الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها.. الإفتاء تجيب

إلزام الزوجة بالسفر
إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها

حكم إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها.. قالت دار الإفتاء المصرية، إن الفقهاء اختلفوا فى حكم إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها، موضحةً أن خلافهم في هذه المسألة دائرٌ إباحةً وحظرًا مع المصلحة كيفما دارت.

وأوضحت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «ما حكم إلزام الزوجة بالسفر مع زوجها»، أن سفر الزوجة مع زوجها مشروط بألَّا يكون في السفر إضرارٌ بالزوجة، كما يعتمد أيضًا على العرف الجاري، والضرورة القائمة، وطبيعة عمل الزوج، وعلى مدى فساد الزمان أو صلاحه.

وأضافت أنه يلزم أيضًا أن تأمن الزوجة في السفر وفي الإقامة في البلد التي يكون الزوج فيها، ولا بد أن يكون الزوج مأمونًا على الزوجة في نفسها ومالها، وأن يكون المسكن المراد نقلُها إليه مستوفيًا لشرائط المسكن الشرعي للزوجة؛ بأن يكون مستقلًّا، خاليًا من سكني الغير، بين جيران صالحين.

وذكرت قول العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق": [وإذا أوفاها مهرها، أو كان كلُّه مؤجلًا، ينقلها حيث شاء؛ لقوله تعالى: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ»، [الطلاق: 6]، وكذلك إذا دخل بها برضاها عندهما؛ لسقوط حق الحبس، وعند أبي حنيفة: ليس له ذلك؛ لبقائه، وكان أبو القاسم الصفار يفتي بقول أبي حنيفة في المنع من السفر، وبقولهما في عدم المنع من الوطء، وقيل: لا يخرجها إلى بلد غير بلدها إلا برضاها؛ لأن الغربة تُؤذِي إذا لم يكن لها فيها عشيرة، واختاره أبو الليث، وقال صاحب "ملتقى البحار": وأفتي أنا بأنه يتمكن من نقلها إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونًا، ولا يمكَّن منه إذا أوفاها المعجل دون المؤجل؛ لأنها لا ترضى بالتأجيل إذا أخرجها إلى بلاد الغربة؛ لعلمها أن الغربة تؤذي].

وتابعت " وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" [الذي حط عليه كلام البزازي: تفويض الأمر إلى المفتي؛ فإنه قال: وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك؛ لأن الغريب يؤذَى ويتضرر لفساد الزمان؛ فما أذل الغريب ما أشقاه ... كل يوم يهينه من يراه؛ كذا اختار الفقيه وبه يفتَى، وقال القاضي: قولُ الله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ أَوْلَى مِن قول الفقيه، قيل: قولُه تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ﴾ [الطلاق: 6] في آخره دليل قول الفقيه؛ لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارةً قطعية في الاغتراب بها، واختار في "الفصول" قولَ القاضي، فيفتي بما يقع عنده من المضارة وعدمها؛ لأن المفتي إنما يفتي بحسب ما يقع عنده من المصلحة.

وواصلت أن قوله : فيفتي إلخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي، وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسئول عن الحادثة، وأنه لا ينبغي طردُ الإفتاء بواحد من القولين على الإطلاق، فقد يكون الزوج غيرَ مأمون عليها يريد نقلها مِن بين أهلها ليؤذيَها أو يأخذ مالها، بل نقل بعضهم أن رجلًا سافر بزوجته وادعى أنها أَمته وباعها، فمن علم منه المفتي شيئًا من ذلك لا يحلُّ له أن يفتيه بـ"ظاهر الرواية"؛ لأنا نعلم يقينًا أن الإمام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة.

واستكملت أنه قد يتفق تزوجُ غريبٍ امرأةً غريبةً في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش، فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها، بل قد يريد نقلها إلى بلدها، فكيف يجوز العدولُ عن "ظاهر الرواية" في الصورةِ والحالُ أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه، بل وجد الضررُ للزوج دونها، فنعلم يقينًا أيضًا أن من أفتى بخلاف "ظاهر الرواية" لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة، ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حجَّ وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت! فتعين تفويضُ الأمر إلى المفتي، وليس هذا خاصًّا بهذه المسألة، بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في بلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك].