الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قراءة في عقول ملغومة (1-5)


فى صيف عام 2011 وبعد تباين الخريطة السياسية لمصر عقب احداث 25 يناير ، كان معظم الشباب المصرى فى حالة استقطاب كبيرة ، فلم يعمل معظمهم فى الحياة السياسية قبل احداث يناير بسبب ضعف الحياة الحزبية واستقرار الحكم بشخص الرئيس الاسبق حسنى مبارك وذراعه السياسية الحزب الوطنى .

ومع تزايد حالة الاستقطاب السياسى بعد أحداث يناير ، مع تعدد رؤى الكتل السياسية التى ظهرت على الساحة، بدأ عدد كبير من الشباب المصرى يبحث عن فكر حزبى يتبنى طموحه السياسى ، خاصة وأن كل شىء أصبح متاحا للوصول الى أعلى المناصب السياسية فى ظل عدم وجود حزب سياسى قوى يقود الحياة السياسية لمصر فى هذه المرحلة .

لكن على الجانب الآخر كانت جماعة الاخوان المسلمين تفكر من منظور اخر ، فقد أصبحت الساحة متاحة امامها لاستقطاب عدد اكبر من الشباب المتعاطفين مع الحكم الاسلامى ، خاصة انها اصبحت محركا رئيسيا على الساحة السياسية باعتبارها التنظيم القوى فى مرحلة مابعد 25 يناير ، وان الرهان على هذا التنظيم لن يكون خاسرا لدى الشباب .

كل هذه الامور دفعت جماعة الاخوان الى التحرك فى كل ربوع مصر عبر أذرعها لاستقطاب الشباب خاصة فى الارياف من خلال عقد مؤتمرات لتكريم اوائل الطلبة ، وجمع الاموال لتشجير الطرق فى القرى وإنارتها ، وتوزيع البطاطين والمساعدات المالية الشهرية للاسر .. واشراك أبنائها من الاطباء فى القوافل الطبية للمرضى ..وتنظيم المسابقات الرياضية والدينية ، واستقطاب مشاهير ودعاه لزيارة القرى والاشادة بجماعة الاخوان وبصمودها خلال السنوات الماضية .

ونجحت الجماعة في استقطاب عدد كبير من الشباب فى الاشهر الاولى لاحداث يناير ، لكن هذا النجاح كان من منظور سياسى فقط ، فقد كان هدف الاستقطاب هو السيطرة على الشباب لتحقيق فكر الجماعة بالسيطرة على حكم مصر سياسيا ، حيث اختفى الذراع الدعوى للجماعة، بل انه اصبح مشاركا أساسيا فى العمل السياسى خلال مرحلة مابعد 25 يناير ..وتحولت جماعة الاخوان من جماعة دعوية الى حزب سياسى .

لم تدرك جماعة الاخوان الارهابية ان السياسة ليست فكرا ، تضخه فى عقول الشباب المستقطب بعد 25 يناير فيسبحون بحمدهم ، بل ان الامور خرجت عن السيطرة ، وبدأت قيادات الجماعه ومع ارتفاع حالة السخط الشعبى بعد تولى المعزول محمد مرسى حكم مصر ، تطالب بإعادة الفكر التنظيمى والدعوى الى الواجهة مرة اخرى ، بعد تلقيها تقارير من "الشُعب" التى تعمل تحت لواء مجلس الشورى الجماعة الا ان كثيرا من الشباب الذين تم استقطابهم بعد احداث 25 يناير بدأوا ينتقدون فكر الجماعة ورؤيتها السياسية ،وان معظمهم الان اصبح معارضا بشكل قوى لجماعة الاخوان ، وكان الامر الخطير هو تحذير "شعب" الاخوان من ان هؤلاء الشباب قد يتم استغلالهم سياسيا ضد الجماعة ، تحت مسمى "منشقون على جماعة الاخوان " وهو امر لن تقبله الجماعه ،وقد يهدد وجودها فى الحياة .

أصبحت جماعة الاخوان فى مأزق كبير مع الشباب المستقطب بعد احداث 25 يناير، فليس هناك قلق من شباب الجماعه الذين انضموا اليها قبل احداث يناير ، لانه تم ترسيخ فكر الاخوان فى عقولهم القائم على الانصياع لأوامر المرشد دون اعتراض، بل ان القلق بدأ فى تزايد كبير، بعد تعرض الجماعة لهزات سياسية قوية ، وكان الفكر القائم وقتها من داخل "الجماعة "، هو محاولة استقطاب اخرى لشباب 25 يناير ، على ان يكون الاستقطاب عبر قادة سياسيين مقربين للجماعة لكن ليسوا أعضاء بها ، من خلال قيام هؤلاء السياسيين بانتقاد فكر الجماعة السياسى فى وسائل الاعلام بشكل يحمل دعوة للمراجعة والتوعية مع ضرورة استبدال أبناء الجماعة فى المناصب السياسية بالمنضمين الجدد بعد ضمان ولائهم للجماعة.

على جانب آخر كان شباب الجماعة الارهابية الذين انضموا للاخوان قبل أحداث يناير، ينتقدون بشدة، اعتماد الجماعة على سياسيين من خارج فكر الاخوان، وكانوا يستندون الى ان هؤلاء السياسيين ليسوا محل ثقة، وأنهم قد يتخلون عن الاخوان مع اقرب هزة سياسية .. بل وطالبوا بأن يبتعد ابناء الجماعة عن العمل السياسى ، ويترك المجال للمنضمين حديثا بعد 25 يناير .

لكن الاصوات القوية داخل الجماعة ، كانت بضرورة تفعيل "الجناح العسكرى فى الجماعة " وهذا الطرح بدأ ينتشر بين شباب الجماعة بعد ان اوعز لهم قادتهم ان الامور تقود الى مواجهة مع مؤسسات الدولة فى حالة سقوط المعزول مرسى ، وبعد ان انتشر هذا التوجه الى الشباب المنضم حديثا للجماعة بعد احداث يناير ، انقسموا الى جناحين ، الاول قرر الابتعاد عن الاخوان ، بعد ان شعر ان الجماعة لايهمها مصر ، بل فكرها حتى لو وجاء ذلك على دماء المصريين ..والثانى نجحت الجماعة فى تجنيده وبث الفكر المتطرف داخل عقله ، ليتحول بعد فترة الى "شاب ملغم بأسلحة وافكار الجماعة الارهابية".

هذه القراءة والتحليل كانت وليدة لقاءات عدة عقدتها مع شباب الاخوان الذين انضموا حديثا للجماعة بعد أحداث يناير، وتركوها قبل وبعد ثورة 30 يونيو .

فى الحلقة الثانية سنتحدث عن نقاشات الدم فى اعتصامات شباب الجماعة برابعة والنهضة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط