الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.هاني أبو العلا يكتب: التخصصات العلمية و مخرجات التعلم

صدى البلد

لا شك إن مرحلة التعليم الجامعي يُعَوَّل عليها في تخريج خريجين جامعيين مؤهلين بقدر مناسب من الخبرات و المهارات العلمية و العملية، تجعلهم قادرين على العمل و الإنتاج في مجالات تخصص كلٍ منهم.

وحيث إن مخرجات تعلم الجامعات تختلف كليًا وجزئيًا عن مخرجات تعلم مراحل التعليم الأخرى نظرًا لأن خريج الجامعة هو أحد العناصر الفريدة بما تخصص وتميز به من خلال تعليمه و ممارساته العملية في الميدان و في معامل و مختبرات جامعته، و المفترض أنه بمجرد تخرجه يكون على استعداد للانخراط في منظومة العمل و الانتاج كأحد عناصر تلك المنظومة، ولا ننكر إنه سوف يتم صقله بخبرات عملية بمجرد دخوله حقل العمل، إلا إنه من غير المتوقع إن الخريج حينما يدخل حقل العمل يكون صفر اليدين من الخبرات و المهارات النظرية أو العملية نتيجة أي نوع من الإهمال! من هنا تكون البداية!



لم يشغل بال المجتمع وجود مسمى مدرس الفصل في المرحلة الابتدائية من التعليم، ذلك المدرس القدير، الذي يربي و يعلم القراءة والمطالعة و الحساب و بعض أبجديات العلوم للنشأ. و بالرغم من قدراته الذاتية على تحمل مثل هذه المسئولية، إلا إن بساطة بضاعته قد أتاحت له الفرصة كاملة في انتاج مُخرَج تعليمي متميز، مدعوم بالخبرات و المهارات المطلوبة لهذه المرحلة التعليمية، فكان منتجه شديد التميز في القراءة والكتابة و أبجديات العلوم الأساسية.



والتساؤل مطروح، هل يتقبل المجتمع مضمون مساوي لمدرس الفصل و هو " دكتور اللاتخصص"؟ هذا الأمر الذي يمثل أحد آفات المجتمع الجامعي في بعض الأقسام العلمية في مصرنا الحديثة. فالمتعارف عليه منذ الأذل في جامعاتنا المصرية بعلمائها، اللذين علموا العالم هو التخصص الدقيق، الذي يكتسبه عضو هيئة التدريس، الذي يمنح فيه درجة العالِمية " الدكتوراة" نتيجة لسنوات طويلة من القراءة والتعلم و الخبرة في هذا المجال الدقيق، فيصبح متخصصًا بحق في تخصص بعينه، وتكون نتيجة ممارساته التدريسية هي خريج جامعي مؤهل بالعلم و المعرفة و الخبرة بمساعدة خبير في هذا التخصص.



و الشئ المؤسف هو إن الأمر أصبح يخالف ذلك بكثير في بعض الأقسام العلمية، فكما إن هناك جمعيات أهلية تنشأ بمجرد الإعلان عنها، أصبح البعض يتجرأ على الإكاديمية و على التخصصات العلمية، ويقوم (مستخدمًا لأساليب فرض السيطرة والسطوة) بتدريس تخصصات علمية دقيقة ليس له بها علاقة من قريب أو بعيد، مدعيًا مهاراته و بطولاته، التي لم يسمع بها غيره من قبل.



و لا أجد تفسيرًا لذلك فهو أمر شديد الغرابة، و الأمر الأغرب أن تجد أقسامًا علمية تفتتح برامجًا تعليمية دقيقة التخصص، مع العلم بأن هذه الأقسام ليس لديها هيئة تدريسية متخصصة في هذه المجالات، ليس إلا محاولة للتحايل و فتح مصادر لجلب الأموال، دونما اعتبار لخراب المنتج التعليمي، و دونما ولاء لتلك البلد التي تربينا فيها و صانتنا، فأبينا إلا أن نخرب فيها، و بدلًا من أن يحاول كل منا أن يبدع في مجال تخصصه ليكون شديد التخصص والخبره، قفز على تخصص غيره ضاربًا بالمُثل و الأعراف الجامعية عرض الحائط.



وما يزيد الطين بله، هو إن نظام الجودة التعليمية بهيئة ضمان الجودة و الاعتماد قد أسقط من حساباته العلاقة بين السادة أعضاء هيئة التدريس، وبين المواد التي يدرسونها داخل قاعات التدريس ومدى علاقاتهم بها في ربط بسيط بينها و بين المستويات الفنية للخريجين.



أخشى أن تقف مصر أمام الله يوم القيامة لتشتكي فتقول" وقفت بك منزلة العائد من القطيعة."