الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف يمكن لترامب معاقبة إيران دون بدء حرب مرعبة؟ هل حقًا ينوي ضرب طهران أم أنه يطلق تصريحاته في الهواء.. السعودية تستبق تلكؤه وتهاجم مواقع للحرس الثوري في سوريا.. وهجوم أرامكو ليس الأول

صدى البلد

  • ترامب يعلن استعداده للرد على إيران في أي وقت
  • ليندسي جراهام: تراجع ترامب عن توجيه ضربة لإيران علامة ضعف
  • "واشنطن بوست": الضربة الأهم ضد إيران يجب أن تكون في سوريا
  • حرب كارثية بالطريق إذا لم يتحرك العالم وأمريكا لردع النظام الإيراني

تتصاعد حدة التوتر في منطقة الخليج منذ مطلع الأسبوع الحالي، إثر هجوم تعرضت له منشأتان نفطيتان تابعتان لشركة أرامكو السعودية شرقي المملكة، فيما كشفت وزارة الدفاع السعودية عن أدلة تثبت ضلوع إيران في الهجوم.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن يوم الأحد الماضي أن بلاده مستعدة للرد في أي وقت، وكرر أمس، الأربعاء، أنه على استعداد للرد لكنه على غير عجلة من أمره، كما نشرت شبكة "سي إن إن" بعضًا من كواليس ما جرى في اجتماع عسكري الاثنين الماضي، أمر فيه ترامب بالبحث في الخيارات الممكنة في رد حربي مناسب، ومع كل هذه التصريحات، يأتي السؤال الحاسم الذي يدور في الأذهان، هل ترامب مستعد فعلًا لتوجيه ضربة مدمرة لإيران، وهل يريد فعلها فعلًا، أم أن العبء كله يقع على السعودية، في مواجهة دولة متغولة بميليشياتها في العالم العربي؟

وعن هذا تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن ترامب يبحث عن طريقة للرد على الهجوم الإيراني الوقح على المملكة العربية السعودية والذي سيكون متناسبًا مع حجم الهجوم بما يكفي لإرسال رسالة واضحة للنظام الإيراني، ولكن دون جر الولايات المتحدة إلى حرب جديدة.

ورأت "واشنطن بوست" أن أفضل مكان لمثل هذا الرد سيكون في سوريا، حيث يرتكب الجيش الإيراني ووكلاؤه جرائم حرب، وحيث يجب وقف العدوان الإقليمي الإيراني بسوريا على أي حال، ووقف البلطجة الإيرانية في مياه الخليج العربي بعد احتجازها لمراكب وناقلات نفط، وبعد تدميرها لطائرة درون أمريكية باهظة التكلفة، تؤكد أن هجومها على بقيق وهجرة خريص ليس الأول، وإنما الأكبر.

في سياق متصل، قالت صحيفة "إندبندنت عربية" إن مصدرًا غربيًا مطلعًا كشف أن مقاتلات سعودية شاركت في استهداف مواقع لميليشيات إيرانية في منطقة البوكمال السورية.

وأضافت أن المصدر قال إن الهجوم أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى وتدمير مستودعات أسلحة وبطاريات صواريخ ومنصات إطلاق صواريخ وقاعدة طائرات من دون طيار، يعتقد أن إيران كانت على وشك استخدامها في توجيه ضربة للمملكة بعد هجوم أرامكو.

وأوضح المصدر أن مقاتلات سعودية رصدت إلى جانب مقاتلات أخرى تشن غارات على منشآت تابعة للميليشيات الإيرانية، خاصة فيلق القدس التابع للحرس الثوري في البوكمال ومناطق أخرى من الحدود العراقية السورية.

كان السيناتور ليندسي جراهام أثار ضجة عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم الثلاثاء بشأن سياسة الإدارة الأمريكية تجاه إيران ورد الفعل الأمريكي المحتمل على هجوم الطائرات بدون طيار والصواريخ على منشآت النفط السعودية، والذي يعتقد المسئولون الأمريكيون أن من يقف خلفه هو الحرس الثوري الإيراني.

ووفقًا لما قاله جراهام، فإن قرار ترامب في شهر يونيو بإجهاض ضربة داخل إيران بعد إسقاط طائرة أمريكية بلا طيار يصل ثمنها لـ130 مليون دولار "نظر إليه بوضوح من قبل النظام الإيراني كعلامة على الضعف"، مضيفًا أن "الهدف يجب أن يكون ردع العدوان الإيراني".

وتعتمد إستراتيجية إدارة ترامب نحو إيران على تطبيق "أقصى قدر من الضغط" والردع في نفس الوقت، بعبارة أخرى، يريد ترامب معاقبة الإيرانيين بشدة بينما يردعهم عن الانتقام العنيف مع التهديد بضربة مضادة أمريكية ساحقة.

وردًا على جراهام، قام ترامب بالتغريد الثلاثاء الماضي وكتب أن ما حدث "كان علامة على القوة، بعض الناس لا يفهمون!"، بالطبع، لا يمكن أن يفهم الإيرانيون نوايا ترامب بشأن إيران، لأن يبدو أنها تتغير في كل وقت. هذا الأسبوع فقط، انتقل ترامب من القول إن الولايات المتحدة مستعدة للرد في أي وقت ليقول إن "هناك متسع من الوقت.. لا يوجد اندفاع".

إحجام ترامب عن تصعيد الصراع العسكري مع إيران أمر مفهوم، ولكن هناك طريقة يمكن بها لترامب أن يظهر القوة والردع ويعاقب إيران، كل ذلك قد يحدث في سوريا؟

في سوريا، يرتكب الحرس الثوري الإيراني وقواته بالوكالة بما في ذلك حزب الله جرائم حرب ضد المدنيين السوريين لسنوات، بما في ذلك استهداف المدنيين في إدلب الآن، علاوة على قصف المستشفيات عن عمد، لذا، فهناك مبرر إنساني واضح لوقف هذه الفظائع.

من الناحية الإستراتيجية، تعتبر سوريا مكانًا حاسمًا بالنسبة لخطة إيران للسيطرة على مجموعة كبيرة من الأراضي العربية من طهران إلى بيروت، مما يسمح لطهران بتوسيع نطاق الأنشطة الضارة التي تهدف إلى تقويض أمن الخليج العربي وتضر بالولايات المتحدة.

ومنذ تولي ترامب للحكم في 2017، يصر مسئولوه مرارًا على أن الهدف الرئيسي لسياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا هو إجبار الجيش الإيراني على الانسحاب، لكن في الواقع كان هناك القليل من الإجراءات الحقيقية التي اتبعت لجعل ذلك حقيقة.

وقال ترامب أمس، الأربعاء، إنه يعتزم زيادة العقوبات على إيران، لكن هذا لن يغير على الأرجح حسابات إيران، لأن العقوبات هي ما تدفع إيران للرد عسكريًا في المقام الأول.

كذلك، فإن إيران تنتهك العقوبات الأمريكية من خلال الاستمرار في توصيل النفط إلى سوريا.

باختصار، لا يمكن لسياسة ترامب تجاه إيران أن تنجح إذا نجحت إيران في سوريا، كما لا يمكن لسياسة ترامب تجاه سوريا أن تنجح إذا نجحت إيران في سوريا.

ولكن قالت "واشنطن بوست" إن هذا الرأي مردود عليه، فالإقدام على ضرب إيران في سوريا مخاطرة منخفضة نسبيًا لأن الإسرائيليين يفعلون ذلك طوال الوقت دون إثارة الانتقام الإيراني، وتقصف الطائرات الإسرائيلية بشكل روتيني منشآت الحرس الثوري داخل سوريا والآن داخل العراق، لقد استخدم ترامب نفسه القوة العسكرية داخل سوريا مرتين، دون انتقام من نظام الأسد.

