الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سفينة الأزمة .. كيف يمكن أن تؤثر ناقلة نفط في مستقبل المنطقة لسنوات قادمة؟.. جريس 1 الإيرانية تفلت من قبضة بريطانيا وتواجه مطاردة أمريكية.. وسبب تغيير إيران اسمها

صدى البلد

في الرابع من يوليو الماضي، احتجزت شرطة جبل طارق بمساعدة البحرية الملكية ناقلة النفط الإيرانية "جريس 1"، لتبدأ مرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة، قد يصل تأثيرها إلى أعوام قادمة.

وقالت سلطات جبل طارق إن احتجاز الناقلة جاء للاشتباه في أنها كانت متجهة إلى سوريا، وذلك بالمخالفة لعقوبات الاتحاد الأوروبي، الناقلة التي كانت محملة بما يقرب من مليوني برميل من النفط.

وأثارت الواقعة غضب طهران، التي ردت من خلال الزج بقارب مفخخ ودفعه باتجاه المدمرة البريطانية في "إتش إم إس دانكن"، إلا أن البحرية السعودية أنقذت المدمرة وأحبطت العملية الإيرانية.

وفي 19 يوليو، أعلن الحرس الثوري الإيراني، احتجاز ناقلة نفط بريطانية اخترقت قوانين الملاحة، وكانت تسعى لتهريب النفط، لكن إيران نفسها اعترفت بكذب تلك الادعاءات، وأعلنت من خلال تصريحات على لسان قادة بالحرس الثوري أن تلك الخطوة جاءت انتقاما من احتجاز "جريس 1".

وشهدت الفترة التالية لذلك العديد من التهديدات المتبادلة بين إيران وبريطانيا، لتدخل الولايات المتحدة على خط الأزمة.

وتجدر الإشارة إلى أن أزمة الناقلتين أعقبت سلسلة من الهجمات على سفن نفطية في مياه الخليج، وجهت خلالها أصابع الاتهام إلى طهران.

كما جاءت الأزمة الإيرانية البريطانية في ظل عمليات التصعيد المتواصلة بين طهران وواشنطن على خلفية انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي في مايو 2018، وتوقيع حزمتين من العقوبات على إيران.

وكذلك الأزمة الإيرانية مع الثلاثي الأوروبي الموقع على الاتفاق، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الذين عجزوا عن تدشين الآلية المالية، وتجنيب إيران تأثيرات العقوبات الأمريكية المدمرة لاقتصادها.

دخلت الولايات المتحدة على خط أزمة الناقلات، لتقترح إنشاء تحالف دولي لحماية أمن الملاحة في مياه الخليج ومضيق هرمز، ضد التهديدات الإيرانية.

أعلنت عدة دول قبول الاقتراح وعلى رأسها بريطانيا، فيما هددت إيران بأن مثل هذا التحالف لم يجلب سوى المزيد من زعزعة الأمن والاستقرار.

حاولت إيران من جهة مقايضة بريطانيا، من خلال الإفراج الناقلة "جريس1" في مقابل أن تفرج بدورها عن "ستينا إمبيرو" ، إلا أن بريطانيا أعلنت رفض تلك المقايضة، ما زاد الأمر تعقيدا.

ازداد الأمر سوءا بعد إعلان إسرائيل استعدادها للاشتراك في المهمة البحرية الأمريكية، والذي لاقى جملة من التصريحات الإيرانية المهددة والمتوعدة بردود فعل وخيمة في حال تواجد قوات إسرائيلية في مياه الخليج.

لجأت إيران إلى اتخاذ ردة فعل مضادة للإعلان الإسرائيلي، حيث أفادت مصادر مطلعة روسية على وجود اتفاق بين موسكو وطهران ينص على حصول روسيا على حقوق استخدام ميناءي، بوشهر وتشابهار، الإيرانيين لمدة قد تصل إلى 49 عاما، مع وجود قوات عسكرية لها هناك.

عاد من جديد الحديث عن ناقلة النفط الإيرانية، مع اقتراب أنباء بشأن قرب الإفراج عن "جريس1"، وبالفعل أصدرت المحكمة العليا في جبل طارق، يوم الجمعة، قرارا بالإفراج عن الناقلة شريطة التعهد بعدم التوجه إلى سوريا. التعهد الذي نفته إيران لاحقا.

