الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غادة حسن تكتب : الخطوة الثانية .. اسأل عن السبب

صدى البلد

محمود هولمز
محمود........ ماذا تفعل الآن نظر محمود بخجل لمعلمته قائلًا ألعب بقصاصات الورق......
نظرت له المعلمة وهى تضع يدها على رأسه قائلة وماذا يجب أن تفعل الآن يا صغيري.....!
نظر محمود لها بخجل قائلًا لابد أن أنتبه لحديثك أليس كذلك......... نعم كذلك.
 
أرجو منك الانتباه وإنما ستعاقب بعدم خروجك للعب وقت الراحة مع زملائك. عليك الاختيار إما اللعب الآن أثناء حديثي أو اللعب مع الأصحاب وقت الراحة ما رأيك...؟

ضحك محمود قائلًا سأنتبه لما أفعل وذلك مرة أخرى ، استكملت المعلمة حديثها وجميع أولادها ينظرون لها باهتمام إلى أن سمعت صوت انفجار من داخل الفصل فنظرت المعلمة للأولاد وبعيون يملؤها الغضب والحيرة أتوقع ان الصوت الذي سمعناه منذ قليل هو صوت فرقعة باللون أليس كذلك..!! من منكم يوافقني على هذا التخمين.......... !! أجابت مجموعة الزهور نعم يا أستاذة منى........ سكتت المعلمة لثوان ثم قالت كما أظن أيضًا أن الصوت يأتي من ناحية مجموعة العصافير أليس كذلك ؟ .

أجابت مجموعة العصافير نعم كذلك لقد أخذ صلاح باللون محمود وقام بفرقعته أثناء انشغاله بتقطيع الورق ولذلك صدر هذا الصوت.......
لم يكمل الأولاد حديثهم ودق جرس الراحة وسمعوا صوت زملائهم يقولون هاهاها فرحًا بوقت الراحة والمعلمة تقول بحسم الأطفال كلهم سيذهبون للحديقة أما مجموعة العصافير بأكملها ستجلس بالصف وليس اليوم فقط بل لمدة 3 أيام حتى يتعلموا كيف يلتزمون بالأدب للعب وظلت مجموعة العصافير في الصف تنظر لمحمود وصلاح بلوم لأنه هو السبب في هذا العقاب الجماعي لهم...

انتهى اليوم ولم تنته متاعب الأولاد ليأتي اليوم التالي ودخلت المعلمة الصف لتبدأ اليوم بصراخ عماد أين قلمي الملون أنا متأكد أنى جئت به من البيت لابد أنه ضاع منى هنا أين قلمي..... عماد يصرخ والمعلمة تنادى بحسم عماد لماذا تصرخ ، أجاب عماد وهو يخبط على المنضدة بيده ضاع قلمي الملون هنا ولا أدرى أين هو...... ؟؟

المعلمة بهدوء :- وماذا يجب عليك أن تفعل في مثل هذا الموقف الصراخ هو الحل.؟
عماد : بحثت عنه ولم أجده.
المعلمة : فلنبحث عنه وليساعدنا أصدقاؤك في العثور عليه ومن يجده له عندي مكافأة، ابدأ البحث مع أصحابك وقد تتعرض للعقاب على صوتك العالي اتفقنا.

مجموعة العصافير كلها تبحث عن القلم الضائع بدون نتيجة وعماد متأكد انه ضائع في الصف.
إذن لابد من الحيلة الذكية لمعرفة مكان القلم والفوز بجائزة المعلمة هذا ما كان يدور برأس محمود المشاغب الذكي....
حان وقت الراحة والقلم ما زال ضائعا وعماد لم يكف عن البكاء... خرج محمود لحجرة المعلمة ليهمس في أذنها قائلًا معلمتي لا بد من أحد أصدقائنا لأي سبب لأن عماد متأكد أنه جاء به معه من البيت إذن فلنرسم ونلون صورة للبحر واطلبي من الأولاد باللون الأزرق واختاري أفضل لون أزرق وقتها ستعرفين من أخذ القلم لأنه متعدد الألوان وبه لون ازرق مميز وسوف نعرف من اخذ القلم......
بالفعل دخلت المعلمة الصف وقالت للأولاد ما رأيكم لو أجرينا مسابقة أحسن تلوين نلون صورة للبحر وأفضل تلوين يفوز بالجائزة الأولى.

يبدأ الأولاد بالتلوين ويقومون بعرض الصورة على المعلم والمعلمة تضع بجوارها صور عماد السابقة وتقارن الألوان باللون الأزرق في كراسة عماد والألوان غير متشابهة إلى أن جاءت كراسة صلاح بها نفس اللون مما جعل المعلمة تندهش وتحدث نفسها لماذا يفعل صلاح هكذا فصلاح لديه الكثير من الألوان وليس بحاجة لأخذ ألوان عماد لا بد أن هناك سببا آخر ضمت المعلمة عماد بين ذراعيها قائلة له في هذا البحر الكبير سمكة صغيرة أخذت ألوان صديقتها يا هل ترى لماذا فعلت ذلك؟؟؟

قال صلاح بكل حماس لابد أنها أخذت بالونتها وأعطتها لأصدقائها ليفرقوعها وتخسرها لذلك أخذت ألوانها لتنتقم منها.......!!
المعلمة : وهل من المفروض أن تعاقبها هي أم تحتكم للمعلمة ؟ أو لو علمت المعلمة بأنها أخذت منها الألوان هل سيعرضها للعقاب أم لا ؟.

صلاح بخجل :...... نعم ولكن ماذا يجب أن نفعل في هذه السمكة ؟.
المعلمة : لابد للسمكة أن ترد الألوان لصديقتها ثم تعاقب صديقتها على أخذ بالونتها التحكيم للمعلمة أليس هذا أفضل.....
اقتنع صلاح بكلام المعلمة وعاد إلى مكانه ورمى القلم على الأرض وقال صائحًا عماد وجدت القلم أليس هذا قلمك ها هو !! صاح عماد فرحًا نعم هو توقف صلاح عن الكلام لثوان قائلًا ولكن تذكر أنك أخذت منى بالونه أمشى وأنا غاضب منك واشعر بالألم مثل عندما كنت متألم لضياع ألوانك !!!

خجل عماد للحظات قائلًا معك حق لقد شعرت أمس بالأسف وعندما حكيت لأمي قالت لى لابد من إحضار بالونه لصلاح وها أنا أحضرتها لك اليوم ولكن ضياع القلم شغلني عن إعطائها لك يا صديقي.

تعانق الصديقان وصفق لهم باقى الصف في حين غمزت المعلمة لمحمود وعيونها تقول له الفضل لك يا محمود هولمز.
غالبًا ما لا يشعر الأطفال والمراهقون بما هم يعملونه ويقومون به في وقت من الأوقات ، بل وغالبًا ما يستغرقون فيما يعملون حتى يصبحوا غير واعين بتاتًا تقريبًا لسلوكهم ولما يجري حولهم، ولعل الخطوة الأولى لتذكيرهم وجلب انتباههم إلي ما يعملون هي توجيه السؤال المناسب إليهم عما يقومون به من عمل ، ويمكن توجيه أسئلة كما يلي: (ماذا تفعل يا بني؟) و(ماذا يجب عليك أن تفعل يا بني؟) وسيعلمهم هذا الأسلوب ما يسمى بـ: (الملاحظة الذاتية)، أي يبدأ الطفل بملاحظة ما يفعله وما يدور حوله من أمور، وتعتبر عملية ( الملاحظة الذاتية) مهارة من مهارات التعليم، أي هي مهارة مكتسبة يكتسبها الإنسان بالممارسة والتطبيق العملي والتعلم من الآخرين ، وهي الخطوة الأولى على طريق تعلم عملية (ضبط النفس)، كما سنرى لاحقًا.

كما أن تعليم الأطفال والمراهقين عملية (الملاحظة الذاتية) يساعدهم على معرفة أنهم مسئولون عن سلوكهم وتصرفاتهم ، وهذه هي بداية تعلم هذه المهمة الصعبة، وغالبًا ما يقضي الكبار أوقاتً ليست بالقصيرة في إعلام الطفل والمراهق أن يتوقف عن عمله لحظة ويتفكر بانتباه لما يقوم به من عمل في تلك اللحظة بالذات ، إلا أن عملية (توجيه الأسئلة) هي أكثر فعالية من إخبار الأطفال والمراهقين ما (يجب) عليهم وما (لا يجب) عليهم أن يفعلوه في وقت ما، إن عملية (توجيه الأسئلة) تستدعي التركيز على السلوك ذاته، وبالتالي يصبح الأطفال والمراهقون واعين ومدركين لأنفسهم ولما يفعلون من عمل ، بدلًا من اعتمادهم بشكل كامل على الكبار ليخبروهم بما يجب عليهم أن يفعلوه في كل وقت. 

وعندما يدرك الأطفال والمراهقون أنهم هم المالكون الحقيقيون لسلوكهم وتصرفاتهم، وأنهم هم المسئولون عن نتائجها فعليًا، يصبح من المحتمل جدًا أن يتعاونوا مع الكبار ويطيعوا القواعد ويتبعوا الإرشادات والتعليمات التي تعطى لهم، ومن المساعد والمفيد أيضًا توجيه سؤال إلي الأطفال والمراهقين عما إذا كانوا يوافقون على مقاييس السلوك الضرورية لكل فرد من الأفراد، ثم محاولة الالتزام بها بعد الموافقة عليها، وبعد الموافقة عليها يمكن أن يذكرهم الكبار بضرورة الالتزام بها بتوجيه أسئلة مناسبة عنها مثل : (على ماذا اتفقنا شباب؟) إذ إن هذه الطريقة تساعدهم وتعلمهم إدراك أن القواعد والتعليمات إنما توضع لسبب هام، كما أنها تتيح لهم إدراك أن طاعتهم لتلك الأوامر والتعليمات إنما هي مسؤوليتهم، وليست مسؤولية الشخص الكبير المسئول عنهم فقط.

وعندما يتعلم الأطفال والمراهقون كيفية إدراك الخطأ وأنهم هم المسئولون عن تصرفاتهم وسلوكهم وما يعملون، فيمكن أن يوجه الكبار انتباههم إلي ما يجب عليهم القيام به بشكل سليم ، إن توجيه الأسئلة يجعل التركيز منصبًا على السلوك الصحيح ، ويوجه الأطفال والمراهقين إلي ضرورة إتباع التصرف السليم ، ومن المفيد جدًا أن يجعل الكبير جل اهتمامه منصبًا على السلوك السليم الذي يجب على الأطفال والمراهقين أن يفعلوه وإن عملية التأديب تعلم الطفل كيف يفعل الأمور السليمة، بينما نلاحظ أن العقوبة وحدها قد تعترض أحيانًا عمل التأديب، كما أن الاندفاع فورًا أحيانًا لتطبيق العقوبة نتيجة خرق القوانين والتعليمات أو نتيجة ارتكاب سلوك خاطئ قد يصرف التركيز عن السلوك الإيجابي المطلوب من الطفل ، وعندما تصبح العقوبة أمرًا ضروريًا لا مفر منه، فمن المهم جدًا توجيه سؤال للطفل أو المراهق عما يجب عليه أن يقوم به كي لا تتكرر هذه العقوبة له مرة أخرى في المستقبل غدًا ارتكب الخطأ السلوكي ذاته.

وإذا لم يتعلم الأطفال والمراهقون طرقًا بديلة للتعامل مع الحالات التي يتعرضون لها في حياتهم فيمكن أن يبدؤوا تطوير انحراف سلوكي مزمن يؤثر عليهم في مستقبل حياتهم، والسر الذي يمكن فيه توقيف الانحراف السلوكي المزمن يبدأ من عملية توجيه الأسئلة المناسبة، ولعل السؤال الأول الذي يفرض نفسه هو: (ما الذي يحدث لهذا الطفل؟) ولا ريب دائمًا أن هناك سببًا للانحراف السلوكي المزمن، وأن هذا السبب هو متعلق عادة بالمشاعر اللاواعية، ويجب تذكير الطفل بما يجب عليه القيام به لتحريض الوعي الكامن لديه، وإذا بدأ الأطفال والمراهقون تطوير انحراف سلوكي مزمن فقد تتشكل لديهم مناعة قوية ضد العقوبة.

فإذا حدث مثل هذا الأمر يصبح من المهم جدًا أن يوجه الكبار الأسئلة المناسبة عن المشاعر التي دفعت الطفل إلي التصرف بمثل ذلك السلوك الخاطئ، فالطفل الذي يعاني من بعض المشكلات أو الأمراض العصبية، أو غيرها من الأمراض النفسية، كاكتئاب مثلًا، قد لا يكون قادرًا على ضبط سلوكه وتصرفاته بالشكل المطلوب...

وإن تكرار معاقبة الأطفال والمراهقين على السلوك والتصرفات الخاطئة التي لا يستطيعون السيطرة عليها والتحكم بها ينشئ لدى كل من الطفل والكبير المشرف عليه مشاعر الكراهية الشديدة ، وإن إجراء فحص طبي شامل لمثل هؤلاء الأطفال والمراهقين هو الطريقة الأفضل لتحديد ما إذا كانوا يحتاجون الدعم الطبي الذي يحتاجه الطفل ليساعده على ضبط سلوكه وتصرفاته الخاصة.

وأخيرًا، فإن تعليم الأطفال طريقة (توجيه الأسئلة) المناسبة عن سلوكهم سيساعدهم على تعلم (ضبط النفس)، بل إن تعليم مثل هؤلاء الأطفال هذه الطريقة حتى بعد حدوث الحادث يمكن أن يساعدهم على إدراك السبب الذي فعلوا من أجله ما فعلوهن وما الذي يجب عليهم أن يتصرفوا به في المرات التالية في الحالات المماثلة ، وبهذا نرى أن عملية (توجيه الأسئلة) هي، دون أدنى شك، إحدى الطرق الفعالة جدًا من طرق (التأديب الفعال) وهي أداة تشخيص هامة وفعالة جدًا

من كتاب
متعة التعلم
كيف تكون المدرسة مكان محبب لابنائنا