الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلمة سر النصر .. حكاية البطل أحمد إدريس صاحب فكرة الشفرة النوبية سبب انتصار أكتوبر.. شاهد

صدى البلد

الانتصار في حرب أكتوبر المجيدة اعتمد على شفرة خاصة كانت سببًا فى تحقيق هذا النصر العظيم الذي لا يزال يسطر أبناؤه الذين شاركوا فيه سواء من استشهدوا أو الذين مازالوا يكملون رسالتهم في الحياة أفضل الدروس .

ويستكمل " صدى البلد " سلسلة الحديث عن البطل أحمد محمد أحمد إدريس صاحب فكرة الشفرة والتى كانت باللغة النوبية وعرفت بشفرة النصر

النوبية لغة نيلية صحراوية يتحدث بها أهل النوبة في جنوب مصر وشمال السودان ويتكلمها نحو مليون شخص تقريبا كما ذكرت الموسوعة العالمية للغات وكانت النوبية من مفاتيح نصر أكتوبر عام 1973 وصاحب فكرة الشفرة النوبية التي عرفت بشفرة النصر البطل أحمد إدريس

البطل أحمد محمد أحمد إدريس من مواليد عام 1938 في قرية توماس وعافية بمحافظة أسوان وفي عام 1952 حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية وفي عام 1954 تقدم للتطوع والعمل مع القوات المسلحة وتم توزيعه على سلاح حرس الحدود.

وتبدأ قصة شفرة النصر بأنه فى عام 1970 توفي الرئيس جمال عبد الناصر وتولى المسئولية الرئيس محمد أنور السادات ، وفى عام 1971 أصدر توجيهاته بشأن فك الشفرات.

وتم انتداب البطل أحمد إدريس للعمل مع أحمد محمد أحمد تحسين شنن رئيس الأركان وسمع الحديث الذي دار بينه وبين العقيد عادل سوكة عن فك الشفرات فتبسم وهنا سئل عن أسباب تبسمه ؟ قال : نحن نتحدث باللغة النوبية ولا يفهمها إلا من يعرفها ولذلك فالنوبية هى الحل لأنها تنطق ولا تكتب ولن يستطيع أحد فك الشفرة نظرا لعدم وجود أبجدية لها.

أمر قائد الكتيبة باستدعاء البطل أحمد إدريس وتحدث معه حول فكرته التي حازت على الإعجاب وتمت الموافقة عليها لاستخدامها شفرة بين قادة الجيش .

تم رفع الفكرة إلى الرئيس محمد أنور السادات فأعجب بها وطلب إرسال البطل أحمد إدريس لمقابلته وبالفعل وصل إلى مكتب الرئيس السادات وانتظر حتى ينتهى من اجتماعه مع اللواءات.

استقبل الرئيس السادات بعد لقاء اللواءات البطل أحمد إدريس ورحب به ثم جلس على مكتبه وقال له : أنت من قوات حرس حدود وإيه اللي وداك المدرعات ؟ قال البطل أحمد إدريس : أنا أخدم وطنى فى أى مكان وتحت أمر وطنى الحبيب .

الرئيس السادات سأل البطل أحمد إدريس عن اللهجة النوبية ؟ قال البطل : اللغة النوبية لغة متعددة اللهجات فمنها الفاديكية والماتوكية والكنزية ولا يوجد أى شخص يفهم هذه اللهجة إلا النوبيون فقط .

و قال البطل للرئيس السادات : لابد من الاستعانة بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيين 1964 لأنهم لا يجيدون النوبية فابتسم الرئيس السادات وقال : بالفعل فقد كنت قائد إشارة فى قوات حرس الحدود .

في نهاية اللقاء أعطى الرئيس السادات للبطل 100 جنيه ثم انصرف إلى وحدته وحصل على إجازة لمدة أسبوع وبعد عودته استدعاه مركز القيادة وعندما وصل للمركز وجد 344 من ضباط الصف من النوبيين منهم 172 من الفاديجا و172 من الكنوز وتم وضعهم فى معسكر مدنى مغلق فى منطقة القصاصين وكانت هذه المنطقة لتمركز قيادة الجيش .

تم تدريب الأبطال على استخدام جهاز صغير وكيفية إصلاحه بحيث إذا حدث به أي عطل فنى عند إرسال أو استقبال الإشارات يقومون بإصلاحه.

بدأت مهام الأبطال حيث عبروا القناة بقوارب مطاطية وبدأوا العمل خلف خطوط القوات الإسرائيلية .

كان تمركز الأبطال فى أبيار (صهاريج المياه) التى تتجمع فيها مياه السيول وذلك لمتابعة تحركات العدو من حيث أعدادهم ونقلها إلى القيادة واستخدموا جهازا لشحن اللاسلكي يدويا لعدم صدور أصوات.

وصل البطل أحمد إدريس ورفاقه الأبطال إلى معسكر للجيش الإسرائيلى ومكثوا الليلة الأولى ولم تكتشفهم القوات الإسرائيلية .

الأبطال رصدوا تحرك جنود إسرائيل فى المساء وترك أماكنهم الأصلية والتوغل إلى مسافة 5 كيلو متر إلى الخلف وتطويق المكان بالدبابات وتهيئتها كمنطقة دفاع.

الأبطال بدأوا في حصر عدد الدبابات والمركبات الإسرائيلية ونقل الأخبار للقيادة وأطلقوا على الدبابة ( أولوم ) ومعناها ( تمساح ) وعلى العربات المجنزرة ( اسلانجي ) ومعناها ( ثعبان ) وأشريا يعنى أضرب وساع أوي يعنى الساعة الثانية وزندناني يعنى الطائرة وأوسكو يعني تحرك .

البطل أحمد إدريس كان لا يستطيع الخروج مع رفاقه الأبطال أثناء النهار بل كان الخروج في الليل للحصول على معلومات العدو أو لإحضار موائد الطعام التي كان يعدها البدو من أهالى سيناء .

وكان البدو يقومون بطمس آثار أقدام الأبطال حتى لا تكشف القوات الإسرائيلية أمرهم فلولا البدو ما استطاع الأبطال استخدام الشفرة ولا التمركز على مدار سنتين داخل سيناء.

فى الساعة الثانية ظهر أحد الأيام سمع البطل أحمد إدريس ورفاقه الأبطال تحركات شديدة وأصوات دبابات فوق الأبيار التي كانوا يمكثون فيها واستمر هذا الصوت حتى الساعة الرابعة ظهرا وبعد أن هدأت الأمور تسلل الأبطال وقت المغرب لمعرفة ما يحدث فوجدوا أكثر من 200 تريلة وعلى كل واحدة دبابة جديدة إسرائيلية فى طريقهم من العريش إلى القطاع الأوسط وعلى الفور قام الأبطال بإبلاغ ذلك إلى القيادات ومن الأمور التي يجب الوقوف أمامها بتأمل أن أبطال مصر عندما كانوا يذهبون بجوار الجنود الإسرائيليين للحصول على معلومات كانوا لا يرون أبطال مصر .

وقام اللواء مدكور أبو العز قائد الطيران في ذلك الوقت بإرسال طائرات مصرية وضربت هذه التريلات فتحولت إلى كتل من اللهب.

يوم 8 أغسطس عام 1970 تم بناء اللبنة الأولى في حائط الصواريخ وعلى مسافة مقبولة من قناة السويس والبناء اكتمل أوائل عام 1973 م .

مساء يوم الخميس الموافق 4 أكتوبر عام 1973 الموافق 8 رمضان 1393 هجريا قامت مصر بسحب كل جنودها الذين يعملون خلف خطوط العدو ويوم 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هجريا بدأت المعارك لتحرير سيناء التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 وكانت اللهجة النوبية الشفرة في معارك أكتوبر وأحد أسرار النصر العظيم وقد أطلقت إسرائيل على هذه الشفرة ( لغة الشيطان ) واستمرت الشفرة حتى عام 1994 وكانت تستخدم في البيانات السرية بين القيادات واللواءات وعندما عرفتها إسرائيل تم تغيير الشفرة واحتفظ البطل أحمد إدريس بالسر لمدة 40 سنة ولم يفصح عنها إلا في عام 2013م.

في شهر أكتوبر عام 2017 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكريم البطل أحمد إدريس ومنحه وسام النجمة العسكرية .