الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: فقاعات الأخوة الأعداء!!.

صدى البلد

أيها المواطنون، السلام عليكم ورحمة الله.. إننى أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتي، فقد كنت دائمًا أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا وأترقب اليوم الذي أقابلكم فيه، والنهارده، أزور سوريا قلب العروبة النابض".
من خطاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الشهير عقب توقيع ميثاق الاتحاد، من خلال الدعوة التي جاءت تلبية لرغبات الشعبين المصري والسوري، في إطار الجو الدولي الضاغط، والأحداث التي شهدها الوطن العربي، والعدوان الثلاثي على مصر، والحشود التركية على الحدود السورية وصولًا إلى قيام حلف بغداد بالمؤامرات والدسائس.

إلي ان دار الزمان وعاشت سوريا أسوء فترات حياتها، وأهلها التي لم تكن أسوأ كوابيسهم تصل إلى تخيل الوضع الحالي، الأكثر بشاعة في التاريخ الحديث، فقد فتحت وطأة الحرب جعبتها وأفرغت ما فيها هناك وألحقت بسوريا الدمار، فجعلت من هم نازحون عن ديارهم، نصفهم في الداخل السوري والنصف الآخر مشتتين بين دول العالم، وشاء القدر أن يكون من نصيب مصر الحظ الأكبر من السوريين الذين يسكنون أرضها بكل رحب وسعة. 

وفي فترة قصيرة استطاع الشباب السوري أن ينجح ويعمل ويمتهن كل المهن وابتكروا وأبدعوا فيها وأدخلوا منتجات جديدة إلي السوق المصري أبرزها الملابس والمأكولات الشامية، ولَم يتركوا حرفة إلا وقد برعوا فيها ومؤخرًا صناعة الأخشاب والأثاث المنزلي، إلا أن اندلعت معركة جديدة حول وجود السوريين فى مصر، بداية من التشكيك في ثرواتهم التي جمعوها من خلال اطلاق سهام الشبهات حول مصادر أن السوريين يستثمرون أموال الإخوان فى مصر.

 تلك الأموال التي تستخدم في تمويل العمليات الإرهابية بمصر، ومنها الي حدوث بعض الاشتباكات والأزمات مجددًا وآخرها واقعة حادث المرأة العجوز بالإسكندرية، التي استغاثت بالرئيس عبد الفتاح السيسي، من سوري يملك مطعم بأسفل منزلها، بسبب وجود المطبخ خارج المطعم، واستخدامه "بوتاجاز 10 شعلة"، ما تسبب في ارتفاع درجات الحرارة بمحيط المنزل عبر فيديو لها قامت بتصويره ابنتها، ومنها وقد انتشرت حملات مغرضة ضد السوريين وانتشر هاشتاج "حق المصرية يا ريس" كالنار في الهشيم على "تويتر" تضامنًا مع السيدة، وهو الأمر المبالغ فيه وغير المعتاد والمخالف لطبيعة المصريين ومنافي للتاريخ، وفِي نفس الوقت انتفض ملايين المصريين مدافعين عن إخوانهم السوريين، الذين أوضحوا علي صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" ان السوريين أشقاء وأصحاب بلد وليسوا لاجئين.

وإذا استرجعنا دور السوريين في رفع الاقتصاد المصري وحجم الاستثمارات والمشروعات اللاتي جناها السوريين في مصر منذ اندلاع الأزمة فى بلدهم فى مارس 2011 حتى الآن الذي يقدر بملايين الدولارات، من خلال «30» ألف مستثمر سورى، وتقليل نسبة بطالة الشباب المصرى، سنجد ان نجاح السوريين كان السبب في اثارة الأزمات الاخيرة والهجوم والاتهامات الموجه إليهم بسبب النجاحات الملحوظة فى فترة قياسية من جانب بعض أصحاب النفوس المريضة.

وفِي جولة سريعة من أجل التذكير وليس التعريف فجميعنا يعرف جيدًا مدي العلاقات المشتركة بين مصر وسوريا التي تميزت بأنها ذات تاريخ مشترك يجمعهما أرض واحدة منذ عصر الدولة الحديثة الفرعونية حتى القرن التاسع عشر مع بدء إنهيار وتفكك الدولة العثمانية، ومن مظاهر تجلي الوحدة بين البلدين في دولة واحدة تحت مسمي الجمهورية العربية المتحدة برئاسة عبد الناصر، حيث وقع مرسومًا في 22 فبراير 1958 مع الرئيس السوري ميثاق الجمهورية العربية المتحدة، ومن تلك اللحظة وضع أول نواة للدولة العربية الموحدة، بإعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وتم اختيار عبدالناصر رئيسًا والقاهرة عاصمة للجمهورية الجديدة، ومن ثم تشكل برلمان موحد للبلدين بمجلس الأمة بالقاهرة، وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة مقرها القاهرة أيضًا، الي ان تفككت عام 1961، تلك هي سوريا التي كانت تحمل مسمي الجيش الأول الميداني المصري من أحد فروع القوات المسلحة المصرية وكان مقره سوريا، وقت قيام الجمهورية العربية المتحدة، هذا وقد شارك هذا الجيش في حرب مصر ضد الصهاينة في أكتوبر 1973 بجانب الجيشين الثاني والثالث اللذان كان مقرهما مصر، لطرد إسرائيل من شبه جزيرة سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا.

فالحملة الموجهة الآن ضد الأشقاء السوريين هي محاولة لخلق نوع من العداء والكراهية بين الشعبين وعلينا تجاوز الأمر في اسرع وقت وألا ننساق وراء تلك الضغائن، وما يثار من شائعات مغرضة تستهدف بعض إخوانا السوريين لخلق التفرقة، وإن كانت لا تؤثر علي العلاقات بين الشعبين ولكن علي الجانب الآخر هناك بعض الدول المعادية مثل قطر وتركيا أصبحت تستغل الموقف لصالح أغراض معينة لتشوية هذه العلاقات، وخلق نوع من العداء بيننا عبر وسائل الإعلام المختلفة، وكلنا نعلم ان سوريا كانت الداعم الرئيسي لنا خلال الحروب التي مرت بها مصر وفِي مواقف اخري صعبة. 

وفِي النهاية ..جميعنا نحتاج الي خلق حالة من الهدوء التام، واحتواء الموقف بدقة شديدة وليس المزايدة عليه، والتعامل بحنكة سياسية في هذا التوقيت حتي نحافظ علي العلاقات القوية التي تربط بين مصر وسوريا، حتي و إن رأي البعض منا أن واقعة عجوز الاسكندرية مع صاحب المطعم السوري بها تجاوز أو تسببت في مشكلة ولكنها ليست بالأزمة، فما حدث هو حالة فردية في الخروج علي القانون من أحد السوريين المقيمين بمصر ولا يجب ان تعمم علي جميع الأخوة السوريين ممن يلتزمون بالقانون وبالتقاليد والأعراف المصرية، فنحن أخوة والشعب المصري رحب بالسوريين عند مجيئهم الي أرض مصر وسيظل يحمل لهم كل حب وأخوة الي ان تعود سوريا مستقرة وآمنة.

وعليه، نحتاج الي الرد بقوة علي الأطراف المعادية التي تريد إفساد العلاقات بين الدولتين، والرد علي من يشعل فتيل الفتنة بين الشعبين، ممن يطلق دعوات تطالب بطرد السوريون من الأراضي المصرية، ناسيين ما كان بجمعنا ويربطنا بهم علي جميع المستويات.... ولذا أطالب المصريين التروي وتهدئة الأمور بل وقطع الفرص علي من يريدون إحداث الوقيعة بين الأشقاء، والرد عليهم بالحكمة والعقل والتاريخ، وإن كان في الأمر داعٍ لطرد السوريين وخروجهم من مصر فعلينا تجاهل ان من أسس صحيفة الأهرام، هو سليم وبشارة تقلا عام 1876، 

ودار الهلال أقدم المؤسسات الصحفية التي تأسست على يد جورجي زيدان عام 1892، وأن نمحي فن فايزة أحمد، والسندريلا سعاد حسني وأختها نجاة الصغيرة، وفريد الأطرش وشقيقته أسمهان، أو ننسي دماء جول جمال ذلك العكسري السوري الذي قتل في معركة العدوان الثلاثي علي مصر في بحيرة البرلس وكان يلقب بـ "سليمان الحلبي القرن العشرين"، أو ان نتغافل عن دور الهادي البكار، ذلك الإعلامي السوري، ورده على غارات العدوان الثلاثي 1956 التي قطعت خطوط الإذاعة المصرية، حينها كان يعمل في الإذاعة وقام بإقتحام أحد استوديوهات الإذاعة السورية، صارخًا بمقولته الشهيرة "هنا القاهرة من دمشق"، ومواقف وأشياء أخري كثيرة، ولذا نقول إن كان عليكم بحملات مضادة، فعليكم بحملة ضد من يريد عكر الصفو بين المصريين والسوريين وفلترة التاريخ، فعليكم بإخماد فقاعات الأخوة الأعداء !!.