الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العملية العسكرية التركية في سوريا مستمرة.. غزو أردوغان بلا رادع.. والغرب مازال متخبطا.. وروسيا الحصان الرابح

أردوغان رجل الإرهاب
أردوغان رجل الإرهاب والقمع

  • الرئيس التركي يتعهد بالمضي قدمًا في هجومه
  • جنود الجيش السوري حول مدينة منبج الإستراتيجية
  • سيناتور أمريكي يعرض مشروع قانون عقوبات ضد تركيا

تعهد الرئيس التركي رجب أردوغان، بعدم وقف عملية "نبع السلام" حتى "تحقق أهدافها في السيطرة السريعة على المنطقة الممتدة من منبج إلى حدود مع العراق وضمان المرحلة الأولى منها عودة مليون ومن ثم مليونَي لاجئ سوري وبــ"كامل إرادتهم"، هذا بينما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تدمير القوات الأمريكية لقاعدتها العسكرية في عين العرب (كوباني) بعد الانسحاب منها، وهو الأمر الذي يظهر الاضطراب في أمريكا وأوروبا أمام غزو أردوغان لسوريا، رغم تعهدهم بردع الرجل، أمام تدخل روسي كان الأقوى في تهديد أنقرة إذا حدثت مواجهة مع الجيش السوري الذي دخل منبج بالشمال السوري مع الجيش التركي.

لليوم الثاني على التوالي، واصل الرئيس السوري بشار الأسد نشر قواته في المناطق الحدودية مع تركيا، بموجب اتفاق مع الوحدات الكردية، ضمنه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وشمل تسيير دوريات على خط التماس مع جيش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومع دخول عملية «نبع السلام» يومها الثامن، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الجيش السوري أحكم السيطرة الكاملة على مدينة منبج والبلدات المحيطة بها بريف حلب بعد انسحاب القوات الأمريكية منها، مؤكدة أن شرطتها العسكرية تسير دوريات على خط التماس مع الجيش التركي والفصائل الموالية له وتتولى التنسيق بينهما.

الجيش السوري في مناطق الأكراد وتهديد أردوغان

ووفق "الدفاع الروسية"، فإن القوات الأمريكية أخلت قاعدة "مطاحن منبج" الأكبر في المنطقة بشكل كامل أمس الأول، الاثنين، وغادر جنودها مراكزهم في قرية دادات وأم ميال وتحركت باتجاه الحدود العراقية، مبينة أن الجيش السوري دخل إليهما، ومع تأكيد المتحدث باسم التحالف الدولي مايلز كاينجنز مغادرة منبج، التقى رتل من قوات الرئيس بشار الأسد مع القافلة الأمريكية المنسحبة على الطريق السريع الرابط بينها وبين مدينة كوباني، التي منعت واشنطن دخول قوات النظام إليها وحذرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مهاجمتها، وتقوم القوات الحكومية السورية بالتعبئة بالقرب من منبيج بعد أن أبرمت قوات سوريا الديمقراطية صفقة مع دمشق بوساطة روسية في اللحظة الأخيرة لدرء الدفعة العسكرية التركية.

وأمس، الثلاثاء، دخلت وحدة صغيرة من جنود الحكومة السورية منبج لأول مرة منذ عام 2012، في حين أظهرت مقاطع الفيديو التي تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنصار الحكومة المسلحة يرفعون العلم السوري على المباني في وسط المدينة.

وفي حين أعلنت أنقرة مقتل جندي وإصابة 8 بقصف مدفعي كردي من منبج، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف عن أمله عدم وقوع اشتباكات بين الجيشين التركي والسوري، مشيرًا إلى استمرار الاتصالات لتفادي ذلك.

حد من التصعيد

وكشف مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين عن حوار ومحادثات مستمرة بين دمشق وأنقرة عبر وزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات وكذلك مع الوحدات الكردية من أجل الحد من التصعيد العسكري، مشددًا على أن موسكو لن تسمح بوقوع أي اشتباكات.

وأكد المبعوث الرئاسي الروسي بشأن سوريا ألكسندر لافرنتييف، أن موسكو لعبت دور الوسيط بين دمشق والأكراد، وأنها تسعى لوجود حل في سوريا، مدينًا العملية العسكرية التركية، ومحذرًا تركيا من مغبة الاشتباك مع الجيش السوري، وفق ما أفادت به "سكاي نيوز".

وقال المبعوث الرئاسي الروسي: "العملية العسكرية التركية في سوريا غير مقبولة، وموسكو لعبت دور الوسيط بين دمشق والأكراد"، لافتًا إلى أن أمن الحدود بين سوريا وتركيا يجب أن يكون من مسئولية الجيش السوري فقط، وعليه أكد المبعوث، أن روسيا لن تسمح بحصول اشتباكات بين الجيشين التركي والسوري.

غزو مستمر ومعارك على الأرض


ويستمر القتال العنيف مع استمرار تركيا في عمليتها العسكرية، التي دخلت يومها الثامن، ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن العمل العسكري يهدف إلى إخراج القوات التي يقودها الأكراد من المنطقة الحدودية وإنشاء "منطقة آمنة" يمكن أن يعود إليها ملايين اللاجئين السوريين، لكن هذه المزاعم، لا يؤيدها واقع هروب الدواعش الذين كانوا محبوسين لدى الأكراد، وسقوط المدنيين نتيجة القصف التركي، ونزوح 275 ألف شخص من مناطق القتال. وتعهد أردوغان، بعدم وقف عملية «نبع السلام» حتى «تحقق أهدافها في السيطرة السريعة على المنطقة الممتدة من منبج إلى حدود مع العراق وضمان المرحلة الأولى منها عودة مليون ومن ثم مليونَي لاجئ سوري وبكامل إرادتهم».

وأكد أردوغان «تحرير» ألف كيلومتر من الأراضي السورية حتى الآن وإنشاء منطقة آمنة بطول 444 كم من الغرب إلى الشرق وبعمق 32 كم من الشمال إلى الجنوب.

وفي رأس العين، أفاد المرصد السوري بوقوع هجوم مضاد شنته الوحدات الكردية على القوات التركية والفصائل الموالية لها، مؤكدًا تمكنها من الصمود بفضل التحصينات والأنفاق، فضلًا عن تعزيزات لم تتوقف عن الوصول إليها. ومع تسبّب الهجوم في مقتل نحو 70 مدنيًا و135 مقاتلًا كرديًا وخمسة جنود أتراك ونزوح 275 ألفًا، أعلنت الإدارة الذاتية أمس توقف كل منظمات الإغاثة الدولية عن العمل وسحب موظفيها من مناطقها، محذرة من «تفاقم الأزمة الإنسانية».

فخ أمريكي للأكراد

وجاءت الخطوة التركية بعد أن سحبت الولايات المتحدة قواتها من المنطقة بساعات، تاركة القوات الديمقراطية السورية، حليفها الرئيسي في المعركة ضد داعش دون الدعم العسكري الأمريكي، ومع اقتراب القوات التركية من شرق نهر الفرات، وضعت أنقرة الأنظار على منبج، المدينة ذات الأغلبية العربية الإستراتيجية والتي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية منذ عام 2016.

عملية أردوغان لم تكن مفاجئة إلا للأكراد

وقال أردوغان إنه أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تركيا لن تعلن أبدًا وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا، وفقًا لما أوردته قناة NTV التركية.

وأضاف أردوغان في حديث للصحفيين أثناء رحلة العودة من باكو، أن المحادثات مع واشنطن وموسكو بشأن بلدات عين العرب- كوباني ومنبيج السورية مستمرة ، وأكد أنه "ليس سلبيًا" أن يدخل الجيش السوري منبج طالما تم تطهير المقاتلين في المنطقة.

وقال أيضًا: "لن نتفاوض مع منظمة إرهابية" (الأكراد السوريين) ردًا على عرض الوساطة الذي قدمه ترامب، وبشكل منفصل، قالت الرئاسة التركية إن أردوغان أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية أن عملية تركيا في شمال شرق سوريا ستسهم في جهود مكافحة الإرهاب، وسلامة الأراضي السورية والحل السياسي للنزاع.

وقال مكتب بوتين في بيان إن الزعيمين شددا على "ضرورة منع المواجهات بين وحدات الجيش التركي والقوات المسلحة السورية"، كما أثار بوتين مخاوفه في الدعوة إلى "محاولة إرهابيين الانفصال والتسلل إلى الدول المجاورة" وسط هجوم أنقرة المستمر.

وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أنه سيتوجه قريبًا إلى العراق لمناقشة إطار قضائي لتمكين الجهاديين المحتجزين في سوريا من المثول للمحاكمة.

كما أخبر لودريان القناة الإذاعية الفرنسية BFM TV أن تسع نساء فرنسيات هربن من معسكر يسيطر عليه الأكراد السوريين في أعقاب التوغل العسكري في شمال سوريا.

وأفادت وسائل إعلام روسية نقلا عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأن أردوغان قد يزور روسيا لإجراء محادثات بنهاية أكتوبر.

جهود جراهام في عقاب أشد لأنقرة

وأمس، الثلاثاء، كذلك، قال السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي جراهام إنه سيقدم مشروع قانون غدا، الخميس، يعاقب تركيا على هجومها.

