الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فوزة اليوسف تكتب: هوية داعش الجديدة

صدى البلد

لطالما ثارت شبهات و أحيانا دلائل حول علاقة الدولة التركية الاستراتيجية بداعش، إلا أن تركيا كانت لا توفر فرصة إلا و تنفي هذه الشبهات و تزعم أنها حاربت داعش في كل من جرابلس واعزاز و الباب في حين أن الجميع يعلم بأن المعارك في تلك البقاع ما كانت إلا تمثيلية هزيلة و ما تم لم يتعدى عملية استلام و تسليم بين حليفين على مستوى عال من التنسيق ، ولا أدل على ذلك في أن داعش لم تقم بأي عملية تذكر ضد تركيا حينها على الرغم من وجود الآلاف من عناصرها في الداخل التركي ، كما أن الجميع يتذكر بأن داعش قد جاورت تركيا على طول معظم الحدود التركية-السورية مطمئنةعلى نفسها و لم تخطر لتركيا حينها فكرة إقامة اي منطقة آمنة و حماية حدودها من الإرهاب لأنها و بكل بساطة لم تكن ترى في داعش خطرا على أمنها القومي ، لا بل كانت تجمعهما أهداف و مصالح مشتركة و مسار واحد.

كانت تركيا تحلم بأن تحقق مشاريعها في سوريا عن طريق الفصائل الارهابية ، داعش و النصرة و الفصائل المشابهة ، لذلك أمدتهم بالمال و الدعم اللازم حتى يقضوا على أي مشروع ديمقراطي يحقق للكرد و المكونات الأخرى حقوقهم و القيام بمحاولة تغيير ديمغرافي في كل من كوباني و شنكال و خلق حالة عدم استقرار دائم في الداخل السوري ليتمكن أردوغان بعد ذلك في اي لحظة يرغب بها في القضاء على النظام السوري و الاستعاضة عنه بنظام مرتبط به مدار من قبل المتطرفين ليحول بذلك سوريا الى محافظة تركية حسب حلمه في استعادة حدود الميثاق المللي للدولة التركية ، و حينما فشلت داعش و النصرة و باقي الفصائل في تحقيق هذا المشروع نتيجة المقاومة الشديدة من مختلف اطياف الشعب السوري في شمال و شرق سوريا و نتيجة التدخل الدولي اضطر أردوغان لأن يدخل المعركة بشكل مباشر مستخدما في سبيل ذلك كل طاقات تركيا العسكرية و السياسية و الدبلوماسية.

اليوم أصبحت اللعبة أكثر خطرا ، ذلك أن داعش كان تنظيما يفتقر للشرعية الدولية ، فكان من السهل بمكان تطوير تحالف دولي ضده، أما أردوغان فيمتلك الشرعية الدولية ، و داعش الذي كان تنظيما إرهابيا أصبح اليوم قوة شرعية بعد أن أعاد أردوغان إعادة تنظيمه و إلباسه حلة جديدة تحت عباءته و ما فقده داعش من مساحات جغرافية بالأمس يقوم أردوغان باستعادتها اليوم و ما فشل داعش في تحقيقه يتولى اليوم أردوغان تحقيقه، لذا ليس من المبالغة القول بأن داعش اليوم يطل علينا بهوية جديدة متجسدة في الحكومة التركية بقيادة أردوغان. 
عدم انسحاب القوات التركية لحد الآن من مدينة بعشيقة العراقية المجاورة للموصل و إرسال الاستخبارات التركية الاسلحة للفصائل المتطرفة و الداعشية في ليبيا و إعلانها حرب الإبادة ضد الكرد كلها تصب في مصلحة التوصيف أعلاه.

حلم داعش الذي تم وأده في بناء ( الخلافة الإسلامية) يريد أردوغان تحقيقه، و استهداف الجيش التركي الأماكن المحيطة بالسجون التي تحوي عناصر معتقلين لداعش عند البدء بشن الهجوم على شمال و شرق سوريا كان هدفه فتح المجال أمام تلك العناصر للهرب فيتم استخدامهم من قبل تركيا ضد قسد و فيما بعد كورقة ضغط ضد العالم أجمع و على رأسها أوروربا .

في عملية نبع الدم و الارهاب اتبع الجيش التركي و مرتزقته سيرة داعش الأولى ، اعدامات ميدانية للمدنيين العزل و المفاخرة بها أمام الكاميرات ، استخدام الاسلحة المحرمة دوليا ، و حمل شعارات و رموز لا تختلف عن شعارات و رموز داعش و يبقى الفرق الوحيد في أن داعش كان على قائمة الإرهاب دوليا في حين أن الجيش التركي يمتلك الشرعية الدولية.

كل ذلك لا يعني بأن أردوغان قد نجح أو سينجح في مسعاه. أشبّهُ وضع اردوغان اليوم بوضع صدام عندما اجتاح الكويت أو وضع هتلر عندما غزا أوروبا و حاول الاستيلاء على الاتحاد السوفييتي ما حدا بالعالم أجمع الى التوحد ضدهما ، و كانت بداية نهايتهما. أردوغان اليوم يسرّع أكثر في نهايته و ربما يعود سبب توحشه الى شعوره بانتهاء صلاحية استخدامه.
حلبجة و الانفال جعلتا القضية الكردية في العراق قضية دولية و اليوم جعل أردوغان القضية الكردية في سوريا قضية دولية بشنه حرب الابادة ضد الكرد و محاولة اقتطاع أجزاء من الارض السورية ، و من يرى بان أردوغان انما فقط يستهدف الكرد و يشكل خطرا عليهم فقط هو واهم و ينطلق من تقييم سطحي أو ناقص . اردوغان خطر على كل المنطقة ، لا بل على العالم أجمع لأنه إنسان مارق و يمكن أن يضحي بكل شيء في سبيل تحقيق مطامعه.

لكن الجدير بالذكر بأن العالم أجمع تعرف على حقيقته واذا ما استمر الموقف الدولي و رد الفعل العالمي بنفس الزخم من هجوم أردوغان على شمال و شرق سوريا فإن استمرار أردوغان في هجومه سيكون آخر مسمار يدق في نعش سلطته.