الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد كمال يكتب .. الفتنة أولى خطوات الخيانة

محمد كمال
محمد كمال



قرأنا فى كتاب الأغانى لأبى فرج الأصفهاني عن مجون الدولة الأموية وفسق خلفائها وأقنع من لم يقرأوا بعقولهم أن فى كل بيت راقصة وزجاجة خمر رغم أن الدولة الأموية وصلت فتوحات قادتها إلى السند والهند وازدهرت الحضارة فى عهد بعضهم..الناس سماعون للكذب منجذبون للفتنة ... إنها طبيعة فطرية .

تعلمنا فى مدارسنا وفى منازلنا التى تربينا فيها أن الكرامة جزء من الرجولة وأن الشهامة تعكسها طريقة دفاعك عن بيتك وأرضك وعرضك ووطنك وأن الدين لله الذى شرعه لنا يخون من فرّط فى ذرة تراب أو قيد أنملة فى أرضه وانتمائه وأن الدياثة هى فى الأساس نوع من أنواع التفريط وعلى أى حال فإن التفريط المحرم والممنوع فى حق النفس وأهل البيت الكبير بمفهومه الواسع "الوطن" أو مفهومه العادى "المنزل".

تربيت أنا شخصيا فى قرية صغيرة وسط الصعيد تربية جلدة رغم أننى ولدت لأسرة عتيقة من الله عليها بالرغد فى العيش والحال ومع ذلك جلبت على الولاء والانتماء للوطن فى محنه قبل منحه وكبوته قبل انتصاره وفى أزمته وانكساره وانحساره قبل فوزه ... لم أتخيل يوما أن أقف أو أمسك العصا من المنتصف لان الخير الذى (تمرمغت) فى نعيمه هو فى الأصل من عند الله وفضلًا من الوطن رغم أن انحيازى للحق وتمسكى بالمبدأ خسرت من ورائه الكثير ويكفينى شرفا أننى كسبت نفسى.

كنا وكانوا وكنت واحدًا منهم نبكى ونتألم حين الخسارة حتى فى أبسط صورها كمباراة كرة قدم أو خسارة جولة فى محفل دولى .. فهل من النخوة والرجولة أن أبيع من اشترانى يومًا ومن علمنى يومًا ومن ربانى ومن ومن ومن ....

يخوض الخائضون ويعبث العابثون للنيل من قوة الأسد هل تغير يومًا أو تبدل لقبه من ملك الغابة ليحتل مرتبة ثانية فالأسد يظل ملكًا حتى لو وهن وتظل هيبته قائمة فى أحلك ظروفه ...يخاف منه منافسوه قبل أعدائه ويهابه كل من يقترب منه ..ويعملون له ألف حساب وكذلك وطنى تظل هيبته قائمة ورايته خفاقة وانتصاراته مدوية وهامته فى عنان السماء كبيرة منصوبة لم تنكسر يومًا ... لم يتراجع لحظة أو يتنازل عن ضرب من ضروب الكرامة ...فهل تْرى يا من نشأت وتربيت فى وطن كهذا يروقك أن تراه منكسرا ... إن كان عرقا لك دْس فيك منبعه الخيانة وأصله الجبن وأخلاقك كأخلاق العاهرات تزمك بما ليس فيك وتأتيك بما تفعله وانت كشخص شريف يأبي الاختلاف والخلاف مع سيئة السمعة لأن مبدأه فى الاختلاف واحد فى الصداقة والعداوة
(يعرف معدن المرأ فى الاختلاف قبل الائتلاف وتقاس قوته بحجم أعدائه وأصدقائه)

