الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء ثابت يكتب: فى وقت الشدة العربية لا حل سوى لم الشمل

الكاتب الصحفى علاء
الكاتب الصحفى علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام

قال الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام إنه فى الوقت الذى نحتاج فيه بشدة إلى العمل العربى المشترك، لكى يتمكن من لملمة الصفوف، وإيقاف التناحر بين الأشقاء العرب، والإمساك بالملفات الخطيرة التى تهدد المنطقة، والتى يصعب على دولة واحدة أن تتولى تحقيق إنجاز مهم فيها، نجد الجامعة العربية تائهة فى تلك الخلافات! لا تعرف ماذا تفعل فيها، فعندنا الملف اليمنى النازف بشدة الذى بات قنبلة متفجرة تهدد منطقة الخليج وباب المندب، وتفتح ثغرة كبيرة فى الثوب العربى المليء بالثقوب، وهناك الملف الليبى بكل ما فيه من مخاطر لا تهدد فقط وحدة التراب الليبى وثروة شعبه، بل تهدد كل دول الجوار بإرهاب بات مكشوفا من يدعمه، وسط صمت بل تواطؤ دولى واضح. ولدينا الوضع الصعب فى كل من العراق وسوريا، وإن كان شبح الإرهاب قد تراجع فى كل منهما إلا أن كلا البلدين يمر بفترة نقاهة، يحتاج فيها إلى دعم وتدخل عربى قبل أن تستغلها القوى الإقليمية والدولية وتفرض واقعا جديدا.

وأضاف "ثابت"، فى مقاله المنشور اليوم الجمعة بصحيفة "الأهرام" إننا أمام معضلة كبيرة، ومخاطر جسيمة، تحتاج إلى وقفة عربية، يتراجع معها أسباب هذا التردى والتداعى فى العلاقات العربية الذى لا تستفيد منه دولة عربية واحدة، بل يدفع جميعها الثمن، فالاستقطاب الإقليمى يزداد فى ظل هذه الحالة المتردية، ولا يمكن أن نوجه اللوم لبلد يبحث عن حليف أجنبى مادام لا يجد شقيقه العربى يقف إلى جانبه، بل هناك من يخيفون العرب من العرب، لتتسع الهوة وتزيد الأزمات وتتفرق السبل، ومن ثم يسهل احتواء أو ابتلاع هذا البلد ثم ذاك، والكل غارق فى همومه دون أن ينظر إلى الطريق الأسهل والأقل كلفة وهو التحالف والتعاون العربى. فما دفعته الدول العربية على أمنها وتسليحها وحروبها يعد بمئات مليارات الدولارات، وهى مبالغ ضخمة للغاية لو تم استخدامها فى تعزيز قوة العرب الذاتية لتمكنا من أن نخيف كل القوى الإقليمية والدولية المتربصة بنا، وأصبح لدينا اقتصاد قوى ومتنوع ومنيع، وتبادل تجارى يغنينا عن الخارج الذى يستفيد من موادنا الخام ونستثمر أموالنا فى صناعاته ومؤسساته وبنوكه، وظنًا منَّا أن الأجنبى هو الأكفأ، وهو من سيقف بجانبنا، أما الشقيق فسوف ينظر إلينا بحسد، ولا يتمتع بكفاءة الأجنبى، لكن النتائج التى رأيناها هى أن الكثير من المال العربى على السلاح الأجنبى والحليف الأجنبى جرى هدره دون أن نحقق الأمن المنشود، وتركنا الجامعة العربية لا تفعل شيئا سوى إصدار بيانات تأييد أو إدانة، ليس لأى منها قيمة عملية فى الأزمات المحتدمة، وكذلك تدهور حال التجمعات العربية الأخرى التى كانت أكثر تماسكا، لكنها سرعان ما أصابها العطب والتشظى، فلا مجلس التعاون الخليجى مضى فى مسيرته التى كانت تبشر بأقوى تجمع عربى وأكثرها تماسكا، ولا الاتحاد المغاربى استطاع تخطى الخلافات الداخلية التى جمدته بسرعة.

إلى نص المقال:

فى الوقت الذى نحتاج فيه بشدة إلى العمل العربى المشترك، لكى يتمكن من لملمة الصفوف، وإيقاف التناحر بين الأشقاء العرب، والإمساك بالملفات الخطيرة التى تهدد المنطقة، والتى يصعب على دولة واحدة أن تتولى تحقيق إنجاز مهم فيها، نجد الجامعة العربية تائهة فى تلك الخلافات! لا تعرف ماذا تفعل فيها، فعندنا الملف اليمنى النازف بشدة الذى بات قنبلة متفجرة تهدد منطقة الخليج وباب المندب، وتفتح ثغرة كبيرة فى الثوب العربى المليء بالثقوب، وهناك الملف الليبى بكل ما فيه من مخاطر لا تهدد فقط وحدة التراب الليبى وثروة شعبه، بل تهدد كل دول الجوار بإرهاب بات مكشوفا من يدعمه، وسط صمت بل تواطؤ دولى واضح. ولدينا الوضع الصعب فى كل من العراق وسوريا، وإن كان شبح الإرهاب قد تراجع فى كل منهما إلا أن كلا البلدين يمر بفترة نقاهة، يحتاج فيها إلى دعم وتدخل عربى قبل أن تستغلها القوى الإقليمية والدولية وتفرض واقعا جديدا.

كنت قد التقيت الأمين العام لجامعة الدول العربية الدبلوماسى المخضرم أحمد أبو الغيط، وبدلا من أن أشكو له بسبب التصدعات الكبيرة فى الصف العربى، وجدته يشكو لى من تفاقم الخلافات العربية التى تكاد تشل الجامعة وتهمش دورها أكثر فأكثر، وهو ما يفيد القوى الإقليمية التى تزحف بنفوذها فى المنطقة مثل تركيا وإيران، إلى جانب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، علاوة على الفائدة التى تحصدها إسرائيل بسهولة من تلك الشروخ، وتجعلها أكثر نهما وطمعا فى المزيد من الأراضى العربية سواء فى الضفة الغربية أو القدس أو الجولان السورى المحتل.

إننا أمام معضلة كبيرة، ومخاطر جسيمة، تحتاج إلى وقفة عربية، يتراجع معها أسباب هذا التردى والتداعى فى العلاقات العربية الذى لا تستفيد منه دولة عربية واحدة، بل يدفع جميعها الثمن، فالاستقطاب الإقليمى يزداد فى ظل هذه الحالة المتردية، ولا يمكن أن نوجه اللوم لبلد يبحث عن حليف أجنبى مادام لا يجد شقيقه العربى يقف إلى جانبه، بل هناك من يخيفون العرب من العرب، لتتسع الهوة وتزيد الأزمات وتتفرق السبل، ومن ثم يسهل احتواء أو ابتلاع هذا البلد ثم ذاك، والكل غارق فى همومه دون أن ينظر إلى الطريق الأسهل والأقل كلفة وهو التحالف والتعاون العربى. فما دفعته الدول العربية على أمنها وتسليحها وحروبها يعد بمئات مليارات الدولارات، وهى مبالغ ضخمة للغاية لو تم استخدامها فى تعزيز قوة العرب الذاتية لتمكنا من أن نخيف كل القوى الإقليمية والدولية المتربصة بنا، وأصبح لدينا اقتصاد قوى ومتنوع ومنيع، وتبادل تجارى يغنينا عن الخارج الذى يستفيد من موادنا الخام ونستثمر أموالنا فى صناعاته ومؤسساته وبنوكه، وظنًا منَّا أن الأجنبى هو الأكفأ، وهو من سيقف بجانبنا، أما الشقيق فسوف ينظر إلينا بحسد، ولا يتمتع بكفاءة الأجنبى، لكن النتائج التى رأيناها هى أن الكثير من المال العربى على السلاح الأجنبى والحليف الأجنبى جرى هدره دون أن نحقق الأمن المنشود، وتركنا الجامعة العربية لا تفعل شيئا سوى إصدار بيانات تأييد أو إدانة، ليس لأى منها قيمة عملية فى الأزمات المحتدمة، وكذلك تدهور حال التجمعات العربية الأخرى التى كانت أكثر تماسكا، لكنها سرعان ما أصابها العطب والتشظى، فلا مجلس التعاون الخليجى مضى فى مسيرته التى كانت تبشر بأقوى تجمع عربى وأكثرها تماسكا، ولا الاتحاد المغاربى استطاع تخطى الخلافات الداخلية التى جمدته بسرعة.

كان يمكن للجامعة العربية أن تفعل الكثير، وأن تكون الوسيط النزيه بين الدول العربية بدل أن تلعب هذا الدور أطراف أجنبية بين دولة عربية وأخرى شقيقة، أو حتى بين الدول العربية وأى من القوى الإقليمية، والتى سيكون التعامل معها ككتلة وكيان عربى أفضل بكثير من المفاوضات الثنائية أو الوسطاء من أصحاب المصالح فى الفرق والتشرذم، إن هناك دولا عظمى مع استمرار بل توسيع هذه الفرقة والخلاف، لتستمر فى الابتزاز والاستنزاف وإيجاد مساحة للاحتواء والمناورة وكسب الأرض لغير المصالح العربية. لقد سمعنا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بخطاباته الاستعلائية، الذى لم يفعل شيئا فى مواجهة إيران، وسمعنا مجرد إدانات وتهديدات كلامية، لكنها أبقت على التهديد الإيرانى كما هو، حتى بعد إسقاط إيران طائرة تجسس أمريكية، وهو ما شجعها على المزيد من العمليات فى ظل الوجود العسكرى الأمريكى الصامت أو المغمض العينين، وها هى تركيا تمد يدها للعبث فى ليبيا فى وضح النهار وبكل وقاحة، وهى لا تجد أى تنديد أممى لدورها الداعم للجماعات الإرهابية فى ليبيا، وهو ما تفعله فى سوريا، وتساند الجماعات المسلحة فى إدلب، ولا تتوقف عن التدخل فى شئون العراق، ويشاطرها التدخل كل من إيران والولايات المتحدة، والعرب صامتون أو منشغلون بمشكلاتهم، ولا يدرون أن كل المشكلات مترابطة، وأن ما يحدث فى العراق يجد صداه فى اليمن، وما يحدث فى إدلب يؤثر على العاصمة الليبية طرابلس، لكن العرب لم يتعلموا الدرس، وأدخلوا بينهم من يزيد من فرقتهم، وهو ما يوسع الأزمة ويزيد من عوامل الضعف.

إنه لا يوجد حل أفضل وأسهل وأرخص من تعاون وتحالف عربى مبنى على وعى وإرادة، يمكن العرب من أن يجدوا الحلول الذاتية للمشكلات العربية، وأن يرتقوا الثوب العربى ويعيدوا حياكته بخيوط قوية، ليتمكنوا من فرض كلمتهم ليس على تركيا وإيران وإسرائيل فقط بل على الولايات المتحدة وروسيا أيضا، ويستثمروا أموالهم فيما يقوى عزمهم، ويستغنوا عن الغطاء الأمريكى أو الروسى أو التركى أو الإيرانى، عندها لن تفكر أى من الدول فى النظر إلى العرب كغنيمة يسهل الفوز بها، بل ستجد تلك الدول العرب قوة إقليمية عظمى، بل قوة دولية بما يملكونه من طاقات وثروات.