الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميسره السيد تكتب: تجربتي مع سرطان الضمير

صدى البلد

ساعات، أيام، وأشهر عصيبة مرت لم أستطع خلالهم الكتابة رغم عدة محاولات بائسة، وفي الحقيقة لم يكن الأمر بكامل إرادتي بل فُرض علي من قِبل الأمر الواقع، وعقب حوالي 2880 ساعة من التفكير، فقد قررت أن أكسر حاجز صمتي وأفصح عن تجربتي مع سرطان الضمير في محاولة مني لإراحة ضميري، وتبرئة ذمتي أمام الله يوم الحساب.

وقبيل سرد الأحداث، يُلزم التنويه باتباعي كافة السبل المتاحة بالإضافة إلى مخاطبة الجهات المعنية؛ لإيقاف هذا الداء اللعين الذي أصاب الضمائر وأهان عقول البشر، لكن لم يحدث أي شيء يذكر وبالتالي نفذت جل الحلول الممكنة، ولم يتبق لي سوى الكتابة- ذلك الملجأ الآمن الذي دومًا يشعرني بالحرية والطمأنينة حينما يعجز لساني عن التعبير.

فمثل أي مواطن مُحب لوطنه، داعم لدولته، ويأمل بمستقبل أفضل لبلاده، اتخذت قراري بضرورة إصلاح الذات، ومن ثم محاولة إصلاح المجتمع، تعهدتُ لذاتي بأن أنصر المظلوم وأساند الفقير مهما كان الثمن، وظللتُ على موقفي إلى أن جاء يوم ليلهُ شديد الظلمة لم يسطع النهار من بعده.

( تنويه: إيمانًا مني بأهمية التجربة وعدم إغفال أي جزء أو حدث منها، فقد تقرر نشرها على جزأين حتى يتثنى للقارئ المعرفة الكاملة للأحداث، ولكن مع التحفظ على أسماء الجهات المعنية والأشخاص المنوطة بالقضية)

تبدأ أحداث القصة منذ حوالي ثلاثة أشهر إبان تواجدي بالقاهرة، وخلال تلك الفترة عَلمت أن أحد الأشخاص استغل وهن الضمائر وشرع في سرقة أموال الشعب مُستغلًا الثغرات القانونية، فحينها لم أشعر بذاتي، وترددٌ على مسامعي كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ضرورة التصدي ومكافحة الفساد، إضافة إلى صوت آخر نبع من داخلي يحثني على أهمية المواجهة، والدفاع عن حق الوطن، فلمَ الخوف ونحن في دولة استطاعت سجن رؤساء، وزراء، محافظين، وغيرهم، ومن هنا قررت أن أبدأ رحلتي معلنة التحدي لجميع من حولي، لكنها لم تنته بعد..

تالله لازلت أتذكر الأحداث بالتفاصيل، وكأن الذي حدث كان بالأمس، ففي يوم الخميس الموافق 18 - 7- 2019، في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحًا خرجت من غرفتي وتوجهت إلى إحدى الوزارات الكامنة بأحد الأحياء المشهورة بمدينة القاهرة عقب مباحثات مع عددٍ من المواطنين عن العنوان اعتقادًا مني بأنها الوزارة المنوطة بالأمر، كانت الساعة العاشرة تقريبًا حين وطأت قدمي لأول مرة ذلك المكان، قبلها بدقائق معدودة كان/ ت الوزير/ ة قد وصل/ت المكتب وعلى أهبة الاستعداد لعقد اجتماع ما، انتابني شعور بالغبطة حينها لأنني اعتقدت أنني سأقابل المسؤول /ة إن لزم الأمر وأن الموضوع سيتم حله بأسرع ما يمكن، ولكن تأتي الرياح دومًا بما لا تشتهي السفن ففوجئت ببيروقراطية وتدني في المعاملة شديد من قبل موظف الاستقبال حتى عندما قصصت له الموضوع، فكان رده شديد الجفاء وقال لي: " نحن هنا لسنا الجهة المنوطة، فلتذهبي إلى منطقة (أل)"، - صدقًا حتى يومنا هذا لا أعلم كيف لتلك الوزارة تحديدًا أن تكون غير منوطة بالرقابة على أموالها -، ورغم عدم معرفتي الكاملة بالقاهرة وضواحيها إلا أنني قررت بالفعل إكمال المسيرة وتوجهت إلى المنطقة التي كان من المفترض مساعدتي في استرجاع حق الدولة، لكن لا جديد يذكر، فالمعاملة واحدة، حتى أن مسؤولي المبنى الأول أرسلوني إلى مسؤولى المبنى الثاني، فرجعوني مرة أخرى إلى المبنى الأول، لأنه كلما عرف أحدهم قصتي يتغير وجهه ويظل يقول:" لا نحن غير منوطين بأمر هذه المسألة، فلتذهبي إلى المبنى الآخر"، وفى نهاية ذلك العبث قصدت المبنى الصحيح وتوجهت إلى الدور الثاني، مرت ساعة كاملة دون أن يحدث شيئ، ومن هذا المكتب لذاك المكتب، ومن الدور الثاني للدور الثالث حتى قابلت موظفة وسردت لها الأحداث وقلت لها:" أنا لا أطلب شيئ، أنا هنا لاستعادة حق الدولة..ساعدوني"، لكنها لم تتعاطف معي ولم تقل أي جديد حتى بعد أن أخبرتها بأنني أمتلك رقم هوية الشخص الجاني ومن خلاله يمكننا وقف عملية فساده لكنها قالت:" نحن هنا في القاهرة، فلتذهبي إلى الإسكندرية وهناك يمكنهم حل الموضوع"، - يا سيدتي أنا هنا في القاهرة لقلة حيلتي ولتواطؤ بعض الجهات في الإسكندرية مع ذلك الجاني أو بالأدق مع الجناه -، ولا أعلم لماذا تعامل معي الموظفين بالصوت العالي وعدم المبالاة، فبسبب موقفي أصبحت ظالمة ولم يرغب أحد في مساعدتي، وبالنهاية دومًا يقال :" نحن هنا لسنا الجهة المنوطة"

يتبع،،،