الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد سلام يكتب : مقدمات زيارة القدس

صدى البلد

الرئيس السادات في مجلس الشعب 9 نوفمبر 1977. المناسبة افتتاح الدورة البرلمانية وهو التقليد المتواتر في الحياة النيابية.. ولكن هذه الدورة تختلف لأن خطاب الرئيس أثار ردود أفعال مقترنة بذهول لأن الرئيس السادات وفي حضور ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الذي وقر أن دعوته لجلسة مجلس الشعب لم تكن من فراغ عندما تكشف أن حديث السادات كان مقدمة لحديث آخر هو حديث مبادرة السلام التي استلزمت زيارة القدس عشية عيد الأضحى المبارك 19نوفمبر 1977.!

الرئيس السادات يجاهر في مجلس الشعب قائلا:
"وستدهش إسرائيل عندما تسمعني الآن أقول أمامكم .. أنني مستعد أن أذهب إلي بيتهم .. إلي الكنيست ذاته ومناقشتهم..!".

قراءة المشهد استوقف المرحوم علي حمدي الجمال رئيس تحرير الأهرام الذي اتصل مستفسرا برئاسة الجمهورية عن الأمر وهل يبرز ماذكره الرئيس عن زيارة القدس أم أن الأمر مجرد حديث عابر !

الأمر إذا يقين . الرئيس قد عقد العزم وبعد أيام حطت طائرته مطار بن جوريون وكانت زيارة القدس التي مهدت لسلام مع الدولة العبرية قوبل بعاصفة من الغضب وصلت لمقاطعة الدول العربية واتهامات بالخيانة لرئيس قرأ الأرض وشرع في استرداد سيناء وتفاوض لأجلها بالتزامن مع حديث عن الأراضي العربية المحتلة وهو ما إنتهي إلي تفاوض أسفر عن عودة سيناء بعد رفض منظمة التحرير الفلسطينية للأمر وكذا سوريا فيما يتعلق بالجولان.

الرئيس السادات في الكنيست الإسرائيلي يخاطب العدو في عقر داره بعد نصر مؤزر في أكتوبر سنة 1973 واليقين أنه لولا النصر ماكان السلام خيار مصر الاضطراري في ظل يقين ساداتي بأن حرب اكتوبر كانت حرب تحريك وليس حرب تحرير وأن 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية التي استضافت الرئيس السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيجين والمحصلة معاهدة سلام أعقبت اتفاقيات كامب ديفيد وفي النهاية عادت سيناء لمصر كاملة عام 1982 عدا طابا التي عادت بعدها من خلال التحكيم الدولي .

الرئيس السادات يطلق قنبلة مدوية في مجلس الشعب في ظل الظن بأنها حيلة من حيله المعهودة لإحراج إسرائيل أمام العالم ليتكشف بعدها أن الأمر بداية لاستعادة سيناء بالدهاء الفطري لرئيس سبق عصره ويكفي القول بأن الجولان لم تزل محتلة. إسرائيل تخطط لضمها نهائيا وفلسطين محتلة ولا أثر لدولة فلسطينية بمفهوم الدولة وقد رضخ ياسر عرفات ليرتضي بتفاهمات أوسلو رغم أن الاعلام الفلسطينية قد وضعت بجوار الاعلام المصرية والإسرائيلية في فندق مينا هاوس وقتها كان يمكن التحصل من إسرائيل على ما استحال بعد عصر السادات الذي رحل شهيدا بعد تحرير الأرض.

اثنان واربعون عاما علي مقدمات زيارة القدس .. الرئيس السادات أمير الدهاء في زمن لايعترف إلا بالاقوياء ويكفيه تحرير الأرض وتحمل ما تنوء به الجبال في سبيل استعادة أرض كانت مرتهنة تحت قوة السلاح بعدما وقر لديه أن إسرائيل لن تلقي في البحر بالخطب العنترية ولحين بلوغ القوة فقد كان لزاما ولوج طريق السلام وللأسف الشديد لم يسلم من سباب الاشاوس والمغاوير في وطن عربي واهن لايجيد إلا الكلام .!