EN 
في إطار الحرب العنكبوتية التي تتعرض لها مصر، اتصل بي زميل سعودي متسائلا :" هل الإسكندرية تم حرقها؟" فقلت له مستغربا لا ، الأمور على ما يرام ولا ينبغي أن نستمع لمثل هذه الشائعات ، المهم نقلت الحوار لصديق لي حزينا مما يتم ترويجه ، فانفجر فيّ غاضبا قائلا لي :" أنت كاذب ، انت ملفق ، أنت لا تعرف شيئا مما أعرفه ، أنا الوحيد في العالم الذي لديه الحقيقة التي لا تعرفونها " .. هل رأيتم مثل هذا التطرف .. ؟
المسألة ليست الحرب المنصوبة على مصر ، والتي لم تهدأ منذ فجر التاريخ ، ولكن المشكلة في هؤلاء الذين يدعون أنهم يملكون حق التحدث باسم الوطن ، وأن لديهم الحقيقة والمعرفة ، وغيرهم "بهائم" لا تعرف شيئا ، مع أنني والله العظيم صحفي ولا شغلة لي غير المطالعة حتى المواقع الهلس أطالعها ، وأفتش فيها ..
المشكلة يا سادة أننا أصبنا بمرض " الشوفينية " ، كل منا يعتقد أنه الذي أزاح التتار بسيفه البتار ، وباقي الشعب "نايم تحت السرير " ، في حين أن كل منا يؤدي دوره ، حتى لو كان صغيرا ، كل شخص في هذا الوطن أصبح لديه صحيفته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي ، وهاتك يارغي وهاتك يا فتي وهاتك يا تنظير .. صحيح إننا جميعا جنود للدفاع عن الوطن ، ولكننا لسنا الجنود الوحيدين ، هناك من يبذل من جهده ليلا ونهارا ، في سبيل تحسين وضعه وأسرته التي في نهاية الأمر هي في صالح الوطن .
لا نعيش في عالم مثالي ، هناك فساد ، وسلبيات ، ومحسوبية ، تضرب في كل مكان ، ووجب مواجهتها والكشف عنها ، حتى لا تكون ورقة في يد الأعداء ، ولكن ان ندعي إننا في أرض الشرف والأخلاق ، أن نحكم على الآخرين ، أن نفتش في ضمائرهم ، فهذا مرفوض ، وهذا يضر بالوطن ولا يفيده ..
نعم كل واحد يؤدي ما عليه ، ولكن لا ينبغي أن يدعي العلم والمعرفة اليقينية ، وانه أفضل من غيره ، أو أن يحتكر الوطنية لنفسه ، فالوطنية لها ألف وجه ووجه .
