشعبى العام عبر مواقع التواصل الاجتماعى والمنتديات العالمية للمطالبة برفع اسم احمد على عبد الله صالح من قائمة العقوبات الاممية وبالفعل وافق الملك "سلمان " على المبادرة الاماراتية وتمويل حزب المؤتمر ودعمه عسكريا ولوجيستيا وقيل ان الدعم السعودى للحزب وصل الى 100 مليون ريال سعودى لاعادة ترتيب اولويات الحزب والتنسيق مع الرئيس اليمنى خاصة وان الوسيط لهذه الصفقة كان رشاد العليمى قيادى موالى لعبد ربه منصور .

فى الوقت الذى كان طارق صالح شقيق احمد يمثل رعبا بالنسبة للحوثيين حين قام بتطويق قواته لمطار صنعاء والعديد من الاماكن الحيوية والاستراتيجية بالعاصمة ليخرج زعيم الحوثيين فى خطاب وقد لفه حالة من الهلع والارتباك ليقول " انشد زعيم المؤتمر ان يكون اوضح وانضج من تهورات الميليشيات "!!

وهذه هى حالة التى كان يعيشها الموقف الحوثى من الارتباك بعد اغتيال صالح وانضمام حزب المؤتمر الشعبى العام الى قوات التحالف التى كانت تقترب وقتها من ميناء الحديدة الاستراتيجى وهو المنفذ البحرى الذى تحصل منه قوات وميليشات الحوثى على السلاح والعتاد وقد وقفت روسيا لتعترض على مشروع قرار دولى يدين ايران فى الامم المتحدة لعدم منعها وصول شحنة اسلحة الى المتمردين الحوثيين عبر هذا الميناء والتى تمدهم وتزودهم بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التى يستخدمها الحوثيين فى استهداف اليمن والسعودية , لذا سارعت بتقديم البنود الست فى مبادرة الحوار الوطنى والتى تتمحور حول تشكيل لجنة وطنية من كافة الفصائل والاحتكام الى ماريده الشعب اليمنى من خلال صندوق الانتخابات سواء للرئاسة وكذا البرلمان واعلان عفو شامل وعام لكافة المعتقلين لكل طرف ومنع اى اعتداءات اجنبية على اليمن ووضع ضمانات دولية لاعادة الاعماروجبر الضرر وفى النهاية ان يتم عرض اى ملف موضع خلاف او اختلاف للاستفتاء العام للشعب اليمنى . ولم ينس الحوثيون وهم يضعون بنود هذه المبادرة ان يهددوا الاخرين بما فيهم مجلس الامن والامم المتحدة بتحملهم المسؤولية التاريخية والقانونية فى استمرارالكارثة الانسانية الموصوفة بالاسوأ عالميا !!

لكن قرارت هادى وقتها اربكت كل الاحتمالات ولم نجد لها تفسير خاصة وان الاستعانة بعلى صالح الاحمر او الاحمر الصغير وحزب الاصلاح الاخوانى يعنى استبعاد التعاون مع حزب المؤتمر الشعبى العام وطارق صالح وهو مقاتل شرس فى محاولة لاحداث شرخ فى عائلة صالح المستفيد منها فقط حزب الاصلاح الاخوانى وكذا الحوثيين انفسهم الذين يضمرون الشر لطارق صالح الذى توعد باخذ ثأر والده فى الوقت الذى بدأ فيه طارق صالح تجميع قوات الحرس الجمهورى والقوات الخاصة السابقة وقد اعطى هادى حزب الاصلاح الاخوانى صلاحيات لقيادةمعظم المناطق العسكرية الهامة والاستراتيجية فى شمال اليمن ومن بينها كما ذكر المنطقتان العسكريتا الخامسة والسادسة اللتان تضمان جبهات الساحل الغربى وجبهات صنعاء والجو ف فى محاولة عبد ربه منصور لتحجيم واحتواء تحركات العميد طارق عبدالله صالح والذى من المتوقع وقتها ان تشارك قواته فى معركة تحرير الساحل الغربى وبالطبع رفض الاخوان المسلمين وحزبه الاصلاح مشاركة طارق صالح ولا تدرى ماسر إفشال الخطة الاماراتية التى دعمتها المملكة غير ان ماافزعنا وقتهاهو سلسلة القرارات العسكرية المفاجئة لارباك المشهد اليمنى من خلال تسليم هادى رأس الدولة فى ايدى جماعة الاخوان واصبح القرار العسكرى والامنى اليوم تتوقف طبقا لتوجيهات حزب الاصلاح الاخوانى وعلى الفور كعادة التنظيم الدولى للاخوان وطبقا لاستراتيجيتهم فى التمكين حيث بدأوا بالسيطرة على الجبهات والعمل على إقصاء فصائل المقاومة ووحدات الجيش غير الموالية لهم مثل اللواء 25 مدرع وبسرعة البرق منحوا العشرات من أفرادهم رتبا عسكرية عالية نفس سيناريو جماعة الاخوان فى مصر ومنحوهم القيادة وقاموا بزراعتهم فى مفاصل مؤسسات المحور والألوية , كما نصبوا مشرفا على كل لواء والاخطر انهم عينوا مرشدا عاما للجيش والشرطة الغريب ان هادى اصدر قرارات اخرى اغرب فى هذا الاتجاه منها تعيين رئيس الجناح العسكرى للإخوان مستشارا له فى محافظة تعز وتلك القرارات تشرعن سيطرة الاخوان على قرار الجيش الوطنى والشرطة فى تعز, يبقى التحدى الاخر وهى عناصر القاعدة فى اليمن وهى فى تزايد باعتبارها نقطة جذب لاتقاوم بسبب الازمات التى تعيشها على جبهات متعددة وبسبب الطبيعة الطبوغرافيا لليمن والجغرافية حيث انتشار المناطق الجبلية النائية هذا عدا الطبيعة القبلية اذ تمثل القبيلة قوة لايستهان بها فى مواجهة الدولة وهناك احتمال كبير لوجود تحالف آخر بين القاعدة فى اليمن والحوثيين تحالف مصالح ايضا مثلما كان مع صالح وحزب المؤتمر الشعبى العام خاصة بعد إعلان حركة شباب المجاهدين فى الصومال رغم انها حركة سلفية الى انها هددت بارسال مقاتلين للانضمام الى الحوثيين خاصة وان القاعدة موجود باليمن منذ ثمانينات القرن الماضى بعد ان توجه عدد من الشباب اليمنى الى افغانستان للالتحاق بحركة " المجاهدين " ضد الاحتلال الروسى الشيوعى وقد احتضنتهم الحكومة اليمنية، وإلحقت كثيرين منهم بالقوات المسلحة وقد حدث التوتر بين القاعدة والحكومة اليمنية على إثر الهجوم الذى نفذوه عام 2000 ضد المدمرة الامريكية " كول " عند وجودها امام ساحل عدن . فالموقف اصبح اكثرتعقيدا ومتشابكا فقد صدقت نوايا وتسريبات عبد ربه منصور فى الارتماء فى احضان جماعة الاخوان ( حزب الاصلاح ) لمواجهة حزب المؤتمر الشعبى العام بقيادة طارق صالح والحوثيين وفلول القاعدة التى بدأت فى اعادة تنظيم صفوفها خوفا من الاطاحة به والصراع على السلطة فماذا عسى ان يفعل اأبا منصور القابع فى قصره المنيف فى الرياض ؟! وهل سوف تتركه المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ان يفعل هذا بعد ان منحوا حزب الاصلاحى الاخوانى الفرصة لان يكونوا يمنيين والا يكون ولائهم للدوحة وايران لكنهم خنثوا بعهودهم وقادتهم يمرحون حول الصفقات فى افخر فنادق الدوحة وانقرة وقد ألقوا اليمن فى احضانهم المسمومة فصانع السم ربما يشتهى فى لحظة ما ان يتذوقه يوما ؟!!
وقد حانت تلك اللحظة !