الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر خليفة يكتب: ربما كنت فداءً لغيرك يا محمود

صدى البلد

لا نقول في الحكم الذي صدر في حق قتلة الشاب محمود البنا - الذي راح ضحية البلطجة والفتونة والاستناد بالمال والجاه والسلطة - أنه ظالم أو غير عادل فأنا ممن لا يشُكون في نزاهة القضاء المصري وعدله ورحمة قضاته، فهذا القانون مرتبط بقوانين منظمة الطفل "الدولية"، وليست صناعة مصرية، ولم توضع خصيصا لمحمد راجح لكي ينفد من العقاب بسلطان أهله لكن نفد بسلطان قانون الأحداث الذي يطبق على الجميع .. فلا تعقيب على حكم القضاء، فالقاضي الذي حكم هو مصري له مشاعر المصريين وتعاطفهم مع الضحية لكنه "محكوم وملتزم " بنص قانون أضطره لهذا الحكم. 

لم تكن القضية بسيطة ولم تكن هينة وإن كان الضحية فرد واحد فهو يمثل مجتمع بأثره، مجتمع أصبح يعاني من أمثال محمد راجح وعصابته وفكره وسلوكياته الفاجرة وتبجحه وطولة أسرته على من حوله بأقبح الألفاظ ، محمد راجح نموذج لإستعراض القوة والفتونة والبلطجة، فلم يكن من بلطجية المحرومين من المنحرفين سكان الخرابات والعشوائيات والظلومات الذين يهجمون على الضحية ويسرقونه كي يشترون الحشيش ولزوم المزاج،! - ولو قاومته الضحية قتلها وربما اغتصبها- ! بل كان راجح من بلطجية النخبة الغنية الميسورة الحال -مالا وسلطة- كما قال والد محمود عن راجح أن الأخير له سوابق ؛ ضحايا كثيرون وكثيرات، وفي كل مرة يخرج منها وكأن شيئا لم يكن مستندا على ظهر أهله المتين ! .. 

عندما نكتب وندين ونشجب أعراض -وبشدة- ما حدث؛ ليس أتعامل لأحد، لكن خوفا من أن يتحول كثير من الناس في مجتمعنا، وفي مناطق مختلفة لمجرد كائن ضعيف مهان مكسور يعيش مهددا تحت رحمة "بلطجية الجوع وبلطجية الشبع" على حد سواء ..

حادثة "راجح والبنا" ليست الأولى من نوعها، ونتمنى على الله أن تكون الأخيرة ..

لقد حظي محمود البنا بكم كثير من دعوات الناس - رجال ونساء آباء وأمهات أولاد وبنات- له بالرحمة، ربما لم يحظ كثيرون بها من أبطال لهم باعٌ كبير في الشهامة وفي العطاء وخدمة المجتمع في مجالات كثيرة، وسيظل محمود معطوفًا عليه ساكنًا لقلوب الكثيرين من المصريين، تعاطفا معه ومع والديه المكلومين، فبطبعهم ينبذون العنف والدم الحرام والقتل والإرهاب والإجرام فهو شعب عاطفي بالفطرة والسجية فكان من الطبيعي أن تثور مشاعره وأحاسيسه ودموعه وسخطهم على راجح وأمثاله ، وكأن محمود ابن كل أسرة مصرية وأخ لكل بنت وولد.
 
صدر الحكم وانتهت القضية في الأرض لكنها مرفوعة في "محكمة العدل الإلهية" فالله يمهل ولا يهمل . ولا ندري أي حكمة إلهية فيما حدث وفيما آلت إليه الواقعة.. ربما كانت دماء محمود البنا جرس إنذار وناقوس خطر لما هو آت، وتنبيه شديد القسوة لما هو حاصل بالفعل ! ربما كانت دماء محمود فداءا لحياة أهل المنطقة التي كان راجح يهددها، ويهدد شرف بناتها ليل نهار! ربما كانت دماء محمود سببا في تعديل قانون سن الطفل لينال العقاب الذي يستحقه حسب عمره وسنه .! ربما كانت دماء محمود سببا في مراجعة الخطاب التربوي داخل الأسر الثرية، ليُعَلموا أولادهم أن دماء الآخرين حرام حرام، وانها غالية وعزيزة على قلب أصحابها ! ربما كانت دماء محمود سببا للطرق على أبواب ضمائر المسؤلين عن الأعمال الفنية المفسدة، التي أفسدت عقول ونفوس الشباب، وبثت فيهم روح البلطجة والعنف، فدمرت أخلاقهم وسلوكياتهم وإنسانيتهم ..! 

وربما يمر الحدث وكأن شيئا لم يكن !، ليصبح محمود البنا مجرد سطر في ذاكرة بعض الناس سيطويه النسيان آجلا ! وعلى المتضرر اللجوء للسماء .

ولله في خلقه شؤون وفي قضائه وقدره حِكم لا يعلمها إلا هو ،،،.

حفظ الله أبناءكم وبناتكم من كل سوء ومن كل مكروه .