ونقلت وكالة رويترز عن جراهام قوله للصحفيين: "سأفرض عقوبات على تركيا يوم الخميس وأنا أقدر ما قام به (ترامب) ضد تركيا من خلال إجراءات تنفيذية لكن هناك المزيد لمتابعته".

وقال مسئول أمريكي لرويترز إن الطائرات العسكرية الأمريكية نفذت "استعراضا للقوة" في سوريا بعد أن اقترب المقاتلون المدعومون من تركيا من قوات البلاد.

وأضاف المسئول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن الطائرات العسكرية الأمريكية نُقلت فوق المنطقة بعد أن شعرت القوات في شمال شرق سوريا أن المقاتلين المدعومين من الأتراك كانوا قريبين للغاية.

وأكد أن المقاتلين المدعومين من تركيا تفرقوا بعد استعراض القوة. ولم ترد وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) على الفور على طلبات التعليق.

وقبل تصريحات جراهام، وللتخفيف من حدة اتهامه بالتخلي عن الأكراد، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات على تركيا، شملت منع وزراء الطاقة والدفاع من إجراء أي معاملة مالية دولية بالدولار وتجميد أموالهم، إضافة إلى وقف المفاوضات التجارية وإعادة فرض رسم جمركي بنسبة 50 في المائة على واردات الصلب من أنقرة، قبل أن يطلب من إردوغان «وضع حدّ لغزو» سورية وإعلان «وقف فوري لإطلاق النار».

وفي حين أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أنّه سيتوجّه إلى تركيا قريبًا لبحث الملف السوري، أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية نظرًا للأوضاع المتدهورة في سورية، مجددًا استعداده لتدمير اقتصاد تركيا وبأسرع وقت إذا استمرت «في السير على نهجها الخطير والمدمر». وفي خطوة قد تؤدي إلى نهاية التحالف مع تركيا، ناقش ممثلو وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الطاقة إمكانية سحب 50 ​​سلاحًا، بينها النووية، من قاعدة أنجرليك الجوية، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

وقال الاتحاد الأوروبي أمس، إن أعضاءه أدانوا بالإجماع الهجوم التركى على شمال شرق سوريا، وهو الغزو الذي بدأ الأسبوع الماضي، ودخل اليوم، الأربعاء، يومه الثامن، ودعا جميع الدول الأعضاء إلى وقف بيع الأسلحة لتركيا.

وبعد سلسلة اتصالات مماثلة حث فيها نظراءه الأمريكي والتركي والعراقي برهم صالح على «الضرورة المطلقة لمنع انبعاث داعش والتصدي للمخاطر الإنسانية والأمنية»، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عبرا فيه عن مخاوف عميقة إزاء التوغل التركي واتفقا على استمرار التواصل بينهما عن كثب.

وفي ظل تأكيد الحكومة الفرنسية أن «داعش» سيعود لا محالة بعد القرارات الأميركية والتركية، أعربت الحكومة الهنجارية عن استعدادها للتعاون مع أنقرة بشأن المنطقة الآمنة للإسهام في إعادة اللاجئين السوريين ومنع تدفقهم إلى أوروبا.

وبينما طلبت بلجيكا وألمانيا وفرنسا وبولندا وبريطانيا عقد اجتماع جديد لمجلس الأمن لبحث الهجوم، جدد مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس، «إدانة المملكة لعدوان تركيا على سورية، وما يمثله من تهديد للأمن والسلم الإقليمي، وانعكاسات سلبية على المنطقة واستقرارها»، مشيرا إلى «ما تضمنه الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب من مطالبة لمجلس الأمن باتخاذ ما يلزم لوقف الخرق الواضح لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا».

وإلى أن يخرج الموقف الدولي بشيء ضد تركيا وهجومه على شمال سوريا، يبقى الموقف الأوروبي متقلبًا ربما في سبيله لموقف أكثر حزمًا خلال الأيام القادمة، في ظل موقف أمريكي أكثر حزمًا من نظيره الأوروبي، إلا أنه الأكثر سلبية بالنسبة للأكراد على الأرض بسبب سحب أمريكا لجنودها قبل الغزو بساعات، ليبقى الموقف الروسي هو الأكثر قوة، وهو الوحيد الذي يخشاه أردوغان في غزوه، ودليل ذلك تصريحه بعدم ممانعته من وجود قوات سورية للجيش الوطني بالقرب من قواته، بعد التحذير الروسي من أي اشتباك بين الجيش التركي والسوري في هذه المنطقة، هذا علاوة على مكسب آخر لروسيا كونها صارت الجهة الدولية الأقوى في سوريا بعد انسحاب أمريكا الصادم للكثيرين.