الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.فتحى حسين يكتب: أخلاقيات الإعلام

صدى البلد

تعتبر وسائل الإعلام أحد الأركان المهمة لتطور المجتمعات ومقياسا للتقدم والحضارة فيها، ويفترض في هذه الوسائل أن تحافظ علي أصالة المجتمع وثقافته وأخلاقه.

وقد اهتم المتخصصون بالعلوم الإنسانية المختلفة بإعطاء أهمية كبيرة للأخلاقيات المهنية علي أساس أن لكل مهنة أخلاقياتها وتأتي في مقدمة هذه المهن الإعلام والصحافة ومن ثم فقد وضعت النظم السياسية المختلفة في العالم سياسات إعلامية متنوعة تنسجم مع أهدافها وتوجهاتها وتطلعاتها, إدراكا منها لأهمية الإعلام وما يؤدي من وظائف كبيرة وخطيرة في المجتمع.

كما ترتبط أخلاقيات الممارسة المهنية الإعلامية والصحفية بالمضامين والأشكال الصحفية المنشورة في صفحاتها وأبوابها الإلكترونية.

وترتبط أيضا بمدي إدراك الصحفيين العاملين بهذه الصحف للحقوق التي يتمتعون بها والواجبات والمسئوليات المهنية الملقاة علي عاتقهم عند تقديمهم لهذه المضامين والأشكال من ناحية والضوابط الأخلاقية والقانونية التي تحكم عملهم وتؤثر علي اختياراتهم المهنية بهدف تقديم اقتراحات للارتقاء بالأداء الصحفي والإعلامي.

وتعزيز التزام القائمين عليها من المحررين والناشرين بهذه الأخلاقيات والجوانب المهنية في العمل الصحفي.

كما أن قضية الأخلاقيات المهنية قضية ذات جذور اجتماعية وأعاد ثقافية وتربوية وتتطلب مواجهات عميقة وواسعة, وليس مواجهات سطحية وهامشية وإنشائية !

وإن المحاولات التي بذلت لحلها اتخذت أشكالا ثلاثة تعاملت مع الإفرازات السيئة لها, وهي القوانين الأخلاقية, والجهود الأخلاقية وأنشطة اللجان والمجالس المتخصصة وجميعها لم تساهم في الحد من التجاوزات الأخلاقية والمهنية في العمل الصحفي المطبوع والإلكتروني علي السواء.

وأصبحت أخلاقيات العمل الصحفي مشكلة عالمية في عالم الصحافة وذلك لأن هناك عددا كبيرا من العاملين في وسائل الاتصال الجماهيري لا يراعون الأخلاقيات المهنية السليمة من خلال مزاولتها لأعمالهم لأسباب كثيرة ومعقدة , ويعد هذا الوضع خروجا علي ما يتعارف عليه المجتمع من قيم ومعايير ومثل تربوية سليمة. 

وقد بدأ تدوين أخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي ومواثيق الشرف وقواعد السلوك المهنية للمرة الأولى في بداية العشرينات من القرن العشرين وهناك 5- دولة تقريبا هي التي تعمل بمواثيق الشرف الصحفية بين 196 دولة وهي إجمالي دول العالم.

ولكل مهنة في المجتمع أخلاقيات وسلوكيات تعبر في مضمونها عن العلاقات بين ممارسيها من ناحية والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية , وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون اليه من ناحية ثالثة . وهذه الأخلاقيات والسلوكيات قد تكون متعارف عليها وقد تكون مبادئ ومعايير يضعها التنظيم المهني للمهنة.

الفرق بين الأخلاقيات والممارسة ليس كبيرا, فالاخلاقيات عبارة عن قواعد موضوعة تعبر عن السلوك المهني المطلوب من القائمين بوسائل الاتصال الجماهيري الالتزام بها . بينما تتضح الممارسة من خلال سلوكيات الإعلاميين ومدي التزامهم بهذه القواعد المهنية وتأديتهم للواجبات المناطة بهم عند إذاعة الأخبار والتعليق علي الأحداث وإجراء المقابلات ونشر التحقيقات وتغطية المندوبين للمؤتمرات الصحفية.

كما أن الإعلام الجديد مثل وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية شكلت جزءا من النمو المتزايد الذي شهدته شبكة الإنترنت أو تكنولوجيا الاتصال التفاعلي منذ أوائل عقد التسعينيات من القرن الماضي حتي الآن، وما يمثله من تطورات شبكة الويب العالمية الأمر الذي أدي إلي إعادة تشكيل مسار العملية الاتصالية بإشراك الفرد العادي وجعله جزءا منها فأصبح منتجا وناشرا ومستهلكا للمحتوي في الوقت نفسه..فكثير منا يستطيع اختلاق أخبار وموضوعات ونشرها علي صفحته علي الفيس بوك أو قناته علي اليوتيوب وكأنها حقيقية !

واعتقد موضوع أخلاقيات الإعلام والصحافة الذي نفتقده اليوم هو أهم من السبق الصحفي والسرعة في النشر للأخبار والقصص الإخبارية والتقارير المفبركة أحيانا ولا بد أن نراعي أشياء كثيرة قبل النشر قبل أن تحدث كوارث أخري علي شاكلة قتل طالب المنوفية محمود البنا وطالب الثانوية العامة الأخير وغيرهم من ضحايا الإعلام الخبيث والملعون الذي يبرز شخصية عبده موته وغيره من بلطجية هذا الزمن وكأنهم قدوة والخلاص من كافة الأزمات التي تواجهنا ولا لو حتي أزمة عاطفية بين شاب وفتاة في منطقة شعبية فقيرة تنهي بمأساة قتل العاشق الولهان!

ولا بد من الرقابة الصارمة والشديدة علي السيناريوهات الجديدة والتي تسعي إلى التنفيذ والإنتاج علي أرض الواقع من أجل تنقيحها من الجمل السوقية والألفاظ البذيئة والحوار المتدني والمشاهد الإباحية التي لا بد ألا تملأ المشاهد في أفلام المقاولات السينمائية المعروضة والتي تنسف كل القيم الأخلاقية وتتدني بالسلوكيات إلى أسفل السافلين !

ما أحوجنا اليوم إلى الالتزام بأخلاقيات وقيم المجتمع والإعلام ولا بد من ضوابط وعقوبات مغلظة علي المخالفين حتي نحافظ علي وطننا الغالي مصر أغلي الأوطان أو هذا ما ينبغي أن يكون !