الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العرب يدعمون مصر فى ملف سد النهضة.. شكرى طرح على نظرائه صعوبات مسار المفاوضات.. والرد: أمن مصر المائى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى

سامح شكرى
سامح شكرى

تاريخ من الدعم والمساندة المتبادلين بين مصر والدول العربية.. فمصر تقف بجانب أشقائها العرب فى شتى الأزمات، وتبادل الدول العربية المساندة الأكيدة لمصر فى مختلف الظروف.. فصل جديد من دعم العرب لمصر سطروه، خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب الذى عُقد الأسبوع الماضى فى القاهرة، وكان يتعلق بمفاوضات سد النهضة الإثيوبى، وشدد وزراء الخارجية العرب على أن "أمن مصر المائى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى".

إحاطة لأول مرة
شهدت أروقة اجتماعات وزراء الخارجية العرب التى استضافتها أحد فنادق القاهرة الثلاثاء الماضى، إحاطة من وزير الخارجية سامح شكرى للمجلس الوزارى بنتائج المفاوضات المصرية الإثيوبية حول سد النهضة.. وهو ما وصفه أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية بـ "التطور المهم للغاية"، موضحًا أنها المرة الأولى التى يشهد فيها هذه الإحاطة المصرية للدول العربية.

وطرح الوزير سامح شكرى الصورة كاملة للوزراء العرب خلال جلسة مغلقة.. وأوضح شكرى الصعوبات التى تواجه سير مفاوضات سد النهضة.. واستمع الوزراء العرب بأكبر قدر من الاهتمام لتلك الإحاطة، وتحدثوا عن أن الأمن المائى المصرى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، وعبروا خلال مداخلاتهم - فى الجلسة المغلقة - عن تضامنهم الكامل مع مصر والسودان فى حماية أمنهما المائى، ورحبوا بجهد مصر المستمر للتوصل لتوافق يحقق المصالح المشتركة لمصر والسودان وإثيوبيا أيضًا، كما أيدوا رؤية مصر التى تتطلع لتكثيف المفاوضات الثلاثية، وفقًا لإطار زمنى مقبول للتوصل لاتفاق ملزم قانونًا يراعى مصالح الأطراف الثلاثة.. وعبر الوزراء العرب أيضًا عن أملهم فى أن تتبنى الأطراف المتشاورة والمتفاوضة بأكبر قدر من المصداقية فى علاقتها بعضها البعض.

نيات صادقة
وعبر الوزير سامح شكرى لنظرائه العرب، عن النوايا المصرية الصادقة للتوصل لتفاهم مع إثيوبيا، وقال لهم إن مصر لاحظت فى الفترة الأخيرة تشددًا فى الموقف الإثيوبى وبعض المرواغات و"الوضع ليس مريحًا".. ومن هنا جاء رد الفعل العربى المساند لمصر، قويًا للغاية فى تأييد المطالب المصرية وكذلك السودانية.

واتخذ أبو الغيط موقفًا قويًا فى ملف سد النهضة خلال اجتماعات وزراء الخارجية، وأوضح أنه كان أكد العام الماضى فى المؤتمر العربى الثالث للمياه الذى عقد بالكويت، أن الأمن القومى العربى فى موضوع المياه يأخذ في حسبانه أمن كافة الأطراف العربية في كل الأنهار وليس نهر النيل فقط.

وكان أبو الغيط قال خلال كلمته بمؤتمر الكويت: "إن الأمن المائي العربي كلٌ لا يتجزأ، ونسيج واحد لا تنفصم عراه، ودعا إثيوبيا إلى إظهار الانفتاح الكافي في المحادثات المتعلقة ببناء وتشغيل سد النهضة، وأضاف أن مبادئ التفاوض بحسن نية والتشاركية والشفافية هي الكفيلة بإيجاد صيغ للتعاون واقتسام الموارد المائية بصورة تُبعد عن المنطقة شبح صراعات المياه التي طالما تنبأ بها كثيرون".

وأوضح أبو الغيط خلال كلمته أن 80% من المياه العربية تأتي من خارج العالم العربي، ويعد النيل الأزرق مصدرًا لـ 85% من المياه التي تعتمد عليها مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.. وشدد على أن الدول العربية مُطالبة بالتعامل مع ما يتهدد أمنها المائي، سواء في فلسطين أو مصر أو لبنان أو غيرها من الدول باستراتيجية جماعية واضحة، وسياسة تكاملية شاملة تعكس الإرادة الجماعية للدول العربية، وقال إن هذا النهج هو ما يضمن للمنطقة صوتًا مؤثرًا ووزنًا معتبرًا في مواجهة أي إفتئات أو جور من جانب أي طرف على الحقوق العربية.

كما أكد أبو الغيط أن أزمة المياه في العالم العربي واضحة بما لا يحتاج إلى بيان، وخطيرة بما لا يستدعي التفصيل، فالمنطقة العربية لديها 1% فقط من مصادر المياه العذبة على مستوى العالم، و40% من سكانها يعيشون في مناطق الشح المائي المُطلق، بل إن هناك 14 دولة عربية من بين التسعة عشر دولة الأكثر معاناة من نُدرة المياه على مستوى العالم، وأخطر ما في الأمر أن الوضع المائي في بلادنا لا يتجه إلى التحسن، وإنما إلى التدهور، بل إلى التدهور المطرد في بعض المناطق، ففي ظل معدلات نمو سكاني تصل إلى 2.5%، وفي ضوء ندرة سقوط الأمطار وتكرار دورات الجفاف يتناقص نصيب الفرد العربي من المياه باستمرار بكل ما ينطوي عليه ذلك من انعكاسات على أمننا الغذائي، حتى صارت المنطقة العربية أكبر منطقة عجز غذائي في العالم.

وأشار الى أن خط الدفاع الأول في مواجهة تحديات ندرة المياه هو البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، إذ لا فرصة أمام الدول العربية لتجاوز التحديات المختلفة المرتبطة بشُح المياه، إلا عبر الارتقاء بمجالات البحث والتطوير، والدول العربية تنفق أقل من 1% من الناتج القومي الإجمالي على البحوث والتطوير.

عدم الارتياح
وبالفعل.. تواجه مفاوضات سد النهضة الحالية حالة من "عدم الارتياح" بالنسبة لمصر.. إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أرسل رسالة للعالم خلال المؤتمر الوطنى الثامن للشباب الذى عقد السبت الماضى، تؤكد حرص مصر على التوافق فى الملف المائى.. وقال خلال جلسة "اسأل الرئيس" : "أي اضطراب في أي دولة يكون له تأثير سلبي وإيجابي، وهناك تنسيق مستمر بين مصر والسودان واثيوبيا، لم يتأثر بحالة الثورة في السودان".. وأضاف: "مطلوب تخزين حجم من المياه وراء سد النهضة بإثيوبيا، وسيتم تخزينه من حصص المياه الخاصة بمصر والسودان".. كما قال: "احنا عايزين نتفق مع إثيوبيا على أن يكون الضرر من ملء الخزان يمكن تحمله، في ضرر يمكن تحمله وضرر لا يمكن تحمله، ودي القضية اللي شغالين فيها، ويتم التنسيق مع إثيوبيا في هذا الشأن".. وتابع: "العراق قبل عام 1990 كان يأتي لها 100 مليار متر مياه، والآن يأتي لها 30 مليار متر مياه، عرفتوا الضعيف بيحصله إيه، لكن العفي محدش بياكل لقمته".

