الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لكل اسم حكاية.. معابد فيلة بأسوان أثر تاريخي يعود للقرن الثالث قبل الميلاد .. تسميتها تعود لإقامة المعابد على جزيرة فيلة.. وخصصت لعبادة الإلهة إيزيس

صدى البلد

محافظة أسوان، عاصمة الشباب الإفريقى، والاقتصاد والثقافة بالقارة السمراء، تمتلك العديد من المقومات الطبيعية والمعالم السياحية، والمناطق الأثرية التى تجعلها علامة بارزة في خريطة السياحة العالمية.

وفى هذا الإطار تستعرض "صدى البلد" فى السطور التالية استكمال سلسلة أبرز الإضافات الراقية المتمثلة فى حدوتة "لكل إسم حكاية" من خلال إلقاء الضوء على حكاية معابد فيلة التاريخية.

وتعود حكاية هذا الأثر التاريخي الخالد إلى القرن الثالث قبل الميلاد الذى تم فيه بناء معابد فيلة تم تلاه معابد أمنحوتب وأرسنوفيس، أما معبد حتحور فهو يعد آخر أثر بطلمي واستكمل بنائه قبل عام 116 قبل الميلاد بواسطة يورجيتس الثانى، وأضاف بطالمة آخرون نقوشا إلى فيلة والتي تعتبر من روائع المعبد.

وامتدت عبادة الآلهة إيزيس من مصر إلى اليونان وروما وفى مختلف أنحاء الإمبراطورية حتى عندما تم تطبيق الحكم الروماني في مصر حاول الحكام تجميل الجزيرة المقدسة، فقد بنى الإمبراطور أغسطس قيصر معبد في الطرف الشمالي لفيلة في القرن التاسع قبل الميلاد، أما تيبيريوس وآخرون فقد أضافوا صروحًا ونقوشا، كما بنى كلاوديوس وتراجان وهادريان ودقلديانوس مبان جديدة بالجزيرة استمر العمل فيها حتى القرن الرابع الميلادي.

ولشدة سيطرة عبادة إيزيس في جزيرة فيلة أدى ذلك إلى امتداد تلك العبادة على مدى قرون عديدة متحدية بذلك مرسوم الإمبراطور ثيودوسيوس الأول الذي أصدره عام 391 ميلادية والذي يفرض فيه الديانة المسيحية على جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وفى عام 550 بعد الميلاد وتحت حكم جوستنيان وصلت المسيحية إلى جزيرة فيلة.

وبدأت صفحة جديدة في تاريخها. وتكون مجتمع جديد مسيحي في جزيرة فيلة وتحولت قاعة الأعمدة لتكون مناسبة لممارسة الديانة الجديدة. وتم نقل الأحجار من بعض الآثار لبناء كنائس مسيحية في الجزيرة. ونمت قرية جديدة حول معبد إيزيس.

ومعبد فيلة مخصص للإلهة إيزيس والذي أغرقته مياه النيل وتم تقسيمه وأعيد تجميعه في موقع جديد فوق جزيرة إجيليكا على بعد حوالي 500 متر من مكانه الأصلي بجزيرة فيلة ويضم مبانيه معبدًا لحتحور ويمكن للزائر مشاهدة عرض الصوت والضوء ليلًا الذي يقدم بلغات مختلفة.

وكانت مصر جزءًا مزدهرًا من أجزاء الإمبراطورية الرومانية، أصبحت ثرية بحق وقد بنيت فيها عدة مدن جديدة ومن أشهر المنشآت في مصر في العصر الروماني ما يسمى مضجع فرعون أي كشك تراجان وهذا الأثر بناه في جزيرة فيلة تراجان الحاكم الروماني.

وأقيم عدد كبير من المعابد فوق جزيرة "فيلة" لعل أقدمها تلك المعابد التي يرجع تاريخها إلى عهد الملك تحتمس الثالث (1490-1436 قبل الميلاد)، وفي القرن الرابع قبل الميلاد بنى الملك "نخت نبف" (378-341 ق.م) معبدًا ضخمًا وعلى أثره شيّد "بطليموس فيلادلف" (القرن الثالث قبل الميلاد) معبده الكبير، ثم تبعه كثير من ملوك البطالمة وولاة الرومان حتى ازدحمت جزيرة فيلة بالمعابد، وأشهرها هو الذي يطلق عليه "مخدع فرعون".

وقد اكتسبت معابد فيلة التاريخية بمدينة أسوان، والتى تم تشييدها لعبادة الإلهة "إيزيس" فى كل القرون مكانة خاصة فى العبادات، لدرجة أن حشدًا من أتباعها كانوا يجتمعون لإحياء قصة موت وبعث أوزوريس.

وشهدت منطقة معابد فيله الأثرية خلال الفترة الماضية تنفيذ أعمال التطوير والتجميل والتشجير، والتى شملت المرسى الشرقى، والذى تم مؤخرًا رفع كفاءة الرصيف الرئيسي به، بطول 42 مترًا وبعرض 10 أمتار وبتكلفة وصلت لنحو مليون جنيه من اعتمادات وزارة الآثار، بجانب قيام المحافظة بإنشاء 2 مرسى على جانبى الرصيف بإجمالى أطوال 315 مترًا، وبتكلفة إجمالية تصل لنحو 6 ملايين جنيه، بجانب إنشاء "تكاسى" على ضفتي هذه المراسي، وإنشاء بوابة رئيسية حضارية و"منحدر" لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة.

ويجرى حاليًا العمل والتنسيق بين محافظة أسوان ووزارة السياحة لتحويل منطقة معابد فيلة إلى منطقة جذب سياحى مفتوحة لأنماط عديدة من السياحات الترفيهية والتسويقية والبيئية لوضعها ضمن أجندة البرامج السياحية بالشكل الذى يتناسب مع الحفاظ على الطبيعة الخلابة وخاصة فى المساحة الواقعة بين مدخل ومخرج المعابد والتى سيتم إزالة الهيش وتسوية الأرضيات بها مع استبدالها بمسطحات خضراء وأعمال تجميل.

وكان محافظ أسوان اللواء أحمد إبراهيم قد قام بزيارة ميدانية لمنطقة فيلة، حيث أشار إلى التصور الجديد يقوم على استغلال المرتفعات الجبلية المحيطة بها بإقامة فندق أو موتيلات على الطراز المعماري النوبى، وأيضًا البازارات والكافيتريات والمطاعم، بالإضافة إلى إقامة باركن خارجى للحافلات والسيارات السياحية ليستكمل السائحين مسارهم لزيارة معابد فيلة باستخدام سيارات كهربائية ذات حمولة متعددة للزائرين للوصول إلى المراسى النيلية مع إقامة متحف يحكي قصة إنقاذ معابد فيلة على غرار متحف معبدى أبو سمبل لتوفير كافة المعلومات الأثرية وإستمتاع السائح برحلة سياحية متكاملة.

جدير بالذكر أن معابد فيلة كانت قد شهدت في مارس الماضى زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسى والوفود الشبابية المشاركة في ملتقى الشباب العربى الإفريقى الذى انعقد بمدينة أسوان حيث قام الرئيس والوفود بزيارة ترفيهية وجولة على صفحة نهر النيل الخالد لزيارة أحد المعالم السياحية العريقة بأسوان، حيث تناول وجبة الإفطار مع أبنائه من الشباب.

ويتمتع المعبد بعرض الصوت والضوء الساحر ولذا يأخذ مشاهديه فى رحلة عبر الماضى البعيد لاكتشاف أسطورة إيزيس وأوزيريس من خلال إضاءة مبهرة تأخذ العقول وموسيقى جذابة مع صوت يسرد ويحكى كأنه آت من أعماق الماضى السحيق ويجلب لك التاريخ والأحداث وكأنك تعيشها في الوقت الراهن.

والمعبد من حولك كأنه عاد إلى الحياة مما يجعلك تشعر بأنه يتحرك من حولك وكأنك ترى الأحداث من جديد من خلال أسطورة أوزيريس رب الموتى وزوجته المحبوبة إيزيس، التى بعثت زوجها للحياة من جديد باستخدام طقوس الحياة بعد أن كان قد قتل على يد أخيه المعبود ست، إله الشر، في مصر القديمة.