الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علامة بارزة فى محافظة قنا.. خزف جراجوس..مصنع إحياء التراث وقبلة السائحين

خزف جراجوس
خزف جراجوس

يحتفظ بشكل قديم، كالمصنع البدائى لإنتاج قطع فنية و أواني خزف للغرض التجارى، إلا أنه مازال متصدرًا لقائمة صناع الخزف على مستوى الجمهورية، حتى أصبح مدرسة لتعليم حرفة الخزف لشباب المنطقة وملتقى ثقافى فنى للمشاهير والمبدعين، الذين يأتون لمشاهدة المنتجات الخزفية المتميزة التى يصنعها حوالى 10 فنانين محترفين قلما يوجد مثلهم فى منطقة الشرق الأوسط، إنه خزف جراجوس.

والراهب الفرنسي ستيفان ديمون، كان كلمة السر فى وجود هذا الصرح التراثي العريق، فقد حاول إيجاد نشاط آخر بجوار حرفة الزراعة التى كانت الوحيدة لأهالى قرية جراجوس التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا، فقرر إنشاء مصنع للخزف، و بعد فترة من إنشاء المصنع ورواج منتجاته بين السائحين، ذاع صيته ليصبح منتجا عالميا له اسمه المميز فى مختلف بلدان العالم بفضل جودة وتميز منتجاته ودور السياح القادمين إليه فى ترويج منتجاته.

وخزف جراجوس لم يقتصر على كونه مصنعًا للإنتاج والتجارة، بل أصبح ضمن معالم محافظة قنا، بما يتميز به من إبداع وتصميم غير تقليدى ليس كبقية المصانع التى تحمل تصميم عشوائى، فقد أبدع الفنان والمهندس المعمارى حسن فتحى، فى تصميمه عام 1966، حيث قام بتصميمه بنظام القباب لتحمل حرارة الجو القاسية بصعيد مصر أثناء العمل، ليضاف هذا الأمر إلى جملة المزايا التى حظى بها خزف جراجوس، وتولت الجالية الفرنسية التى كانت تقيم بمصر، مسؤولية المصنع وبعد رحيلها تم تسليمه للعمال الموجودين بالمصنع البالغ عددهم 9 أفراد وتولوا الاهتمام به واستكمال العمل حتى أصبح ملك لهم ، وبعدها تم إشهار المصنع كشركة مصرية لاستكمال الإجراءات الحكومية والتأمينية.

وقال الفنان التشكيلى فواز سيدهم، كانت بداية المصنع لتعليم الأهالي حرفة وصناعة جديدة بجوار الزراعة التى كانت تعتمد عليها المنطقة بشكل رئيسى، وهو مازال قائمًا حتى الآن، فالكثير من الشباب فى فصل الصيف يتعلمون الحرفة، إضافة إلى الزيارات المتكررة سواء من المدارس أو الجامعات أو الأجانب والمهتمين بالتراث التى تأتي لمشاهدة منتجات المصنع النادرة والتى لا تُصنع فى أى مكان آخر.

و أشار سيدهم، إلى أن المصنع يتميز بأن له طابع مميز يميزه عن غيره من المصانع التى تعمل بصناعة الخزف، فمن يعملون هنا بدرجة فنانين محترفين و هو طابع فريد من نوعه على مستوى الجمهورية، حيث يعتمد المصنع على خامة تسمى" الطين الأحمر " لا يتم خلطها بأي مواد أخرى.، بالإضافة إلى أن تشكيل رسومات معينة تسمى منتجات جراجوس لا ينافسهم فيها أحد ولا يستخدمون سوى اللونين الأزرق والأخضر فى عملهم، بالإضافة إلى أن كل منتجاتنا تعبر عن البيئة المحيطة مثل النباتات والعصافير والأسماك و أواني الطعام التى تتناسب مع البيئة المحلية وهي تعبر عن التراث أما ما يصنع فى ورش القاهرة فهى تقليد لنا.

وعن مراحل التصنيع قال رياض كامل، تبدأ بتجهيز الطينة ثم غربلتها وتصفيتها فى حوض ماء لمدة 20 يوم، بعدها يتم تجفيف الطينة لمدة 3 شهور، ثم نقلها إلى المصطبة داخل الورشة، ويتم اقتطاع مربعات يصل وزنها إلى 25 كيلو لبدء العمل بها ويتم تدليكها " تمليكها" باليد لمدة ساعة حتى تصبح قابلة للتشكيل، ثم يتم نقلها إلى الدولاب لتشكيل المنتجات المختلفة منها، أما عن الآلات المستخدمة فى صنع المنتجات، نستخدم قوالب مصنوعة من الجبس ونحن من نقوم بتصنيع هذه القوالب بأنفسنا لتتناسب مع المنتجات التى نقوم بتصنيعها بالإضافة إلى أدوات من البيئة المحيطة.

واستطرد كامل، يعتمد المصنع بشكل رئيس فى ترويج منتجاته على السياح الذين يقبلون على شراء هذه المنتجات بنهم للعودة بها إلى بلادهم، وهو ما يعطى دعاية لمنتجاتنا خارج مصر، كما أننا نقوم بعمل معارض خاصة فى القاهرة والاسكندرية بالإضافة إلى بازار فى الأقصر لعرض منتجاتنا، لكن البازار تم هدمه ضمن أعمال التطوير بالأقصر، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فعقب الثورة وانهيار القطاع السياحي، أصبحنا نعاني بشدة من نفس الأضرار التي يعاني منها القطاع ، حيث أن اعتمادنا على السياح وخاصة القادمين إلى الأقصر كان بشكل كبي ، فقد كانت تأتي يوميًا ما بين 7 إلى 8 سيارات محملة بالسياح لزيارة المكان ، لكن الوضع حاليًا تغير ، وقد كنا معتمدين على السياحة وعايشين على رزقها ، وكنا نتناوب فترات العمل فى المكان لمتابعة السياح القادمين.

أما عن أبرز المشاكل التى تواجههم فى الفترة الحالية ، فيوضح كامل، بأن العمالة المحترفة أصبحت سلعة نادرة فى الفترة الأخيرة ، فالشباب يبحثون عن المكسب السريع مثل قطاع السياحة أو العمل بالوظائف الحكومية ولم يعد لديهم صبر لإنجاز هذه المنتجات الفنية الراقية والتى يكون مكسبها قليل إلى حد ما، كما أن الناس تبحث حاليًا عن الأضواء المبهرة والأسعار الرخيصة لظروف المعيشة التى تعيشها البلاد، لكن قليل جدًا من يبحث عن الجودة والقيمة

أما أبرز من حضروا إلى المكان فيشير نصير رنان" أكبر العاملين بالمصنع"، كانت زيارة ملك وملكة السويد عام 1986 ، من أكثر الزيارات التى مازلت أذكرها حتى الآن، لكن هناك الكثير من المشاهير سواء من داخل مصر أو خارجها زاروا المكان هنا وأبدوا إعجابهم بالفن الراقى الذى يقوم عليه المصنع ومنهم على سبيل المثال وليس الحصر على عامر شقيق عبدالحكيم عامر، الشيخ الطيب، أحمد شفيق وزير الطيران الأسبق، فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، ممدوح البلتاجى وزير الإعلام الأسبق، الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى وعائلته ، الفنانة فاتن حمامة، الشاعر صلاح جاهين ، محافظة قنا، عدد كبير من الأدباء والمثقفين والمشاهير.