الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: حكاية الدسوقي.. عالم ومجاهد وصانع فخار

سيد مندور
سيد مندور

حينما سمعنى أحد الأصدقاء، وأنا أقول ابا العينين، نظر إلى بتعجب، وقال : الجميع له عينين فماذا تقصد ؟ 

قلت له : أقصد سيدى إبراهيم الدسوقى فهو المعروف بلقب أبا العينين.

وأما سبب هذه الكنيه بأن سيدى إبراهيم الدسوقى منح علمين من العلوم هما علم الشريعة وعلم الحقيقة . فاعتبره العلماء عينا من عيون الشريعة وعينا في علم الحقيقة والتصوف.
فمن هو سيدى إبراهيم الدسوقى ؟

سيدي إبراهيم الدسوقي ولد رضي الله عنه في 29 من شهر شعبان عام 633 هجريًا على أرجح الأقوال من أبوين ينتميان إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم . فأبوه هو السيد عبد العزيز أبو المجد الذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسين رضي الله عنه . وأمه السيدة فاطمة بنت سيدي أبو الفتح الواسطي الذي كان من أجَّل أصحاب الإمام أحمد الرفاعي رضى الله عنه كما أنه من شيوخ الإمام أبي الحسن الشاذلي رضى الله عنه والذي ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن بن علي بن أبى طالب كرم الله وجهه .

ومنذ نعومة أظافره نشأ إبراهيم الدسوقي على طاعة الله في بيت يملؤه الإيمان والصلاح فأتم حفظ كتاب الله وهو في سن السابعة ثم درس العلوم الشرعية المختلفة من توحيد وفقه وتفسير وبلاغة وأدب حتى أتقن علوم الشريعة وتفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وأصبح أحد كبار علماء الأمة.

لُقِبَّ بـ "أبي العينين"
درس سيدي إبراهيم الدسوقي علوم التصوف والأخلاق وتزكية النفس وتبحر فيها حتى صار عينًا من علوم الحقيقة وعينًا من علوم الشريعة ولذا لُقِبَّ بـ "أبي العينين" وصار قطب زمانه، ولم يمنعه طلب العلم وتعليم المريدين عن العمل لكسب الرزق فكان يعمل في صناعة الفخار والحصير والزراعة ليكسب قوت يومه ليس ذلك فحسب بل كان مجاهدًا في سبيل الله فشارك في فتح عكا مع جيش المسلمين التي عسكر فيها الصليبيون.

ومن أشهر تلاميذ الإمام الدسوقي ، الإمام جلال الدين السيوطي الحافظ الجليل الذي أخرج من الأحاديث النبوية ما يزيد عن مائة ألف حديث شريف وله مؤلفات عديدة في الفقه والتفسير وغيرهما وهو من مشايخ الأزهر الشريف، ومن تلامذته أيضا الإمام أحمد الفولي والإمام الشعراني ( المدفون في مسجده في حي باب الشعرية بالقاهرة ) .

وكان سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه يحث مريديه على الاجتهاد في الطاعة والإقبال على الله والتوبة النصوح فيقول لهم :
" أقبلوا على الله تعالى فإنه كريم ما أقبل مقبل عليه إلا وجد كل خير لديه، ولا أعرض معرض عن طاعته إلا وتعثر في ثوب غفلته، يقول تعالى في حديثه القدسى (من أتاني ماشيًا أتيته هرولة، ومن تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب إلى ذراعًا تقربت إليه باعًا .. إن الحسنات يذهبن السيئات، ذلك ذكرى للذاكرين إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) من تاب إلى الله صالحه وغفر له وعفا عنه وأنعم عليه حتى لم يكن كأنه أذنب قط ".

وكان يقول أيضا : " من لم يحبس نفسه في قعر الشريعة، ويختم عليها بخاتم الحقيقة لا يقتدى به في الطريقة ". ومن أقواله المأثورة "الشريعة كالشجرة والحقيقة ثمرتها فلا بد لكل واحد من الأخرى، ولكن لا يدرك ذلك إلا من كمل سلوكه في طريق القوم".

وكان يقول أيضا : " من عرف الله وعبده فقد أدرك الشريعة والحقيقة، فاحكموا الحقيقة والشريعة ولا تفرطوا إن أردتم أن يُقتدى بكم، ولم يكن اسم الحقيقة إلا لأنها تحقق الأمور بالأعمال، ومن بحر الشريعة تنتج الحقائق".

إنه أبا العينين.. الشيخ والإمام إبراهيم الدسوقى رضى الله عنه .. وحكاية من حكايات آل البيت الكرام .