الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حرب أكتوبر وتغيير طرق التفكير.. رئيس جامعة القاهرة يكتب بالأهرام

د. محمد الخشت - رئيس
د. محمد الخشت - رئيس جامعة القاهرة

نشر الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة ، بعنوان (حرب أكتوبر وتغيير طرق التفكير) تحليلا فلسفيا ودرسا عن "فن التحدي والاستجابة" في ضوء نظرية أرنولد توينبي فيلسوف التاريخ ، ونظرية كارل يونج Carl Jung في علم النفس السلوكي.

قال الدكتور الخشت في مقال له بجريدة الاهرام اليوم، ان حرب أكتوبر في حياة وطني وحياتي علامة بارزة. ولذا وجدت من الضروري إعادة قراءتها قراءة فلسفية جديدة في رباعية من المقالات تركز على سبعة دروس يجب أن نتوقف عندها.

وتابع: أول هذه الدروس في مقال اليوم هو درس "فن التحدي والاستجابة" في ضوء نظرية أرنولد توينبي فيلسوف التاريخ ، ونظرية كارل يونج Carl Jung في علم النفس السلوكي.

وجاء مقال الدكتور الخشت بالأهرام اليوم بعنوان (حرب أكتوبر وتغيير طرق التفكير) حيث كتب: تواجه مصر المعاصرة تحديات كبرى وتحمل على أكتافها ميراثا طويلا من الهموم التي تعيق نهضتها بعد عصور طويلة من التراجع، وتجد أمامها عقبات كبرى تحول دون انطلاقها، عقبات حملتها معها من الماضي، وعقبات ولدتها صراعات دولية فرضتها عليها القوى الاستعمارية، وعقبات نُسأل عنها نحن بطريقتنا في الحياة وطريقتنا في التفكير.

أضاف رئيس الجامعة: أتصور أن التحديات التي تواجه مصر تحديات كبرى، مثل: الفقر، والإرهاب، والجهل، والتخلف، والفساد، وروح السلبية واللامبالاة، البيروقراطية والروتين، والتدخلات الاقتصادية المفتعلة والاحتكارية والإغراقية، وثقافة الاستثناءات، والتآمر الذي تقوم به القوى الداعمة للإرهاب العالمي، وحروب الجيل الرابع، إلخ.

وتابع: تلك التحديات نحن قادرون على مواجهتها إذا استعدنا اللحظات الاستثنائية التاريخية التي واجهنا فيها تحديات كبرى وانتصرنا عليها، ومن أهم تلك اللحظات لحظة حرب أكتوبر التي سبقتها إرادة بصيرة، وسبقها تخطيط استراتيجي، اقترن بهما قدرة على التنفيذ على الأرض. ولا يقل عن ذلك إظهار حرب 6 أكتوبر لقدرتنا على تلافي كل عيوبنا التاريخية في التفكير.

وقال: من أكبر تلك العيوب أننا لا نعرف حدودنا ولا قدراتنا في حجمها الطبيعي. وهذا جزء من طرقنا القديمة في التفكير التي لابد من نسفها من أجل تطوير العقل ومواجهة تحديات الواقع، وهذه الآفة العقلية ضرتنا ضررا بالغا عبر التاريخ.

واضاف: أود هنا أن أتوقف على الفرق بين طريقتين في التفكير في حرب 67 وحرب 73، في الحرب الأولى كان هناك تفكير قائم على تضخم الذات وسوء تقدير الموقف وتجاوز الهدف لحدود القدرات وضعف المعلومات عن الخصم وطريقته في التفكير، وفي الحرب الثانية كان هناك تفكير قائم على العقلانية في معرفة الذات وحساب القدرات والتخطيط الاستراتيجي وتحديد الهدف في ضوء القدرات والمعلومات الدقيقة عن النفس وعن الخصم والمعرفة بطريقته في التفكير. وفي الحالتين كانت هناك إرادة، لكن الإرادة الأولى كانت مؤسسة على العاطفة الجوفاء والصوت العالي، والإرادة الثانية كانت مؤسسة على التخطيط العقلاني وحساب القدرات واستعداد وطن للتضحية إلى ما لا نهاية حتى يستعيد الأرض ويستعيد الكرامة من خلال التفكير العقلاني والمشقة.

وتابع: كان العقل يقتضي في ضوء قدراتنا الرد بهجمات نوعية وليس حربا شاملة. ثم كانت حرب 1973م بكل ما فيها من عقلانية في التخطيط وحساب القدرات الفعلية على الأرض والخداع الاستراتيجي. وما الفرق بين 67 و73 إلا فرق في طريقة التفكير والقدرة على ترجمته إلى واقع فعلي على الأرض. والتنفيذ مسار صعب وهو التحدي الحقيقي لإعادة بناء دولة قوية بالمعنى الحقيقي وخوض غمار التنمية الشاملة، كما تقول القيادة السياسية.

واختتم الدكتور الخشت مقاله قائلا: علاوة على ذلك لابد من التأكيد على أن من أهم دروس أكتوبر أن الاستجابة الإيجابية لا تنجح بدون ظهور وتكوين نخبة جديدة بفضل عقلية السادات الذي قضى على مراكز القوى؛ حيث لم تكن إعادة البناء ممكنة بدون الإطاحة بمراكز القوي. ونجح في اكتشاف نخبة جديدة من القادة العقلاء، استجابت لهم الأغلبية عن طريق المُحاكاة الآليَّة، وحدوث نوع من انقياد الوعي الجمعي لمُحاكاة الطليعة العاقلة ، لكن للأسف توقفت هذه المحاكاة لتتحول إلى عقلية ماضوية تعمل آليات تفكيرها على مُحاكاةِ أقلية ماضوية، ومن أسف كان السبب هذه المرة هو أيضا السادات نفسه! ".