لكن الولايات المتحدة طالبت محكمة جبل طارق باحتجاز الناقلة، وأصدرت محكمة أمريكية يوم الجمعة، أمرا باحتجاز ناقلة النفط الإيرانية، بناء على شكوى من الحكومة الأمريكية.

وأصدر وزير العدل الأميركي الجمعة مذكرة لضبط الناقلة واتهمها في بيان له بالاشتراك في محاولة للتحايل على العقوبات الأمريكية. لتشتعل التصريحات مجددا.

ولا تزال الناقلة حتى الآن موجودة في مضيق هرمز، حيث قامت صباح اليوم بتغيير اسمها وحمل العلم الإيراني بدلا من البنمي.

وقال السفير الإيراني، لدى بريطانيا بعيدي نجاد ، إنه كنتيجة لاتخاذ قرار بعمل السفينة تحت العلم الإيراني، كان يجب إثبات السفينة في إيران، كما تم اختيار اسم جديد لها.

واختارت السلطات الإيرانية اسم "آدريان دريا 1"، بدلا من "جريس 1".

وأضاف أن السفينة لا تخضع لأي عقوبات، كما أن نفطها مملوك رسميا للشركة الوطنية الإيرانية للنفط.

وتابع أن عملية إعادة تسمية السفينة في جبل طارق أعطت انطباعا خاطئا للبعض بأن الهدف منه التحايل على العقوبات.

وأوضح أن ضرورة إعادة تسمية السفينة جاءت بعد رفض بنما استمرار عمل الناقلة تحت علمها، وبحسب القانون البحري، فإن علم السفينة يكون بحسب مكان تسجيلها.

رد قائد القوات البحرية بالجيش الإيراني، حسین خانزادی، على أمر المحكمة الأمريكية باحتجاز ناقلة النفط الإيرانية المفرج عنها من مضيق جبل طارق مؤخرا "جريس1" وقال إن إيران لديها استعداد لتحريك أسطول لمرافقة السفينة.

وقال خانزادي بحسب وكالة "مهر" الإيرانية، إن إيران ليس لديها نية في إرسال مساعدة لناقلة النفط "جريس 1" لإعادتها من مضيق جبل طارق، "لكننا على استعداد لتحريك أسطول لمرافقة السفينة في أي وقت يطلب فيه القادة القيام بذلك.

كما كشفت مصادر بالحرس الثوري الإيراني عن قرار قادة النظام الإيراني في حال احتجزت الولايات المتحدة الأمريكية ناقلة النفط "جريس1"، التي أفرجت عنها سلطات جبل طارق يوم الجمعة الماضي.

وقال المصادر لصحيفة "جوان" الإيرانية إن المجلس الأعلى للأمن القومي أمر بأن يتم الاستيلاء على السفن الأمريكية في مياه الخليج ومضيق هرمز في حال أقدمت واشنطن على توقيف ناقلة النفط الإيرانية.

وأضافت أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران سترد أيضا بمواصلة احتجاز ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو"، ذلك وأن بريطانيا هي سبب اندلاع الأزمة من البداية.


وفي الأخير، رفضت سلطات جبل طارق طلب الولايات المتحدة باحتجاز "جريس1" قائلة إنها لا يمكنها الموافقة لأنها ملتزمة بقوانين الاتحاد الأوروبي.

وقالت حكومة جبل طارق في بيان "عدم قدرة السلطة المركزية على تنفيذ الأمر المطلوب مرده تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي والاختلافات بين أنظمة العقوبات المفروضة على إيران من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وأضافت "نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على إيران، والمتبع في جبل طارق، أضيق نطاقا بكثير من ذلك الذي تفرضه الولايات المتحدة".

وعلى الرغم من ذلك فإن الأزمة لم تنته، ولا يزال الأمر متوقفا على التحرك القادم للولايات المتحدة، والذي سيترتب عليه تحرك إيران تجاه بريطانيان وكذلك مصير المهمة البحرية في الخليج، فضلا عن تحركات إيران في الخليج من حيث التهدئة أو التصعيد.