قيل إن سيدنا عمر ابن عبدالعزيز قال (لقد جئنا فى زمن انتشرت فيه البدع حتى صارت سنة رْبى عليها الصغير واستمرأها الكبير وهاجر إليها الأعرابى حتى إن جئت لتغير فى البدعة قالوا إنك تغير فى السنة) ..نقرأ منذ نعومة أظفارنا عن خونة باعوا ضمائرهم وبدلوا دينهم وخلعوا جلودهم وملابسهم وارتموا فى أحضان أعداء الوطن.
لم ينصف تاريخى مرة واحدة خائن أو عميل ومنذ حملات أجدادنا الفراعنة ومن تلي بعدهم حتى يومنا هذا يذكر التراث أمثال الخونة من داستهم أقدام العدو فى الحرب قبل السلم .. ذهبوا إلى قاع الجحيم ومستنقع التاريخ .

وظل القادة والزعماء والأبطال فى صدر التاريخ يتربعون فى أبهى صوره يذكرهم ويثنى عليهم ديننا وتراثنا ونزهوا ونفخر بما قدموه لنا
..أمثالى ممن تربوا فى بيئة مثلى يفهمون قيمة الأصل والشرف ويقدرون قيمة الأخلاق والمبادئ ويتباهون بنسبهم قبل ما ملكت أيديهم كنا ننبهر بطريقة أحدهم فى الحديث ونفخر بأخلاقه ولم نتشرف يومًا أو تبهرنا سيارة فارهة يستقلها أو مظهر براق خداع يلتحف به لأن فى الأساس ..الأصل هو الفعل وليس الشكل.

لا أعيب على من وثق فى شخص وأدخله بيته وأئتمنه على سره ولعق هذا فى البيت وخاض وفضح أسراره فالكلب قد يعض يومًا اليد التى قدمت له الطعام وليس كل الكلاب سواء ولكنى تعلمت ان أتحرى الدقة فيمن يدخلون بيتى فمن يتلونون فى أحاديثهم ويتباهون بمناظرهم قبل مضمونهم وينبهرون بالشكل قبل الجوهر هؤلاء حتما حتما لا أصل لهم ولا أساس ..معروفون أنهم إن طال العمر أو قصر سيبيعون الغالى بثمن بخث ويبدلون النفيس بالرخيص.

عن تجربة شخصية تمنيت فى الصغر أن ألتقى بعض هؤلاء ممن ظننت أنهم نجوم فى السماء كنت أشعر أنهم غير خلق الله من عليهم وميزهم بسمات ومميزات غير باقى خلقه ومواهب عدة ..رغبت أن أجلس معهم وأعرف كيف تدار هذه المواهب وما الميزة التى يتمتعون بها عمن سواهم ..وحين اقتربت احترق شوقى ..واشمأذيت وتمنيت ألا أعرف حقيقتهم ....والله كم كنت أتمنى أن تظل صورة بعضهم فى ذهنى ولا اقترب من مجتمعهم أو دائرتهم لأرى ما رأيت.

تشبثت بأخلاقي وعاداتى وقبضت عليها كالقابض على الجمر وحمدت الله أنى لم أتلوث او أتقلد بما هم عليه رغم كل الإغراءات والتسهيلات والعبث فى حياتهم الفوضاوية.

عزيزى ... ليس كل من يتكلم صادقًا وليس كل ما يلمع ذهبًا وليست المعادن متشابهة فجمال الماس يظل فيه مهما صدأ وكذلك البشر معادنهم تظهر فى الأزمات والشدائد وقالوا لنا فى الصغر (تسلم الشدة عشان بتبين الراجل)...تبقى الأوطان والأشخاص زائلون ...تستمر الانتقادات والفوز يتحقق ..يشير الناس إلى القائد البطل مزهوون به وكذلك يشيرون بنفس أصابعهم إلى المجنون العارى ينتقدونه ويسخرون منه..ولكن فخرهم واعتزازهم وانشغالهم سيدوم لمن انتصر ومن نجح فى مسيرته للثأر لكرامة الوطن ووقف فى صف بيته وأهله فى وقت الأزمات والشدائد ..
وللحديث بقية.