الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.جوزيف رامز أمين يكتب: ملاحظات حول قضية مياه النيل

صدى البلد

فى إطار الندوة الموقرة والحاشدة والتي شرفت بحضور افتتاحها حيث عقدها رجل الأعمال المصرى محمد أبو العينين تحت راية المجلس المصرى-الأوروبي،بعنوان"أزمة سد النهضة:مصر وإثيوبيا والمجتمع الدولي"،وحضرها حشد هام من السفراء المصريين والأجانب"معظمهم أوروبيين يدعمون وجهة النظر المصرية" بجانب لفيف من العلماء والخبراء والمفكرين وقادة الرأى وأعضاء البرلمان ورجال وسيدات الأعمال ولفيف من الاعلاميين والصحفيين وبالأخص من "صدي البلد"..والأهرام...وغيرهما..

ولاشك أن الجلسة بالقطع مفيدة ومثمرة،وتدخل فى إطار الحوار المجتمعي الهام بخصوص هذه القضية الحيوية..واسمحوا لي من خلال رأيى المتواضع وعملي كمستشار اعلامي سابق باثيوبيا لمدة تقارب ٦ سنوات..بجانب دراستي لمنطقة حوض نهر النيل..واثيوبيا بالتحديد وعملى المرتبط بها علي مدار سنوات فى المجال الاعلامي:اسمحوا لي أن أدون الملاحظات التالية,والتى قد تنصرف لأى نشاط مجتمعى مقبل بهذا الخصوص:

أولا:الملاحظة الأولى:

إن وجهة النظر الرئيسية فى موضوع قضية مياه النيل ووجود سد النهضة بشكل فعلي..لا تستدعي عرض المزيد من الارهاصات الفكرية أو الجدال من خلال عرض الرأى والرأي الآخر.. فهذا الموضوع قتل بحثا فى مختلف المعاهد العلمية والكليات المتخصصة وفي كافة المجالات..وفي ضوء أن الموضوع متداول مع الجانب الاثيوبي منذ عام ٢٠١١ واجتاز مفاوضات شعبية ودبلوماسية ورسمية ورئاسية وفنية متنوعة دامت قرابة ٨ سنوات..من ثم فقد دخل فى كونه أصبح يندرج فى إطار الأمن القومي المصرى..ومسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر..لارتباطه بمياه النيل "المصدر الرئيسى للزراعة والرى والشرب والملاحة وكافة الاستخدامالت فى بلادنا" ولقد أصبح الأمر فى كنف الرئاسة المصرية خاصة بعد ما طلب الرئيس السيسى الوساطة الدولية خلال خطابه فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة "الدورة ٧٤"وبدأت بالفعل ظواهر وساطة أمريكية نرجو لها النجاح.

لذا فإن المطلوب من الخبراء وقادة الرأي ونخب المجتمع مثلا أن يناقشوا لاحقا مسألة تقديم الحلول علي نمط توسيع الاعتماد علي المياه الجوفية أو زيادة تحلية مياه البحر أو مضاعفة تدوير استخدام المياه خاصة فى الزراعة والرى"على نمط الرى بالتنقيط وغيرها من الوسائل"وكذا فى الصناعة وغيرها...بجانب التوعية لتقليل فواقد المياه سواء فى: الرى أو الشرب أو الاستخدمات المتنوعة فى الحياة.

ثانيا: الملاحظة الثانية :

أنه بحكم كوني شاهدا مباشرا ومحتكا بالأمور فى اثيوبيا ليس فقط من خلال الدراسة..ولكن أيضا بالحياة هناك قرابة ٦ سنوات:من سبتمبر ٢٠٠٣-سبتمبر ٢٠٠٧..ومن أكتوبر ٢٠١٤-أغسطس ٢٠١٦..فقد عاصرت من خلال عملى"كمستشار اعلامى لبلادى" العديد من الأحداث ومنها بالطبع أنشطة الرئيس السيسى ولقاءاته المستمرة مع القيادات الإثيوبية خاصة منذ توليه عام ٢٠١٤،ولقد نفت تلك اللقاءات الذريعة التي كان يبديها الإثيوبيين أنهم لا يجالسون القيادات المصرية منذ حادثة أديس أبابا ١٩٩٥..وكان الحديث وقتها عن سيكولوجية التعامل مع الجانب الاثيوبي،وحيث أحسن الرئيس السيسي كثيرا فى هذا المجال..ولقد وقع إتفاق اعلان المبادىء فى مارس ٢٠١٥ بالخرطوم مع السودان وإثيوبيا.. واعترف بحق الاخيرة فى التنمية ولقد كرر ذلك فى خطابه أمام البرلمان الإثيوبى فى ذات الشهر.. والذى طالب أمامه بحق مصر فى المياه وفى الحياة..ولقد أعقب ذلك المفاوضات الفنية بين الدول الثلاث للاتفاق على كيفية تشغيل سد النهضة ونظام الملأ.. ولقد مضت قرابة أربع سنوات ونصف منذ ذلك التاريخ بدون أى تقدم يحرز فى هذا المجال أو تحدث انفراجة أو مرونة فى الموقف الاثيوبى...ونتمنى أن يخيب ظننا وتكون تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبى الأخيرة بشأن سد النهضة تعيد التفاؤل.

ثالثا: الملاحظة الثالثة:

وهي بشأن العلاقات الكنسية بين البلدين وهل يمكن أن تؤثر على قضية مياه النيل؟

والإجابة باختصار شديد أن العلاقات حاليا متوترة والكنيسة فى اثيوبيا لم يعد لها الدور الذى كان فى الماضى،خاصة في ضوء علمانية الدولة منذ عام ١٩٩٥..ورغم وجود ممثلين لكل من الكنيستين:الإثيوبية والقبطية لدى الأخرى...الا أن الموقف الحالي لا يتناسب مع علاقات ترجع ـلـ١٦٠٠ عام..ورغم التحسن الذى حدث فى السنوات الأخيرة لكن التوتر الحادث بشأن دير السلطان مثلا..يمثل الخلاف الحادث بين الكنيستين بشكل واضح.

ويتبقى التساؤل الأخير.. وهو ما الحل؟

وفى رأيى رغم إننى اعلامي ومراقب وليس فنى أو سياسي.. أرى أن ماترتضيه الدولة والقيادة والمجتمع هو الصواب ،وأنا مطمئن أن القضية فى أيد أمينة،وأنها تستوفى بالتأكيد كل السبل وهى بالطبع سلمية فى إطار الحوار مع الأشقاء والجيران..مع توخى الحذر من أى شائعة مهما كان مصدرها..فأنا لا أثق فى هذه الشائعات..و التى تبلبل الفكر و تربك الرأي العام..ولكني أعتقد بشكل مؤكد أن كل أجهزة ومؤسسات الدولة:سواء الرى والخارجية والأمن القومي والإعلام والخبراء فى كل صوب وحد هم مشاركون فى إبداء الرأى والمشورة للقيادة السياسية الحكيمة والواعية بهذا الخصوص.

وتبقى فى النهاية تلك الملاحظات التى لازمتنى فى فكرى وأصبح لزاما على أن أعرضها ,مع احترامى لكل فكر ورأى وتقديرى الشديد لمثل هذه الندوة "رفيعة المستوى"والقائمين عليها والمشاركين فيها.