لكن المخرج والحل كان في قول الصحيفة، إنه وبطبيعة الحال، فإن أي عمل عسكري ينطوي على مخاطر ولا ينبغي النظر إليه باستخفاف. فإيران لديها القدرة على ضرب القوات الأمريكية في سوريا والعراق وأماكن أخرى، وهي نقطة ضعف أمريكية، لا يمكن تجاهلها. لكن إذا هاجمت طهران فعلًا، فانتقام أمريكا سيكون مدمرًا، وعلى النظام الإيراني أن يعرف ذلك. وهذه هي النقطة الأساسية والأهم من ردع حقيقي.

وغالبًا ما يقول المسئولون الأمريكيون إن التوسع الإقليمي لإيران يشكل تهديدًا للعالم بأسره، لكنهم لم يفعلوا الكثير للتصدي له.

ويقول ترامب إنه يهتم بسوريا، لكنه نادرًا ما يرفع إصبعه لمساعدة الأشخاص الذين يعانون هناك، لذا، فإن مفتاح معالجة كلتا المشكلتين هو إدراك أنهما جزأين من نفس المشكلة، ولا توجد وسيلة لاحتواء إيران مع ترك الأوضاع في سوريا تتفاقم، ولا توجد وسيلة لحل الأزمة بسوريا مع وجود يد حرة لإيران بها.

باستخدام القوة العسكرية الأمريكية المحدودة ضد أهداف الحرس الثوري الإيراني في سوريا، يستطيع ترامب معاقبة إيران ومساعدة سوريا في نفس الوقت، من خلال تعزيز المصالح الإستراتيجية والأخلاقية للولايات المتحدة وحلفائنا.

وختمت الصحيفة بقولها إنه يجب أن يتم موازنة خطر التحرك العسكري مقابل خطر التقاعس عن العمل، فإذا سمح لإيران بمهاجمة السعودية دون أي عواقب حقيقية، فسيتم تشجيعها أكثر، وبعد ذلك قد يكون الهجوم الإيراني التالي هو الذي يثير الصراع الأوسع نطاقًا الذي نحاول جميعًا تجنبه، ويجعل العالم يدخل في حرب كبرى.

وإضافة لضرب سوريا فقط، فهناك أمور يمكن أن تحدث لردع إيران، مثل ما يدور حوله الحديث عن عمل حشد دولي للدخول في تحالف كبير لضرب إيران ومعاقبتها على "قصف معامل أرامكو"، وعدم انفراد الإدارة الأمريكية بالضربة.

فيمكن أن تشكل واشنطن تحالفا يكون على شاكلة الحلف الذي شكلته في حربها على العراق وأفغانستان، عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، وذلك لإضفاء شرعية أكبر على تحركها.

وفي يونيو 2019، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وافق على توجيه ضربات عسكرية لإيران ردًا على إسقاط طائرة استطلاع مسيرة قيمتها 130 مليون دولار، لكنه تراجع عن التنفيذ في الدقائق الأخيرة، حيث نقلت الصحيفة عن مسئولين كبار بالإدارة شاركوا في المناقشات أو اطلعوا عليها قولهم إن ترامب وافق في البداية على ضرب بضعة أهداف؛ كأجهزة رادار وبطاريات صواريخ، مشيرة إلى أن "الطائرات كانت محلقة والسفن في مواقعها، قبل أن يصدر أمر بالمغادرة".

وعاد الحديث مجددًا عن نية ترامب في الحرب، رغم تأكيده أنها آخر خياراته، حيث قال في تصريحات صحفية الأربعاء: "سنرى ماذا سيحدث في الشرق الأوسط في حينه، فمسألة التدخل في بلد ما أمر سهل دائمًا؛ فبهاتف واحد يمكننا التدخل في أي دولة، لكن هذا ليس شرطًا أن يكون اليوم، فمن الممكن أن يكون غدًا أو بعد أسبوعين".