الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد شندى يكتب.. العلم منهج حياة

صدى البلد

العلم هو أساس التمدن، والتطور، وهو أساس الرقي بالأمم، وليس صحيحًا أن التخلي عن الدين يؤدي إلى التطور، فديننا الإسلام يحث الناس على العلم والمعرفة قال الله تبارك وتعالى (أفلا يتفكرون) وقال سبحانه (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال سبحانه (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقال سبحانه (وقل رب زدني علمًا).

عندما أتحدث عن العلم والعلماء وعندما أتحدث عن رحلات طلب العلم والمعاناة التي واجهت أبناء الأمة فإني أحدثكم عن أعظم أمة إنها أمة النبي صلى الله عليه وسلم " أمة إقرأ " . 

لقد كان مفتاح الرسالة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(سورة العلق: 1). النبي الأمي يقرأ، لقد فتح الله لهذه الأمة الخير الكثير بفضل العلم وصدق الطلب له.

وكما قال الله عزو وجل عن مكانة العلماء : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (سورة فاطر: 28). وقد خص العلماء بالخشية لأنهم أعرف الناس بالله. 

ولقد كان العلم في حياة الأوائل من سلفنا الصالح يمثل اللّبنة الأساس في حياتهم فقد كانوا يحثّون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم على طلب العلم ويجلسونهم منذ الصغر في حلقات العلم والتي كانت لا يخلو منها مسجد أو قرية. 

لقد كانوا يتركون لذة النوم ويهجروا المضاجع في وقت يهجع فيه الناس.

الحياة مليئة بالعلوم التي انتجتها عقول البشر، والتي وهبها الله لكل تلك العقول من إلهامات وعلوم وحكم، فقد انبرت أيادي العلماء تكتب وتبحث في كتب الأولين، فمنهم من يؤلف الكتب على ضوء ماعرفه ممن سبقه، ومنهم من يترجم علوم الامبراطوريات الإغريقية والفارسية وغيرها، والحضارات الغابرة.

وفضلا عن ذلك نجد العديد من الفوائد للعلم والمعرفة، حيث يُعبَّر عنه بشكل مجازي بأنه القوة؛ وهذا الأمر صحيح في حال تم استخدام العلم لمنفعة الإنسان واستطاع الاستفادة منه ليصبح أفضل، وواحدة من فوائد العلم هي تطوير الذات في مجال معين، وقد يكون ذلك ليُحسِّن الشخص المهنة التي يعمل بها ويطور نفسه فيها، بالإضافة لأن العلم يجعل الشخص أكثر قدرة على الابتكار والإبداع في حياته؛ حيث أن امتلاك المعرفة والخبرة في موضوع ما تجعل الشخص قادرًا على قياس المعلومات بشكل مناسب والتوصل إلى قرارات أو حلول مناسبة وصحيحة تمامًا.

وكما قال الشاعر أحمد شوقي:

العلم يرفع بيوتا لا عماد لها

والجهل يهدم بيوت العز والكرم

وعلاوة علي ذلك عندما نتحدث عن العلم يقتضي بالضرورة الحديث عن الجهل ، إذ بأضدادها تعرف الأشياء كما يقول علماء اللغة، وبين هذا وذاك يبني الاستبداد تصوراته الوهمية ومواقفه الخاطئة، فهو يعتقد واهما أن ألد أعدائه و العلم لأنه نبراس البصائر، ومشكاة العقول، ومصباح القلوب، ومن شأن كل ذلك أن يزعزع أركانه، ويهدد أطماعه، ويمس بمصالحه، وانطلاقا من ذلك فإنه يعلنها حربا شعواء على العلم وأهله، ولا تَغُرَنَّكَ الخطابات الرنانة، ولا أفواج الرائحين الغادين، فوراء الأكمة ما وراءها.

فبدون العلم لايكتشف الإنسان نفسه ولا يعرف ماهية وجوده، وبدون العلم يظل الإنسان عاجزا عن حل أبسط التي تواجهه مشكلاته في الحياة، وبدون العلم يصبح الإنسان عبدا للخرفات والجهل التي سيلجأ إليهم لحل مشاكله، ولا سبيل لأي أي أمة من أجل النهوض والتقدم العقلي والفكري في شتي نواحي الحياة إلا اللحاق بركب العلم، وإلا سنظل في ذيل قائمة العالم، العلم نورُُ ينير الطريق، ويبدد ظلمات الجهل والتخلف، به تستنير العقول يرسم لنا معالم الطريق ويحدد طريق الحق من طريق الضلال ، بالعلم تتقدم الأمم في أخلاقها وفي شئون حياتها وأبناؤنا هم أمل الأمة وبناة حضارتها بهمتهم وبعزيمتهم ترتفع الراية وعلى سواعدهم يعلو البناء على أسس قوية.

ولذلك قراءنا الأعزاء للعلم مراتب كما قال العلامة ابن القيم في (مفتاح دار السعادة) :
(وللعلم ست مراتب أولها: حسن السؤال.
الثانية: حسن الإنصات والاستماع.
الثالثة: حسن الفهم.
الرابعة: الحفظ.
الخامسة: التعليم.
السادسة: - وهي ثمرته - وهي العمل به ومراعاة حدوده.

تعلَّم فليسَ المرء يولدُ عالمًا
وإن كبير القوم لا علم عنده
وليس أخو علمٍ كمن هو جاهلٌ
صغيرٌ إذا ألتفَّت عليه المحافلُ.

وكما يقول الحسن البصري رحمه الله: (لأن يعلم الرجل بايآ من العلم فيعبد به ربه لهو خير له من أن لو كانت الدنيا من أولها إلى آخرها له. فوضعها في الآخرة).

وأختتم مقالي بكلام خير المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بأن العلم بقول فريضة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، وأن الذي يسلك في طريق يريد به العِلم يسير وسهل اللهم له ذلك ويسَّر له طريقًا إلى الجنة، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنّما بُعُثتُ مُعَلِّما" فكان حريصًا على تعليم أصحابه لإدراكه بمكانة العِلم وأهميته في نهضة الأمة وتطورها على مر الأزمان، فبعد غزوة بدرٍ الكبرى ووقوع كفار قريشٍ في الأَسِر فقرّر الرسول الكريم أن يكون فداء المتعلم منهم بأنّ يعلم عشرًا من أصحاب الرسول القراءة والكتابة بدلًا من أن يُفدى بالمال، وكان يحث أصحابه على تعلم لغاتٍ أخرى لأنّ من عرف لغة قومٍ أمِن شرّهم وأذاهم.

صدقا ما أجمل حياة العلم والعلماء.