فى حين أكد وزير الخارجية سامح شكرى خلال مؤتمر صحفى مع نظيرته الكينية فى القاهرة أمس، أن مصر على استعداد دائمًا للوصول إلى نقطة توافق بخصوص مفاوضات سد النهضة، مشيرًا إلى ضرورة أن يتم الاتفاق في أقرب فرصة لأنه ليس هناك مجال لمحاولة أى طرف فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادى لا يتم التعامل معه فى إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق.

وشدد شكرى على أن مصر تؤكد دائمًا أنها تراعى وتحترم حق إثيوبيا فى التنمية، طالما أن هذا لا يؤدى إلى أضرار جسيمة على مصر، مشيرًا إلى ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مؤتمر الشباب من أن مصر سوف تتحمل تحت أى ظرف من الظروف أضرارًا ولكن الأضرار التى تستطيع أن تستوعبها وتتعامل معها من الناحية الاقتصادية وتحفظ مصالح الشعب المصرى.

وأضاف أنه بالتاكيد إذا ما تجاوزت الأضرار فإن الأمر سيخرج تماما عن قواعد القانون الدولى والعرف الدولى الذى يحكم العلاقة بين الأنهار العابرة للدول.

وأكد وزير الخارجية أن مصر دائمًا منفتحة وتبدي مرونة كبيرة ودائمًا على استعداد كامل لبحث الأوجه، حيث إننا نرى أن هذه المفاوضات باعتبارها مفاوضات فنية علمية، وأن العلم ليس خاضعا للتأويل السياسى ولكن هو أمر يسهل التوصل إلى اتفاق لأنه مبنى على أسس علمية ليس هناك مجال للخروج عن إطارها، مشيرًا إلى الاستعداد لدراسة كل ما هو مطروح من آراء وأفكار كانت محل نقاش فى السابق ونتوقع أن يكون لدى الطرفين الإثيوبى والسودانى الاستعداد لبحث وتناول ما نطرحه من أفكار وخطط فى هذا الشأن.

وذكر شكرى أن مصر تقدمت للسودان وإثيوبيا بخطة متكاملة مبنية على المناقشات السابقة خلال الاجتماعات المختلفة، وهى متكاملة فى منظورها وتحقق العدالة للدول الثلاث وتراعى مصالحهم بالتساوى، ونتقبل أى ملاحظات وأى نقاش متعمق يتعلق بهذه الخطة، ودائمًا مصر على استعداد للوصول إلى نقطة توافق وبالضرورة أن يتم هذا الاتفاق فى أقرب فرصة لأنه ليس هناك مجال لمحاولة أى طرف فرض إرادته على الطرف الآخر بخلق واقع مادى لا يتم التعامل معه فى إطار من التفاهم والتشاور والاتفاق المسبق.

سفراء أوروبا
وفى الإطار ذاته، كان السفير حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية قد اجتمع مع سفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى القاهرة الخميس الماضى، لإطلاعهم على آخر مستجدات المفاوضات الخاصة بسد النهضة.. وأعرب عن عدم ارتياح مصر لطول أمد المفاوضات، موضحًا أن مصر قدمت للجانب الإثيوبي طرحًا عادلًا لقواعد ملء وتشغيل السد يحقق أهداف إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة ويحفظ في نفس الوقت مصالح مصر المائية.

وأوضح السفير لوزا للسفراء أن هذا الطرح مبني على المناقشات التي تمت بين البلدين في هذا الشأن وعلى الالتزامات الواردة في اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015 بالخرطوم والذي يقضي باتفاق الأطراف الثلاثة على قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.

وأكد نائب وزير الخارجية على أهمية سير المفاوضات بحُسن نية في مناقشة كافة المقترحات، بما فيها الطرح المصري.

وشدد نائب الوزير على أن رفض ذلك يعني الإصرار على فرض رؤية أحادية دون الاكتراث بمصالح الآخرين أو الاهتمام بتجنُّب الأضرار التي ستقع على دولتيّ المصب، وبالأخص مصر التي تعتمد على نهر النيل كشريان للحياة للشعب المصري.