الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أرقام وصفات في حياة خير البشر.. لقب بالأمين.. وتزوج وعمره 25 عاما من خديجة.. وهاجر إلى المدينة المنورة عام 622م وهو في الـ 53 من عمره.. كان مربوعا ليس بالطويل ولا بالقصير

المولد النبوي
المولد النبوي

  • في ذكرى مولده
  • أنجب من خديجة كل أولاده باستثناء إبراهيم
  • زوجات النبي يُعرفن في الإسلام بأمهات المؤمنين
  • لم يسجد لصنم قطّ رغم انتشار ذلك في قريش

تحل علينا اليوم، السبت، ذكرى مولد النبي الكريم، مُحَمَّد بنِ عَبد الله بنِ عَبدِ المُطَّلِب النبى الخاتم ورسول الله للبشرية الذي ترك أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، وكثرت مظاهر محبّتهم وتعظيمهم له باتباعهم لأمره وأسلوب حياته وتعبده لله، واحتفالهم بمولده في شهر ربيع الأول، وقيامهم بحفظ أقواله وأفعاله وصفاته، وجمع ذلك في كتب عُرفت بكتب السّيرة والحديث النبوي، ونزل عليه أعظم كتاب على وجه الأرض وهو القرآن الكريم.

وُلد في مكة في شهر ربيع الأول من عام الفيل قبل ثلاث وخمسين سنة من الهجرة، ما يوافق سنة 570 أو 571 ميلاديًا، ولد يتيم الأب، وفقد أمه في سنّ مبكرة فتربى في كنف جده عبد المطلب، ثم من بعده عمه أبي طالب حيث ترعرع، وكان في تلك الفترة يعمل بالرعي ثم بالتجارة.

لُقّب محمد في مكة بـ"الأمين"، فكان الناس يودعون أماناتهم عنده، كما عُرف عنه أنه لم يسجد لصنم قطّ، رغم أنتشار ذلك في قريش، ولم يشارك شبابهم في لهوهم ولعبهم، وإنما كان يشارك كبراءهم في حربهم ومساعدتهم بعضًا بعضًا.

عرضت عليه السيدة خديجة بنت خويلد أن يخرج بمالها إلى الشام متاجرًا وتعطيه أفضلَ ما كانت تعطي غيره من التجّار، فقبل وخرج ومعه غلامها "ميسرة"، وكان ميسرة إذا اشتد الحرّ يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره، فلما أقبل عائدًا إلى مكة قدم على خديجة بمالها وقد ربحت ضعف ما كانت تربح، بعد ذلك عرضت خديجة عليه الزواج، وكانت خديجة أول امرأة تزوجها محمد ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت بعد ما بقيت معه خمسًا وعشرين سنة، عشرًا بعد المبعث وخمس عشرة قبله.

تزوج في سنِّ الخامسة والعشرين من خديجة بنت خويلد وأنجب منها كل أولاده باستثناء إبراهيم، وكان قبل الإسلام يرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية التي كانت منتشرة في مكة، نزل عليه الوحى وكُلّف بالرسالة وهو ذو أربعين سنة، أمر بالدعوة سرًا لثلاث سنوات، قضى بعدهنّ عشر سنوات أُخَر في مكة مجاهرًا بدعوة أهلها، وكل من يرد إليها من التجار والحجيج وغيرهم.

زوجات "محمد" يُعرفن في الإسلام بأمهات المؤمنين، وقد اختُلف في عدد زوجات النبي اللاتي دَخَل بهنّ على قولين؛ أنهنّ اثنتا عشر أو إحدى عشر، وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين، فالمتَّفق عليه من زوجاته إحدى عشرة، القرشيات منهنّ ست، هن: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة، والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث، وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل، وتبقى مارية القبطية وهي من مصر، وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي هو عن تسع نسوة.

كان للنبى الكريم من الأولاد ثلاثة بنين وأربع بنات، جميعهم من زوجته خديجة إلا إبراهيم فهو من مارية، وكل أولاده ماتوا في حياته إلا فاطمة فإنها توفيت بعده، وأولاده البنين هم: القاسم (وبه يُكنّى، توفي وعمره عامان) وعبد الله (الطّيّب الطاهر) وإبراهيم (عاش في المدينة سنة ونصف)، وأما البنات فهنّ: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. أما زينب فقد تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع قبل الهجرة، وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان الواحدة بعد الأخرى، وأما فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب بين بدر وأحد، وليس في بناته من كانت لها ذرية إلا ما كان من ذرية فاطمة، فكان لها الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.

كان فخمًا مفخمًا، مربوعًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب، ولم يكن يماشي أحدًا إلا طاله، وقد كان أزهر اللون، ليس بالأبيض الأمهق، ولا بالأسمر، كان ضخم الرأس، عظيم الهامة، شديد سواد الشعر، ولم يكن شعره شديد الجعودة ولا مرسل، بل كان فيه تثن قليل، وقد كان كثّ اللحية.

هاجر إلى المدينة المنورة والمسماة يثرب آنذاك عام 622م، وهو في الثالثة والخمسين من عمره بعد أن تآمر عليه سادات قريش ممن عارضوا دعوته وسعوا إلى قتله، فعاش فيها عشر سنين أُخر داعيًا إلى الإسلام، وأسس بها نواة الحضارة الإسلامية، التي توسعت لاحقًا وشملت مكة وكل المدن والقبائل العربية، حيث وحَّد العرب لأول مرة على ديانة توحيدية ودولة موحدة، ودعا لنبذ العنصرية والعصبية القبلية.

دخل المدينة يوم الجمعة 12 ربيع الأول، سنة 1 هـ ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول بعدما كانت يثرب، ويعبّر عنها بالمدينة مختصرًا أو المدينة المنورة.

واتّخذ عمر بن الخطاب من مناسبة الهجرة بداية التاريخ الإسلامي، لكنهم أخّروا ذلك من ربيع الأول إلى محرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في محرم، إذ كانت بيعة العقبة الثانية في أثناء ذي الحجة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فكان بداية التاريخ الإسلامي والمسمى التقويم الهجري [34]، بينما يرى الشيعة أن التاريخ الهجري قد وُضع في زمن محمد، وقد أرّخ به محمد نفسه أكثر من مرة.

معجزاته
أجمع المفسرون وأهل السنة من المسلمين على وقوع معجزة انشقاق القمر لأجل النبي محمد، كإحدى المعجزات الباهرات، وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، قال عبد الله بن مسعود «انشق القمر على عهد رسول الله فرقتين؛ فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله: «اشهدوا».

نبوع الماء من بين أصابعه
يروي أنس بن مالك أحد تلك الحوادث قائلًا: «رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر، فالتمس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله بوضوء، فوضع رسول الله يده في ذلك الإناء، فأمر الناس أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم».

حديثه مع الحيوانات والجمادات
منها حنين الجذع الذي كان يخطب عليه حين اتخذ المنبر، فاحتضنه وكلّمه، وقال «لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة»، أما معجزاته مع الحيوانات، فمن ذلك قصة البعير الذي اشتكا لمحمد كثرة العمل وقلة العلف، والجمل الذي بكى حين رأى محمدًا وشكا إليه أن صاحبه يجيعه، وجمل آخر يُقبِل على محمد ويخرّ ساجدًا بين يديه بعد أن استصعب على صاحبه.

إبراؤه المرضى وذوي العاهات

من ذلك ما رُوي يوم أحد من ردّه عين الصحابي قتادة بن النعمان إلى مكانها بعد أن سالت حدقته على وجنته حتى عادت إلى حالها فكانت أحسن عينيه، ونفثه في عين علي بن ابي طالب وقت غزوة خيبر عندما كان أرمد لا يكاد يبصر، وخبر عثمان بن حنيف أنّ رجلًا ضريرًا جاء محمدًا يريد كشف بصره، فعلّمه أن يقول «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي»، فأصبح ذلك الرجل بصيرًا.

جانب من حياته
يروي صحابته عنه أنه كان أحلم الناس وأشجع الناس وأعدل الناس وأعف الناس وأسخى الناس، لا يبيت عنده دينار ولا درهم، وكان يخصف النعل ويرقع الثوب، وما عاب مضجعًا، إن فرشوا له اضطجع وإن لم يُفرَش له اضطجع على الأرض، يمزح ولا يقول إلا حقًا، يضحك من غير قهقهة. وكان لا يثبت بصره في وجه أحد، وكان يقبل الهدية ويكافيء عليها، ولا يأكل الصدقة، يجيب الوليمة، ويعود مرضى مساكين المسلمين وضعفائهم، ويجالسهم ويؤاكلهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره، وكان يمشي وحده بين أعدائه بلا حارس، يقبل معذرة المعتذر إليه.

وما شَتَم أحدًا من المؤمنين، وكان لا يصارح أحدًا بما يكرهه، وما ضرب شيئًا قط بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما انتقم من شيء صُنع إليه قط إلا أن تُنتَهك حرمة الله، وما خُيّر بين أمرين قطّ إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه إثم أو قطيعة رحم.

وكان أبعد الناس غضبًا وأسرعهم رضًا، وكان يبدأ من لقيه بالسلام، وكان يمرّ على الصبيان فيسلم عليهم، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله، وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعًا ويمسك بيديه عليهما شبه الحبوة، وما رُؤي قطّ مادًا رجليه بين أصحابه إلا أن يكون المكان واسعًا لا ضيق فيه، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة، ولم تكن تُرفَع في مجلسه الأصوات، وكان لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال‏ "لبيك"، ولا يُسأل شيئًا إلا أعطاه، وكان يجلس بين أصحابه مختلطًا بهم كأنه أحدهم، وكان أصحابه لا يقومون له لما عرفوا من كراهته لذلك، وكان أكثر الناس تبسمًا وضحكًا في وجوه أصحابه، وكان يأكل مما يليه ويأكل بأصابعه الثلاث وربما استعان بالرابعة، وكان أحب الفواكه إليه البطيخ والعنب، وكان أكثر طعامه الماء والتمر، وكان أحب الطعام إليه اللحم، وكان يحب من الشاة الذراع، وكان لا يأكل الثوم ولا البصل، وكان يعصب الحجر على بطنه مرة من الجوع.

وفاته
لما كان يوم الاثنين الذي توفي فيه، بعد 13 يومًا على مرضه، خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح ففرحوا به، ثم رجع فاضطجع في حجر عائشة بنت أبي بكر، فتُوفي وهو يقول «بل الرفيق الأعلى من الجنة» وجاء أبو بكر مسرعًا فكشف عن وجهه وقبّله، وقال «بأبي أنت وأمّي، طبتَ حيًا وميّتًا»، ثم خرج وخطب بالنّاس قائلًا: «ألا من كان يعبد محمدًا، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت»، وقرأ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ قيل «فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ»، وقالت ابنته فاطمة الزهراء «يا أبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه».