الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رئيس اتحاد الناشرين: تراث نجيب محفوظ وطه حسين فى خطر.. الثقافة لا تهتم بالكتاب والقراءة.. وأفضل مبدعى مصر كانوا فى عصر الملكية

سعيد عبده - رئيس
سعيد عبده - رئيس اتحاد الناشرين

  • سعيد عبده:
  • القراءة والنشر الأقل نصيبا بين المشروعات الثقافية فى عهد الوزارة الحالية
  • دار المعارف كانت أشبه بمريض مات ونجحنا بإمكانات محدودة
  • الوسائط الحديثة ليست ضد الكتاب الورقى.. وحققنا أكثر من 50 ألف دولار من النشر الصوتى
  • تراث نجيب محفوظ وطه حسين فى خطر
  • أفضل مبدعى مصر كانوا فى عصر الملكية

استضاف موقع "صدى البلد" سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين ورئيس مجلس إدارة دار المعارف، فى ندوة خاصة، وذلك بمناسبة حصول دار المعارف على جائزة أفضل دار نشر فى الوطن العربى من معرض الشارقة الدولى للكتاب بدولة الإمارات، والتى كشف خلالها سعيد عبده عن الخطط المستقبلية لدار المعارف للتطوير فى مجالات النشر لتقديم محتوى يليق بالقارئ المصرى والعربي، فضلا عن العوامل التى ساعدت فى عودة الدار مؤخرا لمكانتها الريادية.

ماذا بعد هذه الجائزة لدار المعارف فى قطاع النشر؟

دار المعارف لها تاريخ عريق وممتد لما يزيد على 130 عاما، حيث تم إنشاؤها عام 1890، والدار دوما كان لها دور عريق ليس فقط فى مصر ولكن فى العالم العربى، ودائما ما تميزت بتقديم كل ما هو مبتكر ورائد فى مجال النشر على مستوى الوطن العربى بأكمله، حيث كان دورها ممتدا فى مجال النشر للوطن العربى بأكمله، وهو الأمر الذى كان بمثابة تحدٍ كبير لى بعد أن توليت المسئولية.

كان من حسن حظى أن بداية تعيينى بعد أن تخرجت كانت فى دار المعارف، ولذلك كنت شاهدا على مراحل الازدهار والريادة التى تميزت بها دار المعارف على مدار تاريخها، إلا أننى حينما عدت للدار من موقع المسئولية فوجئت بأنها تتعرض لموجة انحسار كبيرة أثرت على إمكانياتها فى مواصلة دورها، حيث فوجئت بأن هناك عناوين كتب غير موجودة بالمخازن أو المكتبات بفعل نفاد الكميات، ووجدت فجوات كبيرة موجودة، حتى أن القائمين على عملية النشر بالدار لم يكونوا على دراية بالكتب والعناوين التى تحتاج إلى إعادة طباعة أو دراسة السوق لمعرفة ما يهتم به القراء للتركيز عليه فوجدت دار المعارف أشبه بالمريض الذى مات وليس فقط فى غرفة الإنعاش، وهذا هو المصطلح الذى تحدثت به مع قيادات المجلس الأعلى للصحافة وقت تكليفى برئاسة مجلس إدارة الدار.

وفور تولي المسئولية بدأ على الفور بالعمل وفقا للإمكانات المتاحة، واستغلال ثروة دار المعارف وحسن استغلالها والتى تتمثل فى إصدارات دار المعارف على مدار تاريخها والتى تعتبر هى الثروة الحقيقية للدار وبحث ما يحتاج أن تعاد طباعته وما يحتاج إلى أن يصدر فى شكل إلكترونى أو رقمى، خاصة أن الوسائط الحديثة ليست ضد الكتاب الورقى، كما يروج البعض، ولكنها مكملة له نظرا لانها تعتمد أيضا بشكل رئيسى على المحتوى، كما أنها تساعد على تحقيق أرباح أكبر لدار النشر والمؤلف.

تمكنا خلال الفترة الماضية من إنتاج أكثر من 5200 عنوان كتاب جديد بإمكانيات محدودة جدا، وهو الأمر الذى ساعد فيه إنشاؤنا مركز زايد للنشر الإلكترونى بالتعاون مع دولة الإمارات الشقيقة وهو الأمر الذى تحقق باستخدام 5 موظفين فقط بالدار، كان يتم اتهامهم بأنه لا طائل من تواجدهم وأنهم من المفترض أن يتم فصلهم لعدم جدواهم، إلا أنه الآن أصبح حصاد هؤلاء الموظفين أنفسهم مليون جنيه أرباحا لدار المعارف، وبعدها دخلنا فى مجال الكتاب الصوتى وكان أول عائد للنشر الصوتى 50 ألف دولار.

ما هى أزمة المبدعين فى مصر؟

الأزمة الأولى لأى مبدع أنه لا يجد فرصة خاصة فى البدايات، خاصة أنه لا يوجد ناشر يمكن أن يغامر بإنتاج عمل لمؤلف غير معروف، وهنا يتجلى دور مؤسسات النشر العريقة مثل دار المعارف فى اكتشاف المبدعين الجدد ومنحهم الفرصة، خاصة فى البدايات، وهو ما خلق فكرة المؤلف الناشر الذى ينتج عمله بنفسه ويعمل على تسويقه فى المكتبات وهو أمر مردوده سيئ فى الأغلب، والتجربة أثبتت فشل هذا النوع من الإنتاج الثقافى.

وهذا ما دفعنا للاتفاق مع وزارة الشباب على عمل مسابقات فى 3 مجالات رئيسية هى الشعر والرواية والقصة القصيرة، ويحصل الـ 5 الأوائل فى كل فرع على جوائز مالية من وزارة الشباب، فيما تعمل دار المعارف على نشر أعمالهم الفائزة، وهى مسابقة تنظم على مستوى الجمهورية، حتى أن الجوائز وصلت هذا العام إلى 3 أضعاف فى عهد وزير الرياضة أشرف صبحى.

ولا يتوقف دور دار المعارف تجاه هؤلاء المبدعين الجدد عند حد نشر أعمالهم فقط ولكن تتبناهم الدار بأن توقع لهم عقودا مثلهم مثل أى مؤلف متعاقد مع الدار ويكون لهم نسبة فى المبيعات التى تحققها أعمالهم، وهذه تكون بمثابة دفعة جديدة لهؤلاء المبدعين الجدد.

كما أطلقت الدار مؤخرا مبادرة تحت عنوان "أسرة تقرأ.. أمة تنهض"، وذلك من خلال إقامة معارض للكتاب فى فروع الدار بالمحافظات بالتعاون مع الناشرين المصريين، وهو الذى حقق نجاحات كبيرة خلال الفترة الماضية باستمرار معرض الكتاب بالإسكندرية لمدة 6 أشهر متواصلة.

هل قانون حماية الملكية الفكرية يحتاج إلى تعديلات لدعم صناعة النشر فى مصر؟
قانون حماية الملكية الفكرية فى مصر يحمى حقوق المؤلف لمدة 50 عاما، وبعدها تتحول هذه الحقوق إلى ملكية عامة، إلا أنه فى معظم الدول الأوروبية والعربية مدت هذه المدة إلى 70 عاما، وهذا سيكون سببا فى استغلال بعض الدول هذه المادة فى استغلال المنتج الثقافى المصرى دون الخضوع لأى حقوق خلال فترة الـ 20 عاما الفرق بين قوانيننا وقوانينهم، وهذا سيؤدى إلى ضياع حقوق المنتج الإبداعى والثقافى المصرى.

ويجب تعديل هذا النصر وزيادة مدة حماية الملكية الفكرية لـ 70 عاما حتى يتسنى لورثة المبدعين التمتع بحقوق الملكية الفكرية، فضلا عن أن فترة الـ 20 عاما هذه يتبقى فيها حقوق ملكية فكرية لمبدعين بحجم طه حسين ونجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل، وهى فترة ازدهار وزخم للثقافة المصرية، وهذه المؤلفات لو لم يعدل القانون وخرجت للملك العام فى هذا التوقيت سنخسر كثيرا، وهى كلها مؤلفات خرجت فى العصر الذهبى للثقافة والإبداع فى مصر وهى الفترة ما بين 1920 – 1950.

لماذا ظهرت الإبداعات الثقافية فى هذه الفترة ولم تستمر بعد ذلك؟
المناخ هو الذي يصنع الثقافة وهذه الفترة بكل عواملها من إتاحة المعرفة وقبول التنوع والاختلاف، فضلا عن المناخ السياسى ساهمت فى تقديم مبدعين جدد.

للأسف أفضل مبدعين فى مصر كانوا فى عصر الملكية وليس بعد ثورة 1952، لهذا نحن حريصون على إتاحة المناخ الملائم للإبداع وإتاحة الإنتاج الإبداعى.

ما الخلل الذى يؤدى إلى انتشار القرصنة على الكتب وتزويرها رغم وجود القوانين ووجود وسائل حماية قانونية لدى الناشرين؟
الخلل هنا فى القانون نفسه نظرا لأن العقوبة فى القانون تشجع على الإجرام وتشجع على ارتكاب المخالفات فنجد أن استثمارات بمئات الآلاف تضعها دار نشر من أجل الحصول على حقوق طباعة وتكاليف طباعها ويهدرها المزور أو المقرصن بسبب أن القانون غير رادع بشكل كافٍ، خاصة أن الغرامة فقط 10 آلاف جنيه، وهذا ما يشجع على زيادة أعداد المزورين، والحبس غير وجوبى بالنسبة للقضاة، فالقضاة ينظرون فى القضايا على أنها ليست جنحة أو جناية.

كما أنه أصبح لدينا شبكة عنقودية تصل إلى الأماكن التى يتم طباعة الكتب فيها ويتفقون مع أصحاب المطابع على طباعة نسخ لهم بعد أن يتم تسليم المالك الأصلى كتبه بنفس الأفلام والزنكات التى تم إعدادها من أجل المالك الأصلى.

هل الناشرون يساهمون فى ضياع حقوقهم بالمبالغة فى تسعير الكتب مما يساعد على رواج التزوير؟
بالتأكيد، يجب أن يكون هناك تسعير عادل للكتاب بما يتلاءم مع تكلفة الطباعة وتكاليف التعاقد مع المؤلف، بما يساعد على تسعير الكتاب بشكل عادل يكون فى متناول القارئ، فهذا سيساعد على انتشار الكتاب وتحقيقة مبيعات كبيرة.

هل دار المعارف والناشرون فى مصر لديهم تقصير فيما يخص أدب الطفل وهو ما أدى إلى توجه الأطفال للثقافات الغربية؟

بالطبع، وهذا ما نلمسه من خلال انتشار العنف بين الأطفال بسبب توجههم للثقافات الغربية وتراجع دور أدب الطفل المصرى كبديل للمنتج الغربى المقدم للأطفال.

نحن فى دار المعارف لدينا أكثر من 600 عنوان فى مجال أدب الطفل وهى أكبر مكتبة عربية فى مجال أدب الطفل، خاصة أننا لدينا كتبا للأطفال ساهمت فى تكوين وجدان الأطفال على مر العصور، وهو ما دفعنا للاهتمام بالمكتبة الخضراء وأنتجنا منها أكثر من 40 عددا جديدا وغيرنا التصميمات الداخلية واستقطبنا مؤلفين جدد وفى ظل كل هذا حافظنا على عدم رفع سعرها.

والدور الأكبر فى هذا الشأن يجب أن يكون للأسرة، والأسرة مشغولة بمتطلبات الحياة والمدرسة تراجع دورها ولم يعد هناك تحديث للمكتبات المدرسية بالكتب المعرفية بل وتم إلغاء حصة المكتبة رغم أن هناك أموالا تستقطع من مصروفات المدارس لصالح تحديث هذه المكتبات، إلا أن هذا لم يحدث على أرض الواقع.

لماذا لم نعد قادرين على استنساخ تجربة مثل "القراءة للجميع" تحمل نفس الزخم؟
للأسف المشاريع فى مصر ترتبط بأفراد وبتغير الأفراد تتغير المناهج والمشروعات، وهذا هو ما يؤدى إلى وأد المشروعات بعد ذهاب أصحابها.

ومشروع مكتبة الأسرة كان يشهد زخما كبيرا وكانت ترعاه فى مصر 7 وزارات حكومية، فضلا عن أنه كان حولها زخم إعلامى كبير.

ما تقييمك لتركيز الدكتورة إيناس عبد الدايم على الاهتمام بنشاطى المسرح والأوبرا بشكل أكبر من المشروعات المتعلقة بالقراءة باستثناء النقلة التى حدثت لمعرض القاهرة الدولى للكتاب؟
ما زال نصيب صناعة النشر والصناعات الثقافية المرتبطة بالقراءة هى أقل الشرائح اهتماما ورعاية من قبل وزارة الثقافة، بالرغم من أن هناك مشروعات محترمة لها اأثر جيد فى مجال النشر والقراءة مثل مكتبة الأسرة، ولكن للأسف لا نجد تركيزا إعلاميا جيدا عليه أو اهتماما بالشكل الكافى.

ما المشروعات الجديدة لديك فى مجال الترويج للقراءة وشراء الكتب؟
تقدمت بمشروع شارع مكتبات 30/6 ليكون مقرا وتجمعا لعدد من المكتبات والناشرين لعرض منتجاتهم الثقافية، خاصة أن صناعة الكتب والنشر من الصناعات المهمة التى يمكن أن تحقق رواجا وريادة ليس فقط على المستوى الثقافى ولكن أيضا على المستوى الاقتصادى، فقد كان تصدير الكتاب المصرى فى عهد الملكية فى المرتبة الثانية بين الصادرات المصرية بعد تصدير القطن، فقد كنا نصدر كتب العلم والثقافة والدراسة لمختلف دول الوطن العربى، كما أننا نحتاج إلى التواصل بشكل أكبر مع الدول الأفريقية لتحقيق التكامل فى مجال الصناعات الثقافية، خاصة أن هناك دولة أفريقية لا يوجد لديها دور نشر وتعتمد فى طباعة كتبها فى دول مثل إيران وتركيا والصين، فلماذا لا نذهب بشكل أكبر لأفريقيا لتحقيق تكامل اقتصادى وثقافى معها؟