الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء ثابت يكتب: من وراء الحملة على الدور الاقتصادى لقواتنا المسلحة ؟

علاء ثابت تحرير جريدة
علاء ثابت تحرير جريدة الأهرام

كتب علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام مقالا هاما تحت عنوان ، من وراء الحملة على الدور الاقتصادى لقواتنا المسلحة؟

وقال علاء ثابت في مقاله، إن هناك مشهدا عبقريا فى فيلم "ضد الحكومة" للكاتب الكبير وجيه أبو ذكرى وإخراج الراحل عاطف الطيب، والممثل العبقرى الراحل أحمد زكى، الذى يقوم بدور محام فاسد يعرف كيف يتلاعب بالقانون، فعندما ألقت مباحث الآداب القبض على مجموعة من العاهرات، طلبت إحداهن من المحامى الداهية أن ينقذهن، فقال للعاهرة، قولى أنت وزميلاتك إن المكان الذى كنتن فيه يملكه شخصية بارزة لها مكانتها، وعندئذ سترتبك مباحث الآداب، لمجرد أن يأتى ذكر مسئول كبير فى محاضر شرطة الآداب، وعلى لسان عاهرات، فمجرد ذكر الاسم فى هذه الأوساط سوف يصاب بالأذى المعنوى مهما يكن بريئا.

وأضاف علاء ثابت :" مثلما أدرك المحامى الداهية هذه الوسيلة، فإن مشغلى المقاول والممثل الصغير عرفوا كيف يخلطون الوقائع الحقيقية بأخرى مفبركة، مع وضع أسماء كبيرة تحدث الارتباك، لأن هناك من سيرفضون مجرد التعليق على شخصية بهذا المستوى، لأن مجرد النزول إلى مستوى مناقشة أقوالها مسىء للدولة وواحدة من أهم مؤسساتها، وهذا ما حققه الممثل المغمور ومشغليه".

وتابع علاء ثابت :" فى الحقيقة نفذوا المهمة ببراعة مستغلين ذلك الترفع من النزول إلى مستوى العاهرات فى فيلم "ضد الحكومة"، طالما تم الزج بأسماء كبيرة وشامخة ومؤسسة لها تقديرها ومكانتها".

وأكد علاء ثابت أن هذه اللعبة لم تكن تخص المقاول الصغير والممثل المغمور، فهو أكثرضآلة من هذه المهمة، التى تستهدف دور القوات المسلحة فى انتشال الاقتصاد المصرى من عثراته، وأن تقدم النماذج العملية التى يمكن أن تحقق النجاح، لافتا إلى أن القضية أكبر وأكثر خطورة من ذلك بكثير، فالحملة على القوات المسلحة واتهامها بأنها تسيطر على الاقتصاد المصرى، ليست جديدة، والهجوم على هذا الدور المهم لن يكون الأخير، لكن الحملة الأخيرة تقول إن القضية تتجاوز مجموعة من رجال الأعمال الراغبين فى السيطرة على الاقتصاد المصرى والرافضين لأى توجيه أو حتى مشاركة ليتحكموا فى الاقتصاد المصرى، ليس فقط لأنهم يريدون تحقيق أرباح هائلة نتيجة الاحتكار والفساد واستغلال القوانين سواء بالتحايل أو من خلال الثغرات، لكن المسألة تتعلق بأن السيطرة على الاقتصاد ضرورية جدا، للأمن القومى المصرى.

وأشار علاء ثابت إلى أن من يتحكم فى الاقتصاد سيكون من السهل عليه أن يتحكم فى السياسات والمسارات التى تحدد مصير البلد، خصوصا أن المنطقة تمر الآن بمرحلة خطيرة للغاية، تتعلق بمصائر دول، فى ظل ارتفاع منسوب التوتر الدولى وتضارب مصالح القوى الكبرى فى منطقة محور صراع القوى الكبرى فى العالم، ولهذا فإن الدور المصرى له تأثيره الكبير والخطير فى هذا التوقيت الحساس والحاسم.

وتابع :" من هنا فإن سعى مجموعة من رجال الأعمال للسيطرة على مقاليد الاقتصاد الوطنى له أهداف بعيدة، وتخطط له دوائر دولية مهمة على درجة كبيرة من الأهمية، لأن الأمر كبير بالفعل. ومن الجائز أن بعض أعضاء تلك الشبكة المستهدفة للاقتصاد المصرى قد استغلت استياء عدد من رجال الأعمال الكبار أو الصغار من قرارات تنظيمية اتخذتها الدولة، تتعلق بمشروعات كبرى أو صغرى, وتريد تلك الجهات الدولية أن تزيد من غضب واستياء هذه المجموعة من رجال الأعمال وتوجيهها نحو إحداث أزمات صغيرة أو كبيرة يكون مؤداها ترك السوق لهذه القوى الاقتصادية، لتمسك برقاب الدولة المصرية وتقودها إلى حيث تريد ".

وشدد علاء ثابت على أن الضجة المفتعلة حول دور القوات المسلحة فى الاقتصاد تتجاهل أن هذا الدور ليس حجمه كبيرا بالقياس بالاقتصاد المصرى، وأن القيام بدور فى الزراعة أو الصناعة أو غيرهما من الخدمات، يهدف إلى إعطاء نموذج، وليس الهيمنة التامة على السوق، فلا يوجد أى مجال تحتكره القوات المسلحة، أو لها النصيب الأكبر فيه، بل هو دور إرشادى يقدم النموذج ويتعرف على المشكلات ويطرح الحلول، بما يفيد القطاع الخاص من رجال الأعمال الجادين والمراعين لأوضاع وطنهم، ويريدون المشاركة فى تطوير قدراته واستثماراته.

وأكد علاء ثابت أن الباب مفتوح لكل المستثمرين الجادين بل ويلقون كل تقدير وترحيب، مضيفا:" من يراهنون على تحقيق مكاسب سريعة من التلاعب بأقوات الناس وأرزاقهم، فهؤلاء يمكن أن يكونوا قد أضيروا، وربما هناك خائفون من استعادة الدولة ممتلكاتها أو بيع سلعة بسعرها الحقيقى و المناسب أو من القيام بأعمال إنشائية جبارة فى أوقات قياسية، ويخشون من العمل الحقيقى بالتكلفة الحقيقية".

‏وأضاف علاء ثابت :" بالتأكيد هناك متضررون، لكن القضية ليست فى هؤلاء المتضررين، فيمكن مناقشتهم وشرح خطة الدولة وترحيبها بكل رجل أعمال وطنى وشريف، لكن مكمن الخطورة فى وجود من يرتبطون بجهات لا تريد أن يكون الاقتصاد المصرى بخير، وأن يستمر فى حالة الفوضى والأزمات حتى يسهل التلاعب به وفيه، بما يضر المصالح العليا أو الأمن القومى المصرى وهذا هو بيت القصيد".

وتابع :" القضية ليست مشكلة مقاول صغير كان يمكن حل مشكلته، من خلال عرضها على مسئول أكبر، فمثل هذه المشكلات المتعلقة بتأخر مستحقات أو تقييمها بأقل من قيمتها أمر جائز فى ظل أعمال ضخمة وأعداد كبيرة من المقاولين الصغار مثل محمد على وغيره، لكن استخدامه من جانب من لهم غاية أبعد وأكثر خطورة، هو ما جعل مشكلته تجاوزت حدود متأخرات عليها خلاف، وسواء كان يدرى بتوظيفه أو لا يدرى، فإنه فى النهاية قد سقط فى لعبة كبيرة, ليس فيها سوى أداة صغيرة بين أدوات أخرى مثله تريد من القوات المسلحة أن تترك الاقتصاد المصرى لمن يعيث فيه فسادا، لأنه الجهة القادرة على إعادة الاقتصاد المصرى لمكانة تفوق ما كان عليه".

وأضاف :" هذه الجهة لا تأخذ الأموال أو الأرباح لمصلحة شخص، وإنما هى تمثل المجتمع والدولة، وكل ربح تحققه يدخل مجددا إلى شرايين الاقتصاد ويرتقى بقدرات مصر، ولهذا يقفون ضد تدخل الجيش المصرى فى الاقتصاد، ليتمكنوا من إحكام السيطرة على الدولة وهذا لن يحدث، مهما أطلقوا من حملات تشويه".