الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قراءة فى عقول ملغومة (2-5)


كانت الأمور خارجة عن السيطرة.. سقط مرسى.. وأصبح الإخوان بين فكى الشعب ومؤسسات الدولة.. المشهد كان ضبابيا أمام المنضمين حديثا لجماعة الإخوان بعد أحداث 25 يناير، هناك من سارع الى القفذ من المركب التى أوشكت على الغرق، وهناك من نجح الإخوان فى استقطابه بلغة المظلومية وتسويق أكذوبة "الانقلاب" الذى وقع على مرسى.

وسط هذا المشهد المرتبك، سارع الإخوان إلى اتخاذ قرار الاعتصام فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة، وكان موقف معظم الشباب المنضمين حديثا والذين تأثروا بمظلومية الإخوان هو المشاركة فى الاعتصام، على أمل أن يعود مرسى إلى الحكم مرة أخرى، كما زعم الإخوان.

حاول الإخوان التعلم من أخطائهم، فكان الإيعاز إلى "الشُعب" التى تنطوى تحت إدارتهم، بضرورة تحفيز المنضمين حديثا للمشاركة فى الاعتصام، إلا أن قرار إدارة هؤلاء الشباب الجدد، كان بيد أقطاب الإخوان، الذين خشوا أن تتكرر تجربة "المنشقين الجدد"، فتم الاتفاق على أن يشارك المنضمون حديثا فى اعتصام النهضة وليس رابعة العدوية، وأن يتولى الجناح المتشدد فى الجماعة إدارتهم وتوزيعهم على الميدان، مع استمرار بث عبارات التحفيز والمظلومية لضمان ولائهم الكامل للجماعة.

كانت خطة الجماعة فى إدارة ميدان النهضة ترتكز على ضروروة أن تتولى الجماعة الإسلامية القريبة من الإخوان مفاتيح الضبط والربط فى كل ربوع الميدان، ويقتصر دور الإخوان وشبابهم على إدارة المنصة، أما المنضمون حديثا، فحاول الإخوان اتخاذهم واجهة لهم فى الميدان، يتحدثون مع وسائل الإعلام التى تأتى لتغطية اعتصام النهضة، ويتولون مواقع التواصل الاجتماعى من خلال نشر ما يحدث فى الاعتصام من احتفالات وفيديوهات لما يقال على المنصة.

مع مررو 30 يوما من الاعتصام، بدا اليأس ينال من الشباب المنضمين حديثا للجماعة بعد أحداث 25 يناير، ضغوط أسرهم بترك الميدان والعودة إلى منازلهم كان لها الجانب الأكبر فى حالة الإحباط واليأس، كما أن تجاهل الدولة لمطالب الجماعة والتهديد بفض الاعتصام كان جانبا آخر، هذه الأمور انعكست سلبا على المنضمين حديثا، فكان لابد من إجراء الحوار مع قيادات الجماعة لمعرفة ما يمكن حدوثه فى المستقبل .

تحت منصة ميدان النهضة، كان اللقاء بين قيادات من جماعة الإخوان، والمسئولين عن التنظيم فى ميدان النهضة، وعدد من الشباب الذين طلبوا إجراء الحوار وبدء المناقشات حول ما يحدث، وكان قد سبق ذلك تداول أخبار عن قرب فض الاعتصام.

فى البداية، طلبت قيادات الجماعة سماع مطالب المعتصمين، فكانت الكلمة بيد أعضاء الجماعة الإسلامية الذين اتهموا الإخوان بتركهم ضحايا لما سموهم "بلطجية بين السرايات"، وأضافوا: "تعرضنا للضرب بالنار ومات الكثير من الإخوة، واليوم يجب أن يكون هناك مواجهة وتوسيع دائرة الاعتصام، وغلق جميع الطرق المؤدية له".

وكان رد قيادات الإخوان: "الصبر ثم الصبر.. كل المنظمات الدولية معنا.. والدول الأوروبية بدأت تتحرك من أجل تصحيح الأوضاع، حتى أمريكا بدأت تضغط، وهناك لقاء بين وزيرة الخارجية الأمريكية والرئيس مرسى، أبشروا النصر قريب".

على جانب آخر، كان ممثلو الشباب المنضمون حديثا ينتابهم الذهول من كلمات قيادات الجماعة الإسلامية بضرورة المواجهة والصدام مع أهالى بين السرايات، والتهديد بإطلاق النيران بل والقتل انتقاما ممن قتلوا من "أعضاء الجماعة".

حتى أنهم اكتفوا بالمشاهدة، وسماع عبارات الصبر والعزيمة والاستمرار من قيادات الجماعة الذين ما لبثوا أن غادروا الاعتصام بابتساماتهم المعهودة وهتافهم الدائم "الله أكبر ولله الحمد".

ما حدث فى الاجتماع انتشر بسرعة داخل أوساط الميدان، وكان الجزء الأكبر انتشارا، هو ما رددته الجماعة الإسلامية بضرورة المواجهة مع مواطنى بين السرايات، وكذلك قوات الأمن وتأمين الاعتصام وتوسيع محيطه، لتبدأ الحوارات داخل الاعتصام فى استعادة صدام التسعينات بين الأمن والجماعة الإسلامية، وهى الفترة التى حمل فيها الإرهابيون السلاح ضد مؤسسات الدولة.

كل هذا كان دافعا لعدد كبير من المنضمين حديثا إلى مغادة ميدان النهضة، والتحجج بالسفر لزيارة الوالد أو أحد أفراد الأسرة، والتأكد من العودة مرة أخرى من الاعتصام.

وبدأ تسرب المنضمين حديثا من الميدان يوما بعد يوم، حتى أصبح الميدان لا يضم سوى أقطاب الإخوان وقيادات وعناصر الجماعة الإسلامية، والذين كانوا فى مواجهة مع الأمن وقت فض الاعتصام.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط