الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق تسبب الفنانة عقيلة راتب فى اندلاع حرب الخليج بين الإنجليز والمصريين.. وعلاقة فيلم المنحوس بفقد بصرها.. ودورها فى شهرة أنور وجدى ومحمد فوزى

الفنانة عقيلة راتب
الفنانة عقيلة راتب


فى محافظة الجيزة وتحديدًا في 76 شارع الجمهورية - الازبكية- القاهرة، عاشت الفنانة عقيلة راتب، التى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزلها، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 22/03/1916 ، وتاريخ الوفاة: 22/02/1999.

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث.

ولدت الفنانة عقيلة راتب واسمها الحقيقى كاملة محمد شاكر في 22 مارس 1916 بالقاهرة ، وهى ابنة الدبلوماسى محمد كامل بك رئيس قلم الترجمة بوزارة الخارجية فى ذلك التوقيت ، تخرجت من مدرسة التوفيق القبطية، اشتهرت في بدايتها بصوتها الجميل والذي قدمته من خلال فرقتي علي الكسار وعزيز عيد الغنائيتين المسرحيتين في القاهرة.

تسببت عقيلة راتب فى طفولتها فى اندلاع حرب الخليج بين المصريين والإنجليز، وذلك بعد أن وقفت وهى طفلة عمرها لا يتجاوز عمرها 6 سنوات ترتجف خوفا وتحتضن عروستها الصغيرة بينما ترى العساكر الإنجليز يعيثون فسادًا فى المنزل ويبحثون فى أوراق والدها الدبلوماسى المصري الكبير "محمد كامل بك" رئيس قلم الترجمة بوزارة الخارجية والمصرى الوحيد الذى تولى هذا المنصب خلال فترة الاحتلال الإنجليزى لتفوقه فى الترجمة وإتقانه للعديد من اللغات.

لم تدرك الطفلة وقتها أن والدها قام بعمل وطنى كبير خلال ثورة 1919 وما بعدها، حيث قام بترجمة المنشورات التى توزع ضد الإنجليز للغتين الفرنسية والإنجليزية، وفى عام 1922 اكتشف الإنجليز ما قام به "محمد كامل بك"، فذهبوا لتفتيش منزله واعتقاله.

كان العساكر الإنجليز يجمعون ما يجدونه أمامهم من أشياء ثمينة، وفجأة انتفضت الطفلة وهى ترى أحد العساكر يقترب من صندوق اللعب الخاص بها ويأخذه خارج المنزل، صرخت الطفلة وتشبثت بملابس العسكرى فى محاولة لإعادة الصندوق، وبكل قسوة وقوة ضرب العسكرى الإنجليزى الطفلة على رأسها ففقدت الوعى.

كان أهالى المنطقة اجتمعوا حول منزل "محمد كامل بك" وهو يرون الدورية الانجليزية تقتحمه، واستفزهم مشهد الاعتداء على الطفلة، فاندفعوا نحو الجنود الإنجليز، وشبت معركة بين الطرفين سقط على أثرها خمسة قتلى من الأهالى وعدد من الجرحى، وتم اعتقال محمد كامل بك.

وبعد هذه المعركة ثارت موجة غضب كبيرة فى المنطقة وقامت مظاهرات اضطرت الإنجليز للإفراج عن الدبلوماسى والد الطفلة كاملة، وصدرت صحف اليوم التالى تحمل عنوان «حادثة الخليج المصرى» نسبة إلى الشارع الذى يسكن فيه محمد كامل بك الذى أصبح اسمه شارع بورسعيد حاليًا.

بدأت حياتها الفنية في الثلاثينيات عملت ممثلة في المسرح في فرقة على الكسار هي وزوجها المطرب حامد مرسى اختارت لنفسها اسم عقيله راتب بعد أن رفض الأب عملها في السينما حيث أن راتب هو أخيها، وعقيلة هو اسم أقرب صديقاتها .

حين شاهد زكى عكاشة صاحب فرقة عكاشة المسرحية عقيلة راتب، عرض عليها التمثيل فى الفرقة وعندما أخبرت والدها الدبلوماسى الكبير ثار وغضب وضربها ولم يكن عمرها تجاوز 14 عاما، تمسكت الطفلة بحلمها وانتقلت إلى بيت عمتها بعد غضب الأب عليها، وكانت العمة متفتحة وتحب الفن وبعد إلحاح زكى عكاشة ورغبة كاملة فى التمثيل وافقت عمتها ومثلت الفتاة مع الفرقة بعدما غيرت اسمها حتى لا تثير غضب والدها أكثر، واختارت اسم عقيلة وهو اسم أقرب صديقاتها، وراتب اسم شقيقها الوحيد الذى توفى طفلًا، فيما أصيب والدها بالشلل، ولم تستطع زيارته ولم تفرح بالنجاح الساحق الذى حققته فى أول أعمالها مع فرقة عكاشة «أوبريت هدى» بسبب غضب والدها ومرضه، وفقا لتصريحات صحفية سابقة لإبنتها.

حققت عقيلة راتب نجاحات كبيرة مع فرقة عكاشة وأصبحت حديث الناس والصحف والوسط الفنى، حتى لفت نجاحها انتباه إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وذهب مع عدد من الوزراء لمشاهدة الأوبريت وهنأوها بهذا النجاح فكتبت الصحف أن مجلس الوزراء انعقد من أجل عيون عقيلة راتب.

انتقلت عقيلة راتب بعدها إلى فرقة على الكسار التى كانت تعانى من أزمة وكساد فأصبحت الفتاة التى لم تتخط السادسة عشرة من عمرها طوق النجاة للفرقة، حتى ان على الكسار كان يعاملها معاملة ابنته ويخشى عليها من بطل الفرقة المطرب حامد مرسى الذى كان دنجوان عصره وله العديد من المغامرات العاطفية، إلا انه وقع فى غرام عقيلة راتب بطلة الفرقة، ولم يصرح لها بحبه، حتى عرف أن أحد كبار رجال السرايا الذى كان يحرص على مشاهدة العرض يوميا وقع فى غرامها وتقدم ليطلب يدها من على الكسار وقدم لها صندوق مجوهرات، ووعد بأنها إذا وافقت على الزواج سيحضر الملك والملكة حفل الزفاف، وحين سمع المطرب الدنجوان الكسار يتحدث مع عقيلة راتب عن هذا العريس صرخ فيه قائلا: «أنا بحبها وعاوز أتجوزها»، وهنا وحسمت عقيلة راتب الموقف لصالح الزواج من حامد مرسى وأخبرت على الكسار برفضها طلب الباشا وموافقتها على الزواج من حامد مرسى، رغم تحذيرات الكسار من غضب الباشا ومغامرات المطرب العاشق، وبالفعل تم الزواج بين النجمة التى كان عمرها وقتها 16 عاما، وأطلق عليها وقتها لقب السندريلا، وبين بلبل مصر عام 1932. وتوعد الباشا فرقة الكسار وحاول وقف الإعانة التى تقدمها الدولة للفرقة انتقاما لرفض بطلتها الزواج منه.

وبعد سنوات من محاولة عقيلة راتب استرضاء والدها، طلبها الأب خلال فترة مرضه وكانت تزوجت من حامد مرسى وفرحت الابنة وتم الصلح بينها وبين والدها الذى استقبلها فاتحا ذراعيه، وبارك زواجها وأوصاها بأن تحافظ على اسمها واسمه، وبالفعل استمر الزواج بين عقيلة راتب وحامد مرسى لمدة 26 عاما، وكانت هذه أطول زيجة فى حياته من بين زيجاته العشرة، والزيجة الوحيدة فى حياة النجمة، ولم تتزوج بعد طلاقها منه رغم أنها كانت فى قمة جمالها وشهرتها وقت الطلاق.

وفى حوار صحفى سابق لإبنة الفنانة عقيلة راتب أكدت أن والدتها كانت من أوائل الفنانات اللاتى عملن فى أستوديو مصر وكانت بطلة جيلها واكتشفت عددًا من عمالقة الفن ومنهم عماد حمدى ومحمد فوزى وأنور وجدى وغيرهم ، كما كانت من أوائل الفنانات اللاتى عملن فى التليفزيون قبل افتتاح مبنى ماسبيرو حيث صورت مسلسلها الشهير "عادات وتقاليد" الذى تجاوز عدد حلقاته 300 حلقة قبل اكتمال بناء المبنى وكانت تصعد للتصوير على سقالات وعرفها الناس خلال هذه الفترة باسم حفيظة هانم وهى الشخصية التى جسدتها فى المسلسل.

في أواخر حياتها الفنية فقدت الفنانة عقيلة راتب ، وذلك في أثناء تصوير فيلمها الأخير "المنحوس" عام 1987 إلا أنها أصرت على استكمال التصوير حتى لا يتعطل الفيلم بعد ان طلبت من المخرج ان يشرح لها عدد خطواتها بعد ان فقدت بصرها أثناء التصوير، وهو الأمر الذى تعجب منه طاقم العمل الذى شارك فى الفيلم.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.