الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قم للمعلم وفه التبجيلا .. نماذج مشرفة في المدارس المصرية .. صور

مدرس يساعد أحد ذوي
مدرس يساعد أحد ذوي الإحتياجات الخاصة

يعتبر المعلم منارة العلم التي تضيء الطريق أمام الطلاب بالعلم والمعرفة، ويسهل لهم الطريق لمعرفة الحق ويغرس فيهم القيم والمبادئ، التي ترفع عنهم الجهل.

ويستعرض صدى البلد بعض النماذج المشرفة للمعلم المصري الناجح، الذي قال في حقه الشاعر أحمد شوقي  قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا .

وأول هذه النماذج، هو سامي عبد العزيز، المدرس بمدرسة الصفوة للغات بالإسكندرية، حيث قام بطريقة مبتكرة أراد بها إيصال كل ما يتعلق بإنتصار أكتوبر المجيد إلى طلابه فقام بتنفيذ مجسم كامل عن الحرب بكل تفاصيلها ولحظة العبور ليغرس في نفوسهم حب الوطن من خلال هذا العمل البانورامي الضخم.

ولاقى ما صنعه المدرس ضجة كبرى على مواقع التواصل الإجتماعى، حتى قرر وزير التربية والتعليم تكريمه على ما قام به من عمل.

يقول سامي عبد العزيز، المدرس صاحب المجسم، إنه دائما ما كان يعتمد في شرحه للطلاب على الجانب العملي أكثر من الجانب النظري لما في ذلك من تأثير كبير في إيصال المعلومات إليهم ومن هذا المنطلق رأى تنفيذ مجسم كامل للعبور ونصر أكتوبر باستخدام مجسمات حقيقية.

وأضاف "عبد العزيز"، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن الأمر وجد تجاوب كبير من الطلاب والعاملين في المدرسة والذين ساعدوه في صنع المجسم، مشيرا إلى أنه رأي روح الوطنية والحماس الكبير في عيون الطلاب.

وأبدى "عبد العزيز" سعادته من الصدى الواسع الذي لاقاه صنع المجسم وكذلك تكريم وزير التربية والتعليم لها.

وثاني هذه النماذج، هو "حمادة إبراهيم"، مدرس اللغة العربية في محافظة الشرقية، من خلال قيامه بإعطاء الدروس الخصوصية للطلاب غير القادرين بالمجان.

وأشار حمادة، أن بعض الطلاب قالوا لي إن مستواهم المادي ضعيف بسبب عجز والدهم عن العمل، فيطلبون تخفيضًا على الدرس، فأوافق في إعطاء الدروس لهم بالمجان من غير تخفيض".

ويعمل "حمادة" في مهنة التدريس منذ 5 سنوات، ويقدم الدروس الخصوصية التي يستعين بها على حوائجه في مكان ما يقوم بتأجيره شهريًا لإعطاء الدروس الخصوصية لطلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية "متوسط الشهر لدى الطالب 60 جنيهًا، لكن اللي مش معاه بيأخد درس مثل الطلبة المقتدرين".

ويقول "حمادة"، الشاب الثلاثيني، "بعرض على الناس اللي اعرفهم شفويا، لو حد ظروفه المادية صعبة قولوا لي وانا هدرس له مجانا"، ويقوم "حمادة" بجمع الطلاب المقتدرين وغير المقتدرين في مجموعة واحدة دون تفرقة، قائلًا "كل زي بعضه حتى لايشعر الطالب غير القادر بتمييز فيتأثر نفسيا".

من أجل ذلك، تعاقد "حمادة" مع إحدى الجمعيات الخيرية الشهيرة لتقديم الدروس الخصوصية للطلاب؛ مقابل أجر مادي بسيط، وهو جانب آخر من جوانب التضامن الاجتماعي التي يقدمها "حمادة" إلى الطلبة الذين يذهبون للجمعية، يدفعون ثمن الدرس بسعر مخفض، وفي نهاية الشهر تحاسبني الجمعية الخيرية على حسب أعداد الطلاب الذين حصلوا على الدروس".

"حمادة" متزوج ويعول ولدًا وبنتًا، ويقول إن تقديم دروس خصوصية بالمجان لغير القادرين لم يؤثر على دخله الشهري "ربنا بيعوض دايما بمجموعات أخرى من الطلاب، فوجود 3 أو 4 طلاب غير قادرين وسط مجموعة بها عشرين طالب مش هيأثر في أي حاجة".

يأتي ذلك، فيما يعاني حماده من أزمة العقود المؤقتة مع وزارة التربية والتعليم، فبعد أن تعاقد مع الوزارة على التدريس، استغنت عنه وزارة التربية والتعليم بعد عامين من التعاقد فيما عرف إعلاميا باسم "المعلمين المؤقتين".

وطالب حمادة وزارة التربية والتعليم بتثبيته رفقة الـ 36 ألف معلم المتعاقدين قائلا " الوزارة فيها عجز معلمين لماذا لا تثبتنا الوزارة وتسد العجز بنا".

وثالث هذه النماذج، ظهر من خلال موقف بسيط لمعلم يطبق أصول مهنته، التربية أولا ثم التعليم، غرس هذا المعلم في عشرات التلاميذ القيم والمبادئ من خلال التطبيق العملي أمامهم لموقف إنساني، وظهر ذلك خلال مقطع فيديو له لا يتعدى 25 ثانية كان يساعد فيه طالب من أصحاب الهمم على كرسي متحرك ليلعب مع أصدقائه وهتف في نهاية السباق باسمه وقال للطلاب "سقفوا لمحمد"، فرغ من لعبة السباق ليبتكر لعبة قفز الكرة يكون بطلها هو محمد على كرسيه المتحرك.

29 عاما قضاها ياسر ياسين مدرس التربية الرياضية في مدارس سوهاج، حتى استقر مؤخرا في مدرسة البطل علي عثمان الابتدائية بمدينة سوهاج (التحرير سابقا)، عام دراسي تلو الآخر يدرس فيه ياسين القيم والمبادئ للطلاب من خلال مواقفه الإنسانية، والتي كان آخرها دفعه لطالب من أصحاب الهمم جالسا على كرسي متحرك ليلعب مع أصدقائه.

يروي مدرس التربية الرياضية في العقد الرابع من عمره لـ "صدى البلد" تفاصيل هذا اليوم، فحين بدء موعد حصة الألعاب للأطفال بالصف الثالث الابتدائي، يوم الأربعاء الماضي، هرعوا بالنزول إلى أرض الملعب، ما عدا صديقهم محمد صاحب التسع سنوات الذي يجلس على كرسي متحرك، اجتمع البعض منهم حوله وقرروا حمله على أكتافهم الصغيرة، جمعوا أيديهم معا وحملوه طابقين وكان يسبقهم مجموعة حملوا الكرسي المتحرك واستقبلوه به.

تركهم ياسين يحملوه لتعزيز مبدأ المشاركة، وغياب الاختلاف "أنا كنت أقدر أشيله لوحدي.. بس لما تيجي منهم كأنه أخوهم وهو ميتحرجش" كما قال ياسين لـ«صدى البلد»، اجتمعوا في أرض الملعب استعدادا لقضاء الحصة الأكثر متعة "حصة الألعاب"، يجرون في حلقات دائرية، ويقفزون لأعلى، يتسلقون الأشجار، ويلعبون بالكرة، صوت ضحكاتهم يعلو بينما يجلس محمد على كرسيه المتحرك في ركن بعيد ويشاهدهم صامتا.

مل محمد من مشاهدتهم، كان كالصائم الذي يجلس أمام نهر مياه ولا يستطيع الشرب، احتضن نفسه بيديه الصغيرتين وأبعد نظره عنهم ونظر للأرض، حدث هذا الموقف في دقائق لا تتجاوز أصابع اليدين، ولكن لاحظها مدرس التربية الرياضية الذي لم يشعره بوجود أي اختلاف، اقترب منه في هدوء وطلب من الأطفال لعب سباق جري، ووقف هو خلف محمد وقال له: "يالا استعد !".

أصيب محمد بالذهول، وفي ثوان تفاجأ بأنه قد اشترك معهم في اللعبة فقد كان معلمه هو ساقيه الذي فقدهما بسبب إصابته بمرض ضمور في العضلات، ويقول ياسين: "محمد كان زعلان إنه مش بيشارك زمايله، وأي لعبة هتبقى صعبة عليه فقولت أجري بيه وأفرحه معاهم، وهو فرح فعلا ولعبنا كذا لعبة كلنا".

هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها ياسين على مساعدة طالب مريض أو من أصحاب الهمم، ففي المدرسة غرفة مخصصة لطلبة الدمج، وكذلك يحرص على مشاركتهم في أي نشاط يقوم به، وكذلك باقي المعلمين والمعلمات بالمدرسة والذين يبرزوا مواهبهم كالإلقاء والرسم والغناء وغيرها من النشاطات التي لا تتطلب حركة: "الدمج مطبق من كذا سنة وكنت في مدارس تانية وبعمل كده وأكتر معاهم، لكن المشكلة كلها في نقص الإمكانيات لكن بنحاول على قد ما نقدر نساعدهم بالمتاح" كما قال ياسين.

وتعد هذه المرة الوحيدة التي تم توثيقها، فعندما شاهد إسلام جلال الأخصائي الاجتماعي هذا المشهد قرر تصويره وهو يلعب معهم وتوثيقه، ونشره على المجموعة الخاصة بالمدرسة على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك.

لاقى مقطع الفيديو الذي لا يتجاوز عدة ثوان بعد نشره تفاعل ضخم، حيث أعاد نشره الآلاف من رواد مواقع التواصل الإجتماعي الذين وجدوه فيه إنسانية ورحمة تكاد تنسيهم الحوادث المأساوية التي تعرض ها بعض الأطفال المصريين خلال الأياض الماضية، ككقضية الطفلة جنة، وسما، "أنا أب قبل ما أكون مدرس.. واللي بتعامل معاهم ولادي سواء ولاد أو بنات، أقل حاجة نقدر نعلمها إننا نفرحهم ونساعدهم وخصوصا الطلبة المختلفين شوية لازم الواحد يقف جمبهم" كما قال ياسين.

تفاجا مدرس التربية الرياضية بعد مشاهدة التعليقات وإشادة الجميع به، خاصة أنه نادرا ما يستخدم هذه المواقع ولكن ابنائه قد شاهدوها وأخبروه بها بفخر.

وبعد انتشار هذا الفيديو حرصت والدة محمد على التواصل مع ياسين وشكره عن مساعدة ابنها، وكذلك الإدارة التعليمية التي كرمته بعد تداول الفيديو مباشرة، وتم تكريمه أيضا من مدير المدرسة، "دي مش أول مرة نشرك أطفال الدمج في الأنشطة بس حظ محمد اللي اتصور"، ويوجد بالمدرس طالب آخر من أصحاب الهمم.