الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اسم وحكاية.. إطلاق اسم عائلة الفدائيين على آل الشاعر فى بورسعيد

صدى البلد

ظلت محافظة بورسعيد على مدار العصور منذ ولادتها ترسم صورا للبطولات والملاحم الوطنية، والتى اتخذتها بعض البلدان على مستوى العالم مادة علمية تدرس فى مدارسهم وجامعاتهم، لما اتسم به المواطن البورسعيدى من صفات وجينات عجز الكثيرون عن تفسيرها. هذا وكانت عائلة "الشاعر" من ضمن تلك العائلات التى أطلق عليها المصريون بوجه عام من الخبراء والمؤرخين "عائلة الفدائيين".

وذكر عدد من المؤرخين الذين درسوا هذه العائلة الوطنية أنها ترجع إلى نسب شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم "حسان بن ثابت"، وقدمت إلى بورسعيد من الجزيرة العربية مع افتتاح "قناة السويس"، حيث استقرت فى بورسعيد.

الأم "أمينة الغريب" أم الفدائيين

وعائلة "الشاعر" عائلة فداء ونضال، ونبدأ بالسيدة أمينة محمد الغريب، وهي والدة الإخوة الفدائيين الثلاثة "يحيى الشاعر" و"محمد هادي الشاعر" و"عبد المنعم الشاعر"، فأثناء العدوان الثلاثي تم تخبئة الجهاز اللاسلكي الوحيد في منزلها للاتصالات مع رئاسة الجمهورية وإدارة المخابرات العامة، واستضافت بشكل مستديم كل من ضابط اللاسلكي "فرج محمد فرج عثمان"، والصاغ أركان حرب "سعد عبدالله عفرة "، وذلك طوال مدة الاحتلال الإنجلوفرنسي على بورسعيد وبورفؤاد، علاوة على تخبئة عدد من ضباط المخابرات العامة المصرية بعد تسللهم ودخول المدينة وكان أيضا منزلها المقر الرئيسي لقيادة المقاومة السرية المسلحة في بورسعيد.

وعندما اكتشفت القوات البريطانية وجود جهاز لاسلكي في منطقة تواجده بمنزل عائلة "الشاعر" بشارع الثلاثيني ومحمد علي (بيت أبو سلامة) أحاطت القوات البريطانية بالمسكن لتفتيشه، بينما كانت تحوم طائرة هليكوبتر فوق سطح المبنى، منعا لهروب أو اختباء أحد من المنزل وكانت الشوارع المحيطة بالمنزل تتواجد بها الدوريات البريطانية.

وفور التقاط إشارة الجهاز اللاسلكي وتحديد مكان المنزل اقتحمت القوات العسكرية البريطانية المنزل، وبسرعة مذهلة قامت الفدائية البطلة أم الفدائيين "أمينة محمد الغريب" بحيلة الإدعاء بالإغماء على الجهاز وطلبت من ابنها "عبد المنعم" إحضار لحاف وبطانية لتغطية الجهاز وقد انحنت عليه، حتى تبعد انتباه جنود الدورية، حيث كان يخبأ الجهاز، ونجحت حيلتها مما أدى لمغادرة الدورية للمسكن وتم تخبئة عدد من الأسلحة والذخائر في منزلها.

وتم أيضا في منزلها وضع الخطة النهائية المشتركة بين الصاعقة والمقاومة السرية المسلحة، لمهاجمة معسكر الدبابات البريطاني، والتي اشترك في وضعها كل من اليوزباشي جلال الهريدي، واليوزباشي سمير غانم، ويحيى الشاعر، ووافق عليها الصاغ أركان حرب سعد عبد الله عفرة، مندوب الرئيس "جمال عبد الناصر".

وبعد انتهاء العدوان تم طلب إعطائها نيشان الكمال، وذلك تقديرا لما قامت به لتاريخ مصر وهناك عدد من الوثائق المدونة بخط كل من الصاغ أركان حرب  سعد عبدالله عفرة، واليوزباشي سمير غانم، والملازم فرج محمد فرج عثمان، لعدد من نشاطاتها.

- الأب "محمود الشاعر" أبو الأبطال
أما الوالد الحاج "محمود الشاعر" فهو من غرس في الأخوة الثلاثة يحيى ومحمد هادي وعبد المنعم، الوطنية، من خلال القصص التى كان يرويها لهم عن ثورة 1919 واشتراكه فى المظاهرات التى واكبت هذه الأحداث حتى يصنع منهم رجالا وأبطالا لا يتوانون عن خدمة وطنهم، فصاروا البطل رحمة الله عليه محمد هادي الشاعر، كبير معلمي اللغة الإنجليزية، والبطل الدكتور يحيى الشاعر، ظابط مخابرات وحاليا استشارى كمبيوتر. I .T في ألمانيا، والبطل الراحل عبد المنعم الشاعر رحمة الله عليه، كبير مشرفى مركز تدريب هيئة قناة السويس.

- الأبناء "محمد وعبد المنعم ويحيى" الأخوة الأبطال
ونأتي إلى الأخوة الأبطال "محمد هادى الشاعر" ضابط احتياطى فى المجهودات الفدائية ضد الإنجليز وقوات الاحتلال فى منطقة قناة السويس وتطوع فى حرب فلسطين 1948، واشترك فى العديد من العمليات العسكرية الفدائية في منطقة القنال مشاركة مع بعض الضباط الأحرار فى الإسماعيلية الذين ورد اسمائهم فى كتاب "الوجه الآخر للميدالية"، وكذلك أخويه البطل الفدائي عبد المنعم الشاعر، المجند بالقوات البحرية المصرية، ويحيى الشاعر الذي قام مع "السيد البوص" بدفن جثة الملازم "أنطوني مورهاوس"، لتفادي اكتشاف البريطانيين لجثته، والتمويه على موته، حتى لا ينفذ الجنرال "هيوج ستوكويل" تهديده بنسف حي العرب في المدينة.

- قصة نسف الأخوة لتمثال ديليسبس
قام يحيى الشاعر، وشقيقه عبد المنعم الشاعر، بنسف وتفجير تمثال ديليسبس وانزاله من على قاعدته صباح يوم ٢٣ ديسمبر ١٩٥٦ وساعدهما جاويش المظلات "حسني عوض".

وقد تم اختيار يحيى الشاعر تحديدا من قبل اليوزباشي سمير غانم، لتفجير تمثال ديليسبس لشجاعته ووطنيته وتقديرا لعائلته ودورها الوطني ولم يكن عمره يتعدى الثامنة عشر وقد شاركه أخيه عبد المنعم الشاعر هذا العمل البطولي، وتم تكليفه بهذه المهمة ليحيى وعبد المنعم من اليوزباشي "سمير غانم"، عندما رغبا في مشاركة أخيهما الثالث محمد هادي قال إنه يقوم بمهمة أخرى في حي الافرنج وبدأ الشقيقان في تنفيذ المهمة في تفجير ديليسبس ليسجل اسمهما واسم عائلتهما الفدائية بحروف من نور.

إن ملحمة أسرة "الشاعر" ببورسعيد مثال الكثير من أبناء بورسعيد الشرفاء الذين صدوا العدوان عن تراب بلدهم بورسعيد، وقدموا بطولات نادرة جعلت الكثيرون من أبناء الباسلة ينحنون إجلالا لبطولات الفدائيين من أبناء بورسعيد الذين ألقوا الرعب فى صفوف القوات المعتدية وما أصابهم من انهيار ولما اشتدت عليهم حملات الفدائيين وإذا بالانسحاب المتباطئ يسرع خطاه لحمته الخزى والعار.

- بصمات الأبطال عقب الانتصار على العدوان على مصر والأحفاد
تركت عائلة الفدائيين بصمات واضحة لخدمة المجتمع المصرى بوجه عام والبورسعيدى بوجه خاص عقب الانتصار على قوى العدوان الغاشم فجاء البطل رحمة الله عليه محمد هادي الشاعر، ليكمل مسيرة العطاء حتى وافته المنية كبير معلمين اللغة الإنجليزية.

اما البطل الدكتور يحيى الشاعر، فعمل ظابط مخابرات وحاليا استشارى كمبيوتر. I .T في ألمانيا.

وتأتى أسرة البطل الراحل عبد المنعم الشاعر رحمة الله عليه، والذي توفي في 23 مارس 2014، وكان كبير مشرفى مركز تدريب هيئة قناة السويس وكان متزوجا من ابنة السيد محمد ابو الحسن الصافي، والذي عين لإدارة فندق وكازينو "بالاس" من قبل المسيو "سيمونيني" صاحب الفندق.

وامتدادا لمسيرة العطاء والوطنية مازال أبناؤه يشاركون في الحياة العامة مثل آبائهم وأجدادهم وهم الأستاذ الدكتور جاسر عبد المنعم الشاعر، أستاذ طب وجراحة العيون ببورسعيد، ونائب رئيس المجلس الأعلى للثقافة ببورسعيد، والدكتورة مروة عبد المنعم الشاعر، أستاذ الباثولوجي بالمركز القومي للبحوث.

فاستحقت عائلة مصرية كافحت من أجل هذا الوطن وسجلت اسمها بأحرف من نور في صفحاته التي يعتز بكل الشرفاء والمجاهدين أن يطلق عليها "عائلة الفدائيين".