الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. خالد رحومة يكتب: من يحكم تزييف وعي العالم الافتراضي.. ؟!

د. خالد رحومة
د. خالد رحومة

تهل علينا هذه الأيام ذكرى نصر أكتوبر المجيد الذي وصفه ايلي زاعيرا - رئيس جهاز أمان الاستخباراتي في كتاب يوم الغفران قائلًا "إن ما حدث فى يوم الغفران كان أكبر من مجرد تقدير خاطئ للموقف سواء بالنسبة لاندلاع الحرب نفسها مرورا بالعمليات الحربية ... كانت مفاجأة حرب أكتوبر زلزالا هز إسرائيل هزة نفسية عميقة وأدى إلى انهيار الدعامات الأساسية لنظرية الأمن الإسرائيلية.

‎ومما لا شك فيه أن حرب أكتوبر المجيدة أحدثت تحولًا أيديولوجيًا في منهجية الحروب ذاتها فلم تعد المواجهة المباشرة هي الإستراتيجية المثلي بل التحول لما بات يعرف بحروب الجيل الرابع والخامس ولن أستفيض في التفرقة بينهما فلا مجال لذلك هنا.

‎وهذا التحول الذي وصفته أعلاه ليس بالسر الخفي بل يعلمه الجميع والأكثر من ذلك أن العدو اعترف به صراحة علي لسان جولدا مائير رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية بين ١٧ مارس ١٩٦٩ حتى ١٩٧٤، حين قالت "دعوا العرب يقتلون انفسهم ولتكن خيوط الاحداث بيد اسرائيل وإلا احزموا حقائبكم لتعودوا من حيث جئتم".

‎ولا ينكر أحد أن حروب اليوم لم تعد حروبًا تقليدية تستخدم فيها الأسلحة التقليدية وتحدث المواجهة المباشرة فيها بين جيشين أو أكثر، بل باتت حروبًا سلاحها الأساسي هو المعلومات والرصاص الذي يطلقه هذا السلاح هو الشائعات ويدعم هذه الحروب منصات تمثل الأذرع الحقيقية لهذه الحرب الإلكترونية.

‎ولعل الطرح السابق لم يكون مقبولًا أو مقنعًا لدي البعض قبل وقت قليل إلا أن ما تشهده منطقتنا العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص من كم مذهل للشائعات هدفها التشكيك في كل إنجاز وتدمير الروح المعنوية في الجبهة الداخلية وخلق مناخ هش ومفكك علي مستوي الأسرة والمجتمع أمرًا بات ملحوظًا بشكل قاطع.

‎فالمتتبع لشبكات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك علي سبيل المثال وليس الحصر قد لاحظ في الآونة الأخيرة رواجا لمحتوي معين غير مبرر وتقييد الوصول لأغلب المحتوي الحقيقي.

‎فما أن يتم نشر أي محتوي تحريضي يحمل في طياته شائعة لا يصدقها عقل إلا وتجد رواجا غير مبرر لهذا المحتوي وتفاعلا تدعمه خلايا إلكترونية تسري كالنار في الهشيم وليت الأمر هكذا فقط بل تجد سياسة الفيس بوك تقيد المحتوي الحقيقي أو حق الرد فتجد الشائعة التي لا تحمل الحقيقة تحقق أضعاف مضاعفة من التفاعل الذي يحدث علي ردها أو ما يحمل دحضها.

‎وليس أدل علي ما أقول من ترويج ما نشرته بعض القنوات المعادية لمصر من كذب وافتراءات وادعاءات غير حقيقية وحين تم التدقيق وتفنيد هذه الشائعات من خلال محتوي حقيقي لاحظنا تقييد النشر بل واللجوء لحظر تداول الرد وغلق الحسابات وتقييد الوصول للصفحات التي تنشر الحقيقة.

‎الأمر الأخطر مما سبق توجه سياسة الفيس بوك لحذف أي محتوي يمس الأمن القومي لدول بعينها والسماح بتداول ما يهدد أمن دول أخري.

‎قد يبدو الأمر غير هام لدي البعض ولكن إذا ما تأملنا هذه الإحصاءات الحديثة قد ندرك حجم الخطورة.

‎فقد كشف استطلاع حول الشباب العربي العام الماضي أنّ حوالي ثلثي هؤلاء الشباب أي ما يقارب ٦٣٪ يتابعون فيسبوك وتويتر للحصول على الأخبار، وهذا الأمر مغاير لما يجري في الولايات المتحدة على سبيل المثال، حيث تزيد الدعوات ضد استخدام "فيسبوك".

‎وخلص الاستطلاع الى أنّ يقارب نصف الشباب العربي (٤٩٪) يحصلون يوميًا على الأخبار من خلال فيسبوك، فيما كانت نسبة ٣٥٪ قبل عام، و 61٪ من الشباب العربي يستخدمون موقع فيسبوك بشكل متكرر أكثر من العام الماضي.

‎ومجمل القول أن شركة فيسبوك قد تحولت من كونها شركة مستثمرة في مجال التكنولوجيا إلى شركه تقوم "بـاستغلال” المستخدمين من أجل الربح ، و هذا ما ورد في كتاب “زوكيد – الاستيقاظ على كارثة” للاقتصادي والمستثمر روجر ماكنامي، وهو رأسمالي يملك تاريخًا طويلًا مع مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك، كذلك الأمر في شركات تكنولوجية عملاقة مثل جوجل.
 
‎ويقر ماكنامي منتقدا فيس بوك ومؤسسها قائلًا “كنت مرشدا لزوكربيرغ” ، لكنني لا أستطيع الصمت حول ما يحدث لان تحول فيسبوك من كونها شركة مستثمرة في مجال التكنولوجيا إلى كونها شركه تقوم "بـاستغلال” المستخدمين من أجل الربح يؤدى إلى حدوث كارثة عالمية.

‎لم يتبقَ إلا أن نسأل أنفسنا هل سيتجرّأ فيسبوك يومًا ما على أن يكون حياديًا ويسمح بنشر الحقائق والسماح لها بالوصول كما يسمح بنشر الزيف... وهل سيتبني ممارسة الرقابة الحقيقية ضدّ الذين يدعون لاستخدام العنف والفوضي ؟

‎والإجابة للقراء..