الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طلعت القاضي يكتب: الرياضة المصرية وخداع النصر

صدى البلد

ساهمت كرة القدم والرياضة المصرية بشكل كبير في انتصار اكتوبر 73، فبعد حرب النكسة توقف النشاط الرياضي بشكل كامل وألغيت مسابقة الدوري وهاجر بعض اللاعبين واعتزل البعض ودخل آخرون أجواء الحرب المصرية والجيش، وأصيب الشارع الرياضي بالخمول التام متأثرًا بما تعانيه الدولة المصرية.

وخلال هذه الفترة تم إسناد تنظيم بطولة امم افريقيا 74 لمصر، فكان لا بد من سبيل ومخرج للرياضة المصرية من تلك الأزمة واتخاذ قرار مناسب يضع مصر موضع الدولة القوية التي تستطيع النهوض والخروج من ازمة الحرب.

وقتها قرر المسئولون عن إدارة الملف الرياضي إقامة دوري يجمع منتخبات من مناطق مصرية متفرقة، ووضع الزمالك والأهلي في مناطق غرب وشرق القاهرة كلٌ في منتخب واختير من الجنوب منتخب، وآخر من الإسكندرية ومدن القناة، وذلك لتسهيل اختيار لاعبي المنتخب المصري المشارك في تلك البطولة المسندة لمصر وقتها،
على أن يكون دوري بدون نقاط بعيدًا عن التعصب والشد داخل الملاعب وبين الجمهور وتوحيد الهدف، وهو اختيار منتخب وطني يشارك وسط أرضه وجمهوره، متحديًا تلك الظروف والأجواء.

وقد تزامن مع هذا القرار مفارقتان هما الأجمل في تاريخ مصر بين النصر والاحتفال الرياضي معًا.
المفارقة الأولى: عند بدء مسابقة الدوري المصري تم تحديد يوم السادس من اكتوبر 72 موعد انطلاق أول مباريات البطولة، اليوم الذي بات عيدًا فيما بعد، وهو نفس يوم نصر اكتوبر 73، أي بعد عام من عودة النشاط الرياضي.

المفارقة الثانية: والأجمل والتي بها شيء من الخداع الرياضي ممزوجًا بالاستراتيجية العسكرية والوطنية، وتحديدًا يوم السادس من أكتوبر 73 أقيمت مباراة في الدوري المصري بين غزل المحلة وفريق الطيران على ملعب المحلة وبحضور جماهيري للفريقين.

وفي نفس توقيت وساعة الحرب، تحديدًا الساعة الثانية والنصف عصرًا بدأت المباراة، وهنا فوجئ لاعبو المحلة بهتاف جمهور المحلة لفريق الطيران بصورة غريبة واصوات تتعالى وهيجان غير مبرر ، الأمر الذي بات غريبًا وغير منطقي عند لاعبي المحلة الذين أصيبوا جميعًا بالدهشة.

وعند نهاية الشوط الأول دخل اللاعبون للاستراحة وعندها فوجئ جميع لاعبي الفريقين بأن الطيران المصري عبر القناة واستطاعت الضربة الجوية قولَ كلمتها، و هنا هلل جميع اللاعبين وتعالت الأصوات (الله اكبر) وهتف أيضًا لاعبو المحلة للطيران المصري، وشاركوا جمهورهم والشعب المصري فرحة بداية العبور.

ونزل لاعبو الفريقين لاستكمال المباراة في مشهد رائع، واستكملت المباراة وسط لعب تعاوني بين الفريقين، واتسم اللقاء بالودية، وانتهى اللقاء بدون أهداف.

وهنا ظهر أمام الجميع أن الخداع الاستراتيجي في 73 لم يكن عسكريًا فقط، بل كان هذه المرة بأقدام اللاعبين.
إنها كرة القدم والتي كتبت واختارت ورسمت في أعظم مشهد وأجمل لحظات في تاريخنا